أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

(تحقيق خاص) التهريب ومراكز مالية جديدة.. كيف أثّرت تجارة الأدوية قادة الحوثيين وسحبت باقي اليمنيين نحو الموت؟

يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ من مأرب الورد:

توفي إسماعيل صالح -12 عاماً بجرعة دواء “ملوثة” بعد أن حقن بها لمعالجته من مرض اللوكيميا، رفض الحوثيون منح عائلته شهادة وفاة من مستشفى حكومي في صنعاء فصارعت عائلته لإيصاله عبر نقاط التفتيش إلى مدينة إب -وسط اليمن-.

إسماعيل هو واحد من عشرة أطفال توفوا بسبب الجرعة الملوثة بين50آخرين حقنوا بذات العلاج في مركز لعلاج السرطان في مستشفى الكويت في صنعاء، يبقى طفل آخر في العناية المركزة فيما بقية الأطفال تماثلوا حتى الآن للشفاء-كما يقول الحوثيون.

وتراوحت أعمار الأطفال بين 3 و 15 عاما وتوفوا في مستشفى الكويت بصنعاء بعد حقنهم، وحسب أهالي الأطفال فإن “أسوأ شيء هو أن إدارة المستشفى حاولت إخفاء الحقيقة عنا”.

يكشف هذا واحدة من أكبر الكوارث الطبية والدوائية في اليمن والتي تكررت خلال الأعوام الثمان الماضية.  حيث يدير الحوثيون مملكتهم الخاصة في مناطق سيطرتهم الأكثر كثافة سكانية، إذ تحول الدواء في البلاد إلى واحد من أكبر مصادر الثراء لقادة الحوثيين الذي يديرون شبكات من التهريب الضخمة للاستثمار في صحة اليمنيين.

وتبلغ فاتورة استيراد الأدوية في اليمن نحو 88 مليار ريال سنوياً، وفقاً لإحصائية الهيئة العليا للأدوية التي يديرها الحوثيون.

يجيب هذا التقرير على تساؤل: كيف يدير الحوثيون مملكة الدواء في مناطق سيطرتهم وكيف تحول لأحد أكبر الموارد للثراء والمجهود الحربي؟!

الأمر بالنسبة للحوثيين هي مقايضة “لا تدخل أدوية أممية إلا بتنفيذ قائمة طويلة من المطالب إذا رفضوا ذلك يرفض تقديم الأدوية مجاناً للمرضى”.

رفض عرض منظمة الصحة

وقال مسؤولان مطلعان في وزارة الصحة بصنعاء لـ”يمن مونيتور” إن جماعة الحوثي المسلحة رفضت عرضاً قبل أكثر من عام أن تستمر منظمة الصحة العالمية في تقديم أدوية تستخدم لعلاج مرضى السرطان في اليمن بما في ذلك الأطفال المصابين بـ”اللوكيميا”.

وقالا إن الأمم المتحدة قدمت لوزارة الصحة التابعة للحوثيين تجديداً بأن يستمروا في تقديم الأدوية المهمة لمرضى السرطان في ذروة ضغوط الجماعة المسلحة للمطالبة بفتح مطار صنعاء لإنقاذ مرضى السرطان.

وأضاف أحد المصادر: من بين الأدوية قدمتها الصحة العالمية دواء Methotrexate، لكن الحوثيين رفضوا واستمروا في استخدام الأدوية المهربة وتوزيعها.

وطلب الحوثيون مقابل أن تقدم الأمم المتحدة الأدوية أن تقدم إلى جانبها أجهزة طبية وسيارات إسعاف ميدانية لعلاج جرحى الجماعة في جبهات القِتال؛ أدى ذلك إلى فشل المفاوضات مع الحوثيين.

وتكررت الحادثة أكثر من مرة بينها حادثة عام 2017 حين رفض الحوثيون استلام شحنة لقاحات شلل الأطفال التي وصلت مطار صنعاء الدولي ضمن حملة كانت تنظمها الصحة العالمية واليونيسيف وعادت الطائرة من المطار لتعود في وقت لاحق بعد أن نفذت المنظمة الأممية طلبات الحوثيين بسيارات إسعاف وأجهزة جراحة لحالات الحرب- حسب ما أفاد مسؤولون لـ”يمن موينتور” في ذلك الوقت.

وقال المصدر الذي أطلع على المفاوضات إن الأمر بالنسبة للحوثيين هي مقايضة “لا تدخل أدوية أممية إلا بتنفيذ قائمة طويلة من المطالب إذا رفضوا ذلك يرفض تقديم الأدوية مجاناً للمرضى”.

وقال مصدر آخر لـ”يمن مونيتور” إن الحوثيين اشترطوا على المنظمات المتعلقة بالطفولة شراء الأدوية التي توزع مجاناً للأطفال من قائمة تضم أكثر قليلاً من عشر شركات معظمها جديدة، ورفضوا أن يتم استيراد دواء الأطفال من الخارج.

وأضاف أن “هذه الشركات تابعة للحوثيين وظهرت في الأعوام القليلة الماضية، ولا يضمن أحد الدواء”.

أكد مصدر في منظمة إنقاذ الطفولة اشتراط الحوثيين رافضاً تقديم المزيد من التعليق. فيما رفضت منظمة الصحة العالمية الرد على الرسائل الالكترونية.

يكشف ذلك عن لوبي من الفساد والتهريب في مناطق الحوثيين، في شبكة من المراكز المالية الجديدة التي تبني ثراءً فاحشاً من وراء المرضى.

هناك تحالف بين قادة الحوثيين ومهربي الأدوية لتزويد السوق لذلك فإن تولي منظمة عالمية تقديم العلاج يُضر بالحوثيين وسوقهم المربح في الوقت الحالي

لوبي فساد

وقال مسؤول يعمل في مستشفى حكومي في صنعاء لـ”يمن مونيتور”: يدير طه المتوكل وزارة الصحة وأصدقاءه في الهيئة العليا للأدوية كل شيء متعلق بالدواء في هذه المناطق بما في ذلك -جزئياً- مناطق سيطرة الحكومة حيث تمنح الهيئة التراخيص وتراقب الدواء وتمنع أو تسحب الأدوية وتحدد ما يباع في الصيدلية وما يباع داخل المستشفيات.

يضيف: هناك تحالف بين قادة الحوثيين ومهربي الأدوية لتزويد السوق لذلك فإن تولي منظمة عالمية تقديم العلاج يُضر بالحوثيين وسوقهم المربح في الوقت الحالي.

وأضاف أن الحوثيين استخدموا في أحيان كثيرة أقسام مرضى السرطان لرقود مقاتليهم المصابين وطرد مرضى السرطان من المكان.

يتبين أن الشركة المصنعة لدواء (Methotrexate) الذي يلقي الحوثيون باللوم عليه في وفاة أطفال اللوكيميا هي شركة هندية تدعى (CELON LABS)؛ تملك الشركة وكلاء في اليمن ووكيل الشركة الهندية لهذا العقار هي “مجموعة الإخوة فارما” -حسب مجلة الطبية المتخصصة-. ويعاني المنتج التابع للشركة من مشكلات قضائية في أوزبكستان منذ نهاية العام الماضي حسب وزارة التجارة الهندية التي طالبتها بدفع الاتعاب القانونية.

طه المتوكل يحصل على نسبة 5% من التعاقدات تسلم إلى أحد رجاله، كما يحصل على نسبة من أي دواء جديد يتم استيراده.

لا توجد معلومات عديدة حول المجموعة اليمنية في موقعها الرسمي على الانترنت بالعربية-بالانجليزية يوجد تعريف أنها تأسست في 2002م على الرغم من أنها لم تسجل في دليل المستوردين الصادر في2014؛ لكن مصدراً في هيئة الدواء التي يديرها الحوثيون قال إنها سُجلت في 2017م، وأخذت تعاقدات كبيرة من وزارة الصحة التي يديرها المتوكل.

وحسب مصدر في وزارة الصحة واثنين من ملاك شركات أدوية في صنعاء فإن طه المتوكل يحصل على نسبة 5% من التعاقدات تسلم إلى أحد رجاله، كما يحصل على نسبة من أي دواء جديد يتم استيراده. وقالوا لـ”يمن مونيتور” إن مجموعة “الإخوة فارما” ومجموعة “دغسان” إضافة إلى عدة شركات استيراد يملكها “الشيخ عباس الجبل” وهو مسؤول اتحاد مصنعي الدواء، تملك نفوذاً أكبر للحصول على المستحقات قبل أي شركة دوائية أخرى.

يستثمر قادة الحوثيين في  بما في ذلك “طه المتوكل” و”محمد الغيلي” رئيس هيئة الدواء، و”مطهر المروني” مدير صحة صنعاء، وعدد من القادة العسكريين الأخرين ومسؤول كبير في مكتب عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة يدعى “ابومحمد العياني”،

حيث يستثمر قادة الحوثيين في  بما في ذلك “طه المتوكل” و”محمد الغيلي” رئيس هيئة الدواء، و”مطهر المروني” مدير صحة صنعاء، وعدد من القادة العسكريين الأخرين ومسؤول كبير في مكتب عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة يدعى “ابومحمد العياني”، ومدير مكتب الرئاسة في صنعاء أحمد حامد الرجل القوي داخل جماعة الحوثي ويوفر لهم الحماية الكاملة.

في سبتمبر/أيلول الماضي منحت وزارة الصحة، غير المعترف بها دولياً، شيكاً بقيمة 312 مليون ريال يمني إلى البنك المركزي في صنعاء كمستحقات لمجموعة الأخوة فيما معظم الشركات الدوائية لم تتسلم أي مستحقات- حسب ما أفاد مالك شركة لديها أموال محتجزة بسبب رفض “المتوكل” تسليمها بدون نسبة كبيرة منها، وأطلع “يمن مونيتور” على صورة من الشيك.

 

الصراع في هيئة الدواء

حسب المصدر في الهيئة فإن وجود وكيل لهذا المنتج في اليمن يعني أن الدواء المستخدم ليس مهرب، لكن المشكلة الرئيسية هي منح التصريح لهذا الدواء؛ وأصدر الحوثيون خلال العشرة الأيام الأولى من غضب الناس بسبب وفاة أطفال اللوكيميا قرابة خمسة أدوية من سوق الدواء تملك وكالات محلية-حسب رصد لـ”يمن مونيتور”.

أوقفت الشركات العالمية مختبرات لها في اليمن للتأكد من جودة الدواء، ما  تبقى هو عمل هيئة الدواء، ترفض شركات الدواء العالمية البيع إلا بوجود مختبرات لها لذلك يتم تهريب دواء تلك الشركات.

وتعد الهيئة العليا للأدوية إحدى المؤسسات المستقلة مالياً وإدارياً، التي تنظيم عملية استيراد الأدوية، ومراقبة سوق الدواء، والإشراف على الصناعة الدوائية المحلية، وهي المعنية بالموافقة على الأصناف الدوائية التي تصنع محليا، وتلك التي يتم استيرادها.

قرار إزاحة “البوعاني” جاء بعد رفضه ضغوط من “المتوكل” و”حامد” بفتح الباب أمام مستوردين جدد من الجماعة، وطالباه بسحب تراخيص مستوردي أدوية بحجة “عدم التزامهم بالمعايير الوطنية والعالمية”؛

يدير الهيئة “محمد عبدالله الغيلي” عينه الحوثيون في هذا المنصب، وكان رئيساً للمجلس الطبي الأعلى الذي شكله الحوثيون. في 2009 كان الغيلي نائب لمدير الشؤون الفنية في شركة “يدكو” -إحدى قطاعات المؤسسة الاقتصادية اليمنية(الحكومية)- وهو صاحب التصريح أن الشركة أنتجت مصل مضاد لفيروس أنفلونزا الخنازير (H1N1) في ذروة انتشاره في ذلك الوقت. وكانت تصريحات كاذبة زعم خلالها أن “يدكو” اشترت المواد الخام من شركة هندية لم يحدد اسمها.

جاء “الغيلي” إلى الهيئة في 2021 بعد أشهر فقط من تعيين “سامي البوعاني” رئيساً للهيئة خلفاً ل”محمد يحى المداني” الذي عانى من علاقة سيئة للغاية مع “طه المتوكل” المقرب من “أحمد حامد” مدير مكتب رئاسة الجمهورية.

وقال مصدر مسؤول إن قرار إزاحة “البوعاني” جاء بعد رفضه ضغوط من “المتوكل” و”حامد” بفتح الباب أمام مستوردين جدد من الجماعة، وطالباه بسحب تراخيص مستوردي أدوية بحجة “عدم التزامهم بالمعايير الوطنية والعالمية”؛ رفض الرجل كما رفض قبله المداني والذي أزيح بسبب خلافات على النفوذ داخل الجماعة المسلحة. جاء “الغيلي” ليفتح الباب على مصراعيه دون أي معايير.

كتب “البوعاني” لموظفي الهيئة بعد إقالته: أعتذر عن كل قرار أصدرته رغما عني و أنا أحاول أن أحافظ على الحد الأدنى من النظام في الهيئة العليا للأدوية؛ أرجو منكم الحفاظ ما استطعتم على ما تبقى من الأمل في نفوسكم كي لا تسمحوا للأصابع المرتعشة و النوايا الغير صادقة أن تمعن في التجاوزات و اتخاذ القرارات العشوائية التي ستؤثر حتما على الهيئة و من ورائها صحة الناس”.

تحدثت المصادر لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويتها خشية انتقام الحوثيين.

وعقب تصاعد قضية الأطفال الذين توفوا بسبب الجرعة “الملوثة” قامت هيئة الدواء بسحب عدة أدوية من السوق. منحت تراخيص من قِبل الحوثيين وبقت في السوق سنوات وتسببت بكوارث صحية كما قال مسؤولون صحيون وصيادلة لـ”يمن مونيتور”.

تصاريح الأدوية في عهد الحوثيين

على وقع حاجة الحوثيين للسيطرة على سوق الأدوية وبناء مراكز مالية جديدة وفتح الباب أمام أنصار وقادة الجماعة للاستثمار فيه منحت تصاريح لأدوية ليست ذات معايير عالمية وتجاوزت أبسط الإجراءات.

وعقب تصاعد قضية الأطفال الذين توفوا بسبب الجرعة “الملوثة” قامت هيئة الدواء بسحب عدة أدوية من السوق. منحت تراخيص من قِبل الحوثيين وبقت في السوق سنوات وتسببت بكوارث صحية كما قال مسؤولون صحيون وصيادلة لـ”يمن مونيتور”.

يمكن أن نشير لها في الجدول الآتي إلى الأصناف التي جرى سحبها بين الخامس من أكتوبر/تشرين الأول بعد تقارير وفاة الأطفال وحتى 12 من الشهر ذاته.

التاريخ اسم الصنف الوكيل المحلي الشركة الخارجية الأسباب
5/10/2022 Methotraxate

التشغيلات الآتية:

MT12135BAQ – MT12101BAQ – MT12108BAQ-

– MT12032BAQ

غير مذكور CELON LABS -الهند دون أسباب
5/10/2022 Ultracefop 1 g Cefoperazone Injection السريحي للأدوية ULTRA Laboratories pvt ltd -الهند وجود خلل في جودة الصنف ( غير مطابق )
6/10/2022 NOSPARIVE INJECTION 40 mg / 2ml السريحي للأدوية ULTRA Laboratories pvt ltd-الهند وجود خلل في جودة الصنف ( غير مطابق )
6/10/2022 Paralife infusion 1000mg /100ml طب فارما EUROLIFE الهند

 

مهرب
6/10/2022 LINCOMYCIN INJECTION USP 600mg/1m الشركة الوطنية لتجارة الأدوية Tolno laboratories -الهند مهرب
12/10/2022 KOFEXMALIN BABY COUGH SYRUP غير مذكور MAIDEN PHARMACEUTICALS LIMITED -الهند العلاج هو عبارة عن شراب للأطفال والسبب أنه ملوث: التقارير الصادرة من قبل منظمة الصحة العالمية بان الأدوية الموضحة ادناه تعتبر ملوثة ب ( DIETHYLENE GLYCOL AND ETHYLENE GLYCOL )
12/10/2022 PROMETHAZINE

ORAL SOLUTION BP.

غير مذكور MAIDEN PHARMACEUTICALS LIMITED -الهند لتقارير الصادرة من قبل منظمة الصحة العالمية بان الأدوية الموضحة ادناه تعتبر ملوثة ب ( DIETHYLENE GLYCOL AND ETHYLENE GLYCOL )
12/10/2022 – MAKOFF BABY COUGH SYRUP غير مذكور MAIDEN PHARMACEUTICALS LIMITED -الهند لتقارير الصادرة من قبل منظمة الصحة العالمية بان الأدوية الموضحة ادناه تعتبر ملوثة ب ( DIETHYLENE GLYCOL AND ETHYLENE GLYCOL )
12/10/2022 MAGRIP N COLD SYRUP غير مذكور MAIDEN PHARMACEUTICALS LIMITED -الهند لتقارير الصادرة من قبل منظمة الصحة العالمية بان الأدوية الموضحة ادناه تعتبر ملوثة ب ( DIETHYLENE GLYCOL AND ETHYLENE GLYCOL )

 

جاء قرار سحب دواء ” Methotraxate” الذي تحمله الهيئة ووزارة الصحة المسؤولية في وفاة الأطفال بعد 11 يوماً من إعطاء الأطفال الدواء. توفي الطفل الأول حسب طبيبة في مركز السرطان بعد يومين من اعطاءه الدواء أي في 27 سبتمبر/أيلول.

 كل ما يحصل الآن هو أن يتم السحب بأثر رجعي ثمنه أرواح بشرية فلماذا يتم الإفراج والسماح ببيع منتجات غير مطابقة ومن ثم إعادة سحبها وقد استنفذت كلها أو أغلبها. -رئيس مجلس حكماء نقابة ملاك صيدليات المجتمع محمد النزيلي

وعلى عكس باقي القرارات لم تقدم الهيئة أي أسباب لسحب هذا الدواء من السوق، كما تشير الوثيقة التي أطلع عليها “يمن مونيتور”، وتثير قرارات الحوثيين الأخرى بسحب أدوية أخرى من السوق لنقص في المعايير حديث عن الكوارث التي أحدثتها هذه الأدوية التي رخصت لها الهيئة في أوقات سابقة وعن الفحص المخبري للدواء قبل نزوله إلى السوق الدوائي في اليمن.

وقال رئيس مجلس حكماء نقابة ملاك صيدليات المجتمع محمد النزيلي: المنتجات المعمم سحبها لم تخضع لمعايير الرقابة المخبرية باعتبارها من صميم عمل الهيئة بشكل استباقي.

وأضاف في تصريحات صحافية: كل ما يحصل الآن هو أن يتم السحب بأثر رجعي ثمنه أرواح بشرية فلماذا يتم الإفراج والسماح ببيع منتجات غير مطابقة ومن ثم إعادة سحبها وقد استنفذت كلها أو أغلبها.

وأشار إلى أن: تعاميم السحب ليست سوى محاولة بائسة من الهيئة للهروب من مشكلة كانت هي السبب الرئيسي لحدوثها.

تدفع الشركة/المصنع بين (15.000$ إلى 30.000$) للفريق مقابل اتعاب نزوله إلى الشركة، حتى لو رفضوا المنتج تدفع هذه الاتعاب وبدل سفر عادة يحصل الخبير الواحد على 3000$- كما قال ملاك شركات.

فكيف تمنح تصاريح الأدوية إلى الأسواق؟

يقوم فريق متخصص بالمصانع وشركات الدواء تابع للهيئة العليا للدواء بالنزول إلى الشركات والمصانع المحلية لفحص العينات والتأكد من توافقها مع المعايير الوطنية والعالمية؛ بموجب هذه الشهادة من الفريق المتخصص تنزل الأدوية إلى الأسواق الذي يعقبها زيارات تفتيش دائمة من الهيئة.

معظم المستثمرين قد لا يكون لهم علاقة بالمجال الطبي أو بالصيدلانية يقدمون رأس المال والهيئة هي من تجيز استيراد هذا الدواء أو منعه- حسب ما قال مستثمر محلي يعمل في هذه الصناعة منذ التسعينات لـ”يمن مونيتور”.

تدفع الشركة/المصنع بين (15.000$ إلى 30.000$) للفريق مقابل اتعاب نزوله إلى الشركة، حتى لو رفضوا المنتج تدفع هذه الاتعاب وبدل سفر عادة يحصل الخبير الواحد على 3000$- كما قال ملاك شركات.

وقال مصدر متصل بالموضوع يعمل في الهيئة لـ”يمن مونيتور” خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل أصبحت الفرق التي يتم تشكيلها بعيدة عن المتخصصين، ومعظمهم مقربين من قيادات الحوثيين ورئيس الهيئة “الغيلي”، و”طه المتوكل” الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الهيئة.

وأضاف معظم هؤلاء: إما خريجيين صيدلة سريرية أو خريجيين حديثيين من أنصار الجماعة وتأهيل ضعيف، ولا يملكون أي خبرة بالرقابة ومعايير التصنيع والتغليف والآلات.

الأمر ذاته فيما يخص زيارات التفتيش التابعة للهيئة إلى الشركات والمصانع لمعاينة مطابقتها لشروط التصنيع الدوائي الجيد (GMP) وهم أقل تأهيلاً وانعدام للخبرة.

يشير مسؤول آخر في الهيئة إلى أن “المتوكل” يتقاسم المبالغ من فرق التفتيش والخبراء، يقتطع المتوكل بين 1500 إلى 3000$ لحسابه، فيما يحصل أحد مقربيه الذي أوكلت له مهمة الاستقطاع بين500 إلى 1000دولار ويترك الباقي للمفتشين.

يضيف أن “الخبراء والمؤهلون ذهبوا إلى البيوت أو يعملون مع مستوردين أو خرجوا خارج البلاد للعمل في شركات دوائية كبيرة بسبب مضايقات الحوثيين وإحلال غير المؤهلين بديلاً عنهم”.

الهيئة تريد أن تحل نفسها كمستثمر بدلاً من المستثمرين أنفسهم، بدلاً من الاتجاه نحو التكنلوجيا والتصنيع تنفيذاً لأهداف تأسيسها منذ بداية السبعينات.

تحويل الهيئة إلى استثمار وشبكات تهريب

لا تكتفي الهيئة بإنهاء أي معايير لأمان الدواء المستورد وفتح الاستيراد لأنصار الجماعة وإثراء قادتهم، وتهميش رأس المال الوطني ودفعه للمغادرة. بل إن الهيئة تريد أن تحل نفسها كمستثمر بدلاً من المستثمرين أنفسهم، بدلاً من الاتجاه نحو التكنلوجيا والتصنيع تنفيذاً لأهداف تأسيسها منذ بداية السبعينات.

في مقابلة مع قناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين في يونيو/حزيران أعلن الغيلي أن الهيئة العليا للأدوية ستتحول إلى هيئة استثمارية معلناً عن مشروع “الصيدليات الاستثمارية” وخصص مبلغ مليار ومائتي مليون ريال يمني (الدولار=553 ريال). ما يعني تحويل الهيئة من جهة رسمية تراقب سلامة وجودة الدواء إلى جهة تجارية تنافس المستوردين والصيادلة لتبيع الدواء في صيدليات لا تدفع ضريبة وجمارك باعتبارها تابعة للدولة ولا تخضع للمراقبة لأنها تابعة للهيئة.

يبرر الغيلي مشروعه ببيع الدواء بسعر التكلفة، في وقت ارتفعت أسعار غالبية الأدوية بنسبة 300 في المائة مقارنة بأسعارها قبل الحرب، يعود ذلك لانهيار العملة الوطنية والإتاوات والجبايات التي تفرضها جماعة الحوثي على الصيادلة والمستوردين، والتي تضاف إلى قيمة الدواء ما يضيف عبئاً جديداً على المرضى، لا سيما المصابين بالأمراض المزمنة.

ولم يُعرف ما إذا كان مشروع “الصيدليات الاستثمارية” تم تنفيذه إذ واجه معارضة شديدة من الصيادلة والمستوردين، لكن يبدو أن “الغيلي” و”المتوكل” ومدير الصحة في أمانة العاصمة صنعاء مطهر المروني والمدير الرقابي لاتحاد مصنعي الأدوية الشيخ عباس الجبل يتشاركون عديد من الصيدليات التي تبيع أدوية مهربة- حسب ما أفادت مصادر مطلعة لـ”يمن مونيتور”.

في وثيقة بتاريخ 10 أغسطس/آب 2022 بعث الغيلي برسالة إلى الهيئة في عدن -تتبع الحكومة المعترف بها دولياً- يطالبها بالإفراج عن “الأدوية السرطانية” التابعة لصيدلية أمان الحديثة للأدوية والمستلزمات الطبية، “التي يتم توزيعها وبيعها للمؤسسات الخيرية وصندوق مكافحة السرطان وغيرها في تعز وصنعاء حيث والأصناف شبه معدومة ونادرة الوجود لاستيرادها”-حسب المذكرة.

وقال أحد المسؤولين في الهيئة الذين تحدثوا لـ”يمن مونيتور” عند اطلاعه على الوثيقة “إن الأدوية يفترض استيرادها عبر شركات الاستيراد التي تملك القدرات المالية والمخازن المبردة والخبيرة في طرق نقلها وحمايتها وليس صيدليات بسيطة”. مستغرباً أن تقوم “الهيئة بدور سمسار وساطة”.

وأشار إلى أن “التجار المسجلون في وزارة التجارة والصناعة والهيئة هم من يحق لهم الاستيراد بموجب القانون، الصيدليات ليست مخولة هي جهة تبيع الدواء للمستهلك”.

وأضاف المسؤول: هذه واحدة من طرق التهريب، ومن المخيف أن تشارك الهيئة فيها بعيداً عن الوكلاء في اليمن والشركات المُصنعة، هذه قرصنة ستؤدي إلى مخاطر كبيرة على المرضى فلا توجد أي ضمانات أو رقابة على التزامها بمعايير الأمن الدوائي من التخزين إلى النقل إلى البيع.

في ذلك الوقت شارك قادة الحوثيين في وزارة الصحة والسياسيين المهربين على بيع الاختبارات للمختبرات في صنعاء؛ وصل قيمة الاختبار الواحد إلى 300$. فيما كان مجاناً في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

استخدام المساعدات الصحية

خلال أزمة كورونا رفض الحوثيون أن تقدم منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية اختبارات فحص كورونا في مناطق سيطرتهم، طلبوا فقط قرابة 2000 اختبار فحص لقياداتهم الأولى ومسؤولين آخرين.

في ذلك الوقت شارك قادة الحوثيين في وزارة الصحة والسياسيين المهربين على بيع الاختبارات للمختبرات في صنعاء؛ وصل قيمة الاختبار الواحد إلى 300$. فيما كان مجاناً في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

رفض الحوثيون تقديم أي احصائيات وبيانات بشأن الوفيات والإصابات في مناطقهم، كان الصحافيون وعاملوا الإغاثة يعرفون بتفشي الوباء من خلال حفاري القبور في صنعاء، كانت المقبرة الواحدة في ذروة كورونا في يوليو/تموز 2021 تدفن أكثر من 30 جثة في اليوم الواحد.

جرى اعتقال وانذار وفصل أطباء لأنهم يخبرون مرضاهم بتعرضهم للإصابة بكورونا؛ أما الحديث لوسائل الإعلام فجريمة كبيرة تستوجب عقاب أشد.

حسب مصدر في منظمة رعاية صحية محلية في صنعاء فإن الحوثيين يشترطون أن تكون الأدوية من شركات محددة بالاسم، “هناك عمولات وأمور أخرى متعلقة بها لكننا نلجأ للشراء من صنعاء لأن الحوثيين يرفضون أن تسلم أي أدوية للمستشفيات أو للمرضى دون أن تكون من جهات التي حددوها” “لديهم أعين في كل مكان في أفضل الأحوال سنوضع في القوائم السوداء.

يشير معظم المصادر التي تحدثت لـ”يمن مونيتور” إلى أن حادثة أطفال اللوكيميا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة؛ فقد تفشى الفساد وشبكات التهريب في المؤسسة الأولى المعنية ب”الدواء الآمن” في مناطق الحوثيين، ومن الصعب وقفه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى