مجتمع

مخبز خيري يوفر الرغيف مجاناً لمئات الأسر في تعز

يمن مونيتور/العربي الجديد

يواصل مخبز “معاً لن نُقهر” نشاطه الخيري للعام السادس على التوالي دون انقطاع، في تعز اليمنية، ويعمل يومياً على تقديم رغيف الخبز مجاناً لمئات الأسر النازحة والفقيرة والمتضررة بفعل الأوضاع الراهنة في عدد من أحياء المدينة التي تشهد تردّياً مهولاً في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، وزيادة كبيرة في معدلات الفقر.

وافتتحت مؤسسة “معاً للتنمية” وهي منظمة إغاثية محلية مستقلة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016 هذا المخبز واتخذت موقعاً له بالقرب من جولة سنان الواقعة بوسط مدينة تعز، ليكون منطلقاً لنشاطه الخيري والذي يمتد نحو عدد من الأحياء المجاورة بما فيها حي سنان وحارة عمار ومنطقة الروضة والموشكي وحيي الكوثر والمسبح، وغيرها من المناطق المجاورة للمخبز والتي تعدّ من أكثرها استفادة من خدماته.

أول مخبز خيري في تعز

وشكّل حينها أول مخبز خيري في مدينة تعز وسط اليمن والتي تتصدر قائمة المدن اليمنية الأكثر سكاناً ودماراً وفقداناً للضحايا وفقراً وبطالة وجوعاً واحتياجاً، ويمرّ معظم سكانها بأوضاع مادية ومعيشية مأساوية، وتشتدّ معها حاجتهم لكسرة خبز خصوصاً مع انقطاع الرواتب وندرة الأعمال والمساعدات وغياب مصادر الدخل.

يقول مدير مؤسسة “معاً للتنمية” عصام البتراء، لـ “العربي الجديد”: “افتتحت مؤسستنا مخبز “معاً لن نقهر” كأول مخبز خيري خلال الحرب، وذلك من أجل تسهيل عملية إيصال لقمة العيش للمحتاجين وتقديمها للجياع، وهذا من صميم العمل الإغاثي في المدينة”.

ويضيف، “لمسنا حاجة الناس لرغيف الخبز من خلال نشاطنا الخيري والإغاثي ونقاشاتنا مع المحتاجين وجهات أخرى، وهو ما دفعنا إلى إنشاء هذا المخبز الذي يواصل نشاطه منذ افتتاحه وحتى اليوم”.

ويعمل المخبز خلال الفترة الصباحية وتحديداً في وقت الإفطار، ويحظى بإقبال كبير إذ يصطف عند أبوابه عشرات الأشخاص وذلك في طوابير طويلة، ويحمل كل واحد منهم بطاقة (كارت) عليها اسم رب الأسرة وعدد أفرادها ويحصل بموجبها على قرابة 20 رغيفاً زنة كل واحد 50 غراماً، أي ما يعادل كيلو تقريباً، كما يقول القائمون عليه.

ومرّ المخبز الخيري بعدة مراحل، إذ بدأ العمل بـ 3 أكياس دقيق يومياً وإنتاج حوالي 4 آلاف رغيف وتوزيعها على قرابة 240 أسرة،  ثم رفع في المرحلة الثانية عدد الأسر المستهدفة إلى 360 أسرة، كما زاد في المرحلة الثالثة من طاقته الإنتاجية إلى 8 أكياس دقيق، إذ ينتج يومياً قرابة 10 آلاف رغيف ويستهدف بها أكثر من 1000 أسرة وهو إجمالي العدد اليومي الحالي للمستفيدين من المخبز.

ويتلقى المخبز دعماً من تجار ورجال أعمال محليين، إلى جانب شركة المطاحن التي تقدم له بين الحين والآخر 50 كيس دقيق شهرياً، كما يحاول قدر الإمكان سد فجوة الاحتياج اليومي للرغيف، ومواكبة حالة الإقبال اليومي الكبير والذي يتزايد يوماً بعد آخر جراء استمرار الحرب والحصار وما رافقه من أزمة غذائية حادة.

رغيف الخبز لسدّ الرمق

وشهدت مدينة تعز خلال السنوات الأخيرة، إنشاء العديد من المخابز الخيرية والتي تسجّل إقبالاً ملحوظاً من قبل السكان، كما تتباين المناطق والشرائح التي تستهدفها وكذا مدة نشاطها، إذ يتسم بعضها بالموسمية.

وتحضر أقراص خبز الروتي اليمني والرغيف في مختلف الموائد اليمنية، إذ تعتمد عليها عشرات الأسر وبدرجة أساسية في سد رمقها وإشباع جوعها وحل مشكلة عجزها عن توفير وجباتها الغذائية المتكاملة، والتي تقول تقارير أممية إن ملايين اليمنيين يعجزون عن تأمينها.

وتغطّي كميات الروتي والرغيف المجاني التي تتلقاها الأسر الصغيرة من المخبز الخيري حاجتها بشكل شبه كلي، في حين لا تكفِ نظيرتها الكبيرة، ومع ذلك فإنها تسد ّالفراغ الذي يخلفه غياب الغاز المنزلي، وصعوبة الحصول عليه، وندرة السلع الأساسية، وغلاء ثمنها وتخفف أيضاً من عبء الإنفاق اليومي.

وتصل قيمة الروتي اليمني والرغيف المجاني الذي تتلقاه بعض الأسر في اليوم الواحد إلى 3 آلاف ريال (ما يعادل 3 دولارات أميركي) وهو مبلغ يعجز الكثيرون عن تأمينه في ظل تدني مستوى الدخل، وتراجع قيمة القدرة الشرائية، وانهيار قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية الأخرى.

 

ويهدف القائمون على مخبز “معاً لن نُقهر”، إلى تلبية احتياجات مئات الأسر لرغيف الخبز والذي تعجز عن تأمينه في الوقت الذي ارتفعت أسعاره في المخابز التجارية بشكل كبير، ووصلت مؤخراً قيمة القرص الواحد إلى 50 ريالاً ما يعادل 50 سنتاً من الدولار الواحد.

ويحتاج المخبز حالياً للتوسعة ورفع طاقته الإنتاجية، حسب المشرف عليه محمد سيف والذي يشير إلى تبني إدارة المؤسسة خطة لتوسعته وتتمثل في تشغيله باليوم الواحد لفترتين صباحية وأخرى مسائية، لكن ذلك غير ممكن في ظل الصعوبات البالغة التي تواجهه ومنها انقطاع الكهرباء وتعطل معداته التي تتطلب صيانة وإصلاحاً عاجلا.

ويشعر المستفيدون من المخبز بالامتنان والعرفان حيال هذه المبادرة الإنسانية، إذ يقول المسن عبده غالب لـ”العربي الجديد “، إنّ “المخبز جيد ويقدم لنا وجبة صباحية، ويسدّ حاجتنا اليومية من الرغيف، وهو مستمر في ذلك على مدار السنة”.

وينال المخبز استحسان الناشطين أيضاً، بمن فيهم الناشط عمر السروري الذي لفت في حديثه لـ “العربي الجديد” إلى أنّ المخبز الذي يتوافد عليه الكثير من الفقراء والمحتاجين في صباح كل يوم “يقوم بدور فعال في المجتمع، كما يعدّ نموذجاً يُحتذى به وينبغي على التجار ورجال الأعمال وفاعلي الخير وأصحاب المؤسسات، أن يحذوا حذوه ويبادروا لإنشاء مثل هذه المشاريع الخيرية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى