أخبار محليةمجتمع

الألغام والمتفجرات: الملف الأسود لحرب اليمن

يمن مونيتور/القدس العربي

قال تقرير «تطهير الحقول 2022» الذي نشره موقع «رايلف ويب» التابع للأمم المتحدة في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر حول إزالة الألغام الفردية في العالم، إن اليمن مع دول أنغولا والبوسنة والهرسك وتايلاند وتركيا، يعاني من تلوث شديد بالألغام (يغطي مساحة من 20 إلى 100 كيلومتر مربع).

وفي أحدث التفاعلات الدولية مع تداعيات الملف الأسود لآثار الحرب في اليمن، دعت الأمم المتحدة، الخميس 8 كانون الأول/ديسمبر، جميع الأطراف المتصارعة في اليمن لتطهير المناطق الملوثة بالمتفجرات، في إشارة ما باتت تمثله الألغام والمتفجرات المدفونة وغيرها من آثار الحرب من خطر على المدنيين اليمنيين.

جاءت هذه الدعوة في أعقاب انفجار لغم أرضي، الثلاثاء 6 كانون الأول/ديسمبر خلال زيارة ميدانية لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة «أونمها» بمحافظة الحديدة.

وفي ختام زيارتها لليمن، التي استمرت أسبوعًا، أكدت مديرة دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام «UNMAS» إيلين كوهن، أن الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب بما في ذلك العبوات الناسفة المرتجلة والذخائر العنقودية، مسؤولة عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، ومستمرة في قتل وإصابة اليمنيين الأبرياء كثير منهم من الأطفال، ومنع المزيد من العائلات اليمنية من الوصول إلى منازلهم ومزارعهم ومصادر رزقهم الأخرى، ما يؤدي إلى تفاقم الآثار المدمرة للصراع.

جاء ذلك خلال حديثها للصحافيين، بمطار صنعاء، الخميس، بعد زيارة شملت عددا من مناطق البلاد بما فيها محافظة الحُديدة، وهي واحدة من أكثر المحافظات المتضررة من الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب هناك.

وسجلت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة على مدى الأشهر الستة الماضية، 159 ضحية من الألغام الأرضية والحوادث المتعلقة بالمتفجرات من مخلفات الحرب في الحديدة، وكان أكثر من 50 في المئة من الجرحى أو القتلى من النساء والأطفال.

وجددت كوهن دعوات مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي، لاتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في هذا السياق، بما في ذلك تحديد المناطق الخطرة ووضع العلامات عليها وتطهيرها.

وقالت إنها كانت جزءًا من قافلة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة التي تعرضت لانفجار لغم أرضي خلال زيارة ميدانية الثلاثاء الماضي.

وقالت البعثة الأممية إن «هذه الحادثة تعد تذكيرا بالمخاطر التي يواجهها أهالي الحديدة يوميًا بسبب المتفجرات من مخلفات الحرب».

وكانت قافلة مؤلفة من مجموعة سيارات تابعة لبعثة «أونمها» وتقل كبار المسؤولين الأمميين قد تعرضت خلال زيارة ميدانية لمنطقة الحالي بمحافظة الحديدة (غرب) الثلاثاء، إلى انفجار ناتج حسبما تم تقييمه على أنه لغم أرضي، ما أدى إلى إتلاف إحدى المركبات المصفحة. وأكدت البعثة أن الحادث لم يسفر عن أي إصابات في صفوف المشاركين بالقافلة.

هذا وتواصل بعثة «أونمها» دعوة الأطراف إلى «اتخاذ تدابير عاجلة وملموسة لتطهير المناطق الملوثة وتقليل الأثر المدمر للألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب على السكان المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال، الذين ما زالوا متأثرين بشكل غير متناسب».

في ذات السياق لفتت ستيفاني ترامبلاي، من مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة، للصحافيين في المقر الدائم إلى أن «اليمن للأسف، ملوث بشدة بالمتفجرات من مخلفات الحرب، ما يتسبب في خسائر فادحة ويومية في صفوف المدنيين، بمن فيهم بالطبع النساء والأطفال».

وتشكل الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب أحد أكبر الأخطار التي تتهدد حاضر ومستقبل اليمنيين؛ انطلاقًا من كونها غير مرئية أو معروفة بانها متفجرات، وثانيًا: لأنها مزروعة بشكل عشوائي ومنتشرة بكميات كبيرة لدرجة يعتبر اليمن من أكثر دول العالم تلوثاً بها.

واللافت أن هذا الخطر في معظمه هو نتاج الحرب الراهنة؛ لأن اليمن، حسب تقارير، كان قاب قوسين أو أدنى من إعلانه، قبل الحرب الأخيرة، بلداً خاليا من الألغام. ولأن اليمن ليس بلدا مصنعًا للألغام والمتفجرات فان هذا يقودنا إلى سؤال مفاده: من أين أتت هذه الألغام والمتفجرات؟

ووثق المرصد اليمني للألغام منذ منتصف 2019 وحتى مطلع آب/اغسطس 2022 سقوط 426 قتيلاً مدنيًا بينهم 101 طفل و22 امرأة، إلى جانب 568 جريحاً منهم 216 طفلاً و48 امرأة، نتيجة الألغام والعبوات الناسفة والقذائف غير المنفجرة من مخلفات الحرب في عدد من المحافظات.

ولا يقتصر التلوث بالألغام على منطقة يمنية محددة بل يشمل بجانب الحديدة مناطق أخرى بما فيها مديريات خب وشغف في محافظة الجوف ومديريات عبس وحيران وحرض في محافظة حجة ومديريات محافظة تعز ومديريات بيحان وعسيلان وعين في محافظة شبوة ومديريات حريب وصرواح في محافظة مأرب.

يشار إلى أن دول الأطراف الموقعة على اتفاقية حظر الألغام، وافقت، السبت الماضي 3 كانون الأول/ديسمبر على تمديد تقديم الدعم لليمن في مجال نزع الألغام لمدة خمس سنوات، وذلك نظير جهود وايفاء اليمن بالتزاماته تجاه اتفاقية خطر الألغام. وحسب وكالة الأنباء اليمنية الحكومية فقد جاء ذلك خلال اجتماع الدول الموقعة على اتفاقية «اوتاوا» في أعمال مؤتمر حظر الألغام المنعقد بمدينة جنيف السويسرية.

ونقل تقرير نشره موقع مؤسسة كارينغي عن تقارير قولها إن اليمن بحاجة لثماني سنوات حتى يتخلص من نزع هذه الألغام.

وحسب التقرير فقد «تطرق معهد واشنطن للحجم الهائل لاستخدام الألغام الأرضية من قبل الحوثيين، ما يثير عدة تساؤلات حول مصدرها وإمداداتها فلا يُفترض أن يمتلك اليمن مخزونات محلية من الألغام الأرضية. هذا يجعل من الصعب تحديد مكان هذه الألغام خاصة المضادة للأفراد والعربات نتيجة لزرعها العشوائي. كما أن استمرار سيطرة الجماعات المسلحة على بعض مناطق البلاد يمثل تحديًا آخر أمام جهود إزالة الألغام. وهناك تحديات أخرى تواجه عملية تطهير اليمن من الألغام منها: عدم وجود خرائط واضحة، ونوعية الألغام التي تمت زراعتها، وعدم وجود كوادر محلية مؤهلة للتعامل مع هذه الألغام كي يتم نزعها في فترة زمنية قصيرة. ضمن التحديات التقنية، عدم توفر أجهزة حديثة لدى الحكومة للكشف عن هذه العبوات والمتفجرات. كما أن جرف السيول لبعض الألغام من منطقة لأخرى يعقّد التحقق من الأماكن التي تنتشر فيها».

نخلص إلى ضرورة تأسيس برنامج تعاون دولي لنزع الألغام والمتفجرات في اليمن؛ لأن واقعها يتجاوز الإمكانات المحلية، وهو ما يتطلب من المبعوث الأممي الخاص لليمن إدراج الألغام والمتفجرات في قائمة قضايا ملف المشاورات التي تتطلب دعما وجهدا وضغطا دوليا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى