كتابات خاصة

ارتفاع رسوم الدراسة الجامعية.. أسلوبٌ آخر لمزيد من تجهيل الشعب!

في الفترة الأخيرة من زمن الحرب ارتفعت رسوم الدراسة الجامعية الخاصة، بالتزامن مع الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه أبناء اليمن عامة والطلاب على وجه الخصوص.

قبل أيام أعلنت جامعة ذمار عن رسوم كلية الطب وهي 27 ألف دولار مع شروط مجحفة توحي لك أن التعليم لا يمكن أن يحصل عليه العامةُ من الشعب!، في البداية كل من قرأ هذا الخبر كان يحسب أنه من باب السخرية والإضحاك، ولكنه خبر مؤكد وهذا ما أثار سخط الكثير، والسؤال هنا، لماذا يحدث هذا الارتفاع المجحف في رسوم الدراسة الجامعية وبهذا التوقيت بالتحديد؟ وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي؟

الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة من زمن الحرب ارتفت أسعار الرسوم في الجامعات الخاصة وهذا الأمر زاد الطين بلة والوضع مرارة لدى الطالب اليمني الذي بالكاد يقدر على الالتحاق بالجامعة، والجامعات الحكومية كما هو معروف تتطلب عددًا معينًا من الطلاب ما يضطر الكثير للإقبال على الجامعات الخاصة بطريقة أو  بأخرى.

الواضح من كل هذا هو أن القائمين على الجامعات الخاصة  لا غرض لديهم  سوى الربح الكثير من وراء الطالب الذي جاء إلى الجامعة بعدما باع له أهله كل غال ونفيس لكي ينال العلم الذي سوف يُدر له المال في المستقبل.

لم تعد العملية التعليمية تهم القائمين عليها بقدر ما أصبح الاهتمام بالربح أو الخسارة؛ وهذا ما يعود سلبًا على مستقبل الطلاب، ولو سألنا أنفسنا كيف سيتخرج هذا الطالب الذي يقضي سنوات الجامعة في توتر كبير وهمٍ  لا نضير له؟، فهو  كلما مر شهر يخشى أن ياتي موعد دفع القسط الذي يتوجب  عليه دفعه للجامعة، والجامعة بين حين وآخر تقدم له الإنذارات في أنه إذا لم يدفع القسط المتوجب عليه فسوف يحرم من دخول قاعة الاختبار!، كيف سينظر هذا الطالب للمجتمع بعدما وجد- في زمن دراسته- أن كل شيء من حوله له فاهٌ يقول له هات وادفع ما يجب عليك دفعه؟!.

لا شك أن طلاب اليوم سيصبحون في المستقبل أداة  تحاول كسب المال لا أكثر من ذلك، سيفقدون من ضمائرهم معنى خدمة المجتمع من حولهم؛ لأنهم فقدوا مساندة الواقع لهم، وفقدوا الكثير من المال أثناء مرحلة دراستهم الجامعية  والبعض  منهم سيكون مدينًا بكل ما تم  تقديمه له أثناء دراسته، وبالتالي سيقضي الكثير من العمر  وهو يرد الدين الذي عليه، وهذا بلا شك ما سيجعله ناقمًا على مجتمعٍ لم يقدم له شئا في يوم كان بأمس الحاجة للدعم.

اليوم الكثير من الطلاب اليمنيين  يعزفون عن مواصلة التعليم الجامعي بسبب ارتفاع الرسوم الدراسية، بالإضافة إلى تكاليف أخرى تطلب من المقبل على الجامعة وهذا في الحقيقة يصب في مصلحة  مليشيا الحوثي في المناطق المسيطرة عليها، فمن جهة هي تريد أن يتم تجهيل الشعب حتى يتسنى لها أن تعمل ما تريده بهذا الشعب، ومن ناحية أخرى هي تعاني من نقص حاد في مقاتليها ولذا  فهي بحاجة ماسة لأفراد تزج بهم في جبهات القتال بعدما فقدت الكثير ممن انضموا معها برغبة منهم أو بالاجبار.

لقد  وصل الحال بالتعليم في اليمن إلى ما يمكن أن نصفه بالمأساة، فهو لم يعد في متناول الجميع بل أصبح حكرًا فقط على من يمتلك المال الكثير، ومن لا يمتلك يذهب في حال سبيله يبحث عن عمل يجد فيه مصدر دخل وإن كان من المتفوقين في المرحلة الدارسية التي تسبق الجامعة وهذا ما سيولد الحقد على الواقع ومن فيه من قبل أولئك الذين حرموا من حقهم في التعليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى