كتابات خاصة

حديث الشارع في مدينتي!

في مدينتي الحبيبة يتغير مجرى الحديث في شارعها من يوم لآخر تمامًا كما تتغير حالات الطقس وقد يتغير بين ساعة وأخرى كما يحدث وأن تأتي سحابة تحلق في السماء فتبعث في النفوس السرور ويأمل الكل بأن ينزل المطر ليحصلوا على الماء وعلى أجواء باردة تزيح عنهم غم حرارة الجو الذي أتعبهم كثيرًا لكن، فجأة تنقشع تلك السحابة المبشرة فلا الأجواء أصبحت باردة ولا الناس حصلت على الماء.

هكذا هو حديث الشارع في مدينتي الحبيبة فأحيانًا تسمع نوعًا من الحديث يأتيك بقليل من الانشراح لصدرك هذا الذي تحدث فيه معاركُ عظيمة واشتباكاتٌ كبيرة بين الأمل والألم، فتشعر وقتها بقليل من الانشراح الذي لم تلقه منذ مدة طويلة، وأحيانًا تسمع أحاديث لا تزيدك إلا همًا على همٍ ووجعًا آخرًا يضاف إلى الأوجاع المكدسة بقلبك، والتي أصابته بشروخ كبيرة جعلتك تشعر باليأس من شفائه.

حديث الشارع في مدينتي الحبيبة يترواح بين الحديث عن رحى الحرب وعما طحنته من البشر والبنى التحتية ومن الحيوانات التي لا دخل لها بالحرب أساسًا، وعن  تلك الأجواء التي تكون جميلة وفي لحظة وضحاها  يعكر صفوها دخان البارود وروائح دم الأبرياء العزل الذين يقتلهم العدو في زمن يقول العالم أنه وضع فيه هدنة من الحرب لينعم الأبرياء بقليل من السلام، ولكن أولئك  الأبرياء  لم يروا لهذه الهدنة المزعومة أي صورة في واقعهم الأليم، ولم يروا السلام على الإطلاق ولهذا تجد  الحديث عن هذه الهدنة الكاذبة في أفواه جميع  المارة في الشارع حتى العجائز الذين لم يكونوا يعلمون عن الحرب غير أصوات الرصاص والمدافع،  تراهم اليوم يتحدثون عن الحرب وسياستها بذكاء غير معتاد لك أن تراه هم يوقنون حقًا أن هذا كله لم يكن لينفعهم ولكن ثقتهم بالله كبيرة، تجدهم يحصون عدد القتلى  والجرحى الذين يسقطون إثر اختراق العدو للهدنة المزعومة ولسان حالهم يقول متى تصدقون أن  هذه المليشيات لا دين لها ولا ضمير؟!، كيف لكم أن تعملوا معها اتفاقًا جديدًا وهدنة أخرى وقد رأيتم ما حدث في الهدنة السابقة إنكم فعلًا لا تعقلون، أو أنكم لا تسعون وراء السلام على الإطلاق.

وكم من حديث  في شارع مدينتي يصب حول غلاء الأسعار وتراجع سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وعن هذا تسمع ما يضحك وما يبكي في الوقت  نفسه، فالناس يتحدثون عن سعر الصرف وكأنهم يتحدثون عن مبارأة كرة قدم  ولكل فريق من يشجعه ويتمنى فوزه على الآخر، فالذين يمتلكون العملة الأجنبية يتمنون أن يرتفع سعر الصرف ويسعدون كثيرًا إذا ما حدث ارتفاع في سعر ذلك وإذا فجئة حدثت  بعض  من الحلول وانخفض سعر الصرف هؤلاء يصابون بمرض كبير وقد يغمى عليهم،  والطرف الآخر من الناس يسعدون كثيرًا لكن سعادتهم هذه سرعان ما تتلاشى ويعود الحزن يخيم على القلوب من جديد.

ويظل حديث الشارع في مدينتي الحبيبة يتغير مجراه بين لحظة وأخرى لكنه لا يخرج عن إطار الوجع الذي يصيب هذه المدينة دون رحمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى