كتابات خاصة

عدن.. منطلق التحول

أحمد ناصر حميدان

لا يمكن للمواطن ان يتفاءل خيرا في مشاورات , لا تحاكي واقع حاله  , معاناته واحتياجاته , ولا تعالج قضايا الأرض والإنسان والهوية

مشاورات اليوم, هي امتداد للمؤامرة الدنيئة على مخرجات حوار وطني, كادت ان تنقل البلد ومعها المواطن لوضع أفضل, لا فيها غالب ولا مغلوب, عالجت قضية الأرض والانسان والهوية, وضعت نهاية للعنف وما يصنعه من تراكمات وأحقاد وضغائن, وضعت البرامج الكفيلة لتهيئة  للدولة القادرة على فرض عدالة انتقالية لترسيخ عدالة اجتماعية, في إعادة هيكلة الجيش والأمن , ليكن صمام امام وضمان التنفيذ الصادق والأمين للتحول لدولة محترمة , دولة المواطنة والحريات .

هذا التحول لم يعجب قوى العنف والاستبداد , القوى التي تريد ان تحكم الناس بالبندقية, وفرض أمر واقع, و تتسلط بخرافات وخزعبلات الاصطفاء الإلهي والسلالي, بالطائفية والمناطقية, وفرزت سمومها على الواقع , وتصدت بقوة وعنجهية  لمشروع الدولة , وبالبندقية تم تهيئة البيئة المثلى للعنف, بيئة تخلقت فيها كيانات طارئة, وطفى على سطحها كل شوائب التخلف والجهل والعصبية , طائفية في الشمال , ومناطقية في الجنوب , تجمعهم سموم الكراهية والعنصرية, التي حولت البلد ومناطق النفوذ , مصائد يصطاد فيها المتخلفون والجهلة , الانسان و تهان كرامته ويفقد فيها ادميته وتستباح انسانيته, صار الحديث عن الحرية والعدالة والمواطنة ضربا من الجنون , وتوحش فيها الإنسان امام أخيه الانسان , وطغى وبغى , وانتهكت الأرض والهوية , كل ذلك حدث ولازال يحدث بدعم إقليمي من أسر تكن العداء لوطن الامن والايمان والحضارة , وعالم منافق لا يهتم بغير السيطرة على المنافذ, وحماية مصالحه  واطماعه الاقتصادية .

أتساءل كمواطن يمني من مدينة عدن الحضارية , العاصمة الاقتصادية والتجارية, ثاني ميناء عرفه العالم ,ومنه ستنهض البلد , وكيف تنهض والمدينة تحت سلطة عنف لم تشهدها في تاريخها , بثت فيها سموم من الكراهية والأحقاد والعنصرية , قتلت روح المدينة وايقونتها الثقافية والفكرية والسياسية, بل استباحت الأرض والانسان والهوية, في مدارسها لا يعرف الطالب من هو وما هويته , يعيش في زوبعة من الجذب والشد نحو أيديولوجيا و مشاريع استعمارية شوفينية, يعرف أصحابها أنها مجرد مزايدة ستنتهي بانتهاء العنف , و ستزول بزوال المصالح  ,وخطورتها أنها تدمر حق النشء والتربية والتعليم, في تكوين شخصية طبيعية تستطيع ان تنهض بالبلد , والعبث بالتربية والتعليم هو عبث بمستقبل امة و وطن .

وتأتي تلك المشاورات لتعزيز هذا الواقع السيئ, ولا تعالج وضع عدن, ولم تشرك ممثلين لوجع وبؤس هذه المدينة, التي تعرضت لشتى وسائل الظلم والقهر منذ 67م , وحرمت من خصوصيتها الاقتصادية والثقافية, وموقعها الاستراتيجي, ومينائها الرباني و الذي وهبه الله لها لتكون خير للجميع ومنفعة للوطن والمنطقة .

عدن مثال واضح وجلي لواقع العنف، والتكوينات الطارئة التي تشكلت بدعم التحالف , و وضعها لقمة الخانوق في حنجرة القضية الجنوبية, ودور عدن الريادي في عملية التحول المنشود .

لم تستطيع عدن ان تؤدي دورها كعاصمة مؤقته , ولم  تستطع ان تكون مصدر اقتصادي وتجاري تدعم عملية التحول , بل تحولت لساحة لصراع المليشيات, ومصدر تموين لها , تحول البعض بفضل عدن وإيراداتها لهوامير فساد واحتكار , تغذي نشاط غير قانوني قبح من عدالة القضية الجنوبية, وافقدها نبلها وانسانيتها , وجعلها مجرد قضية مناطقية و ثأر و أحقاد وكراهية وعنصرية بغيضة .

نحن في عدن لا نرى في المشاورات, غير تشريع واقع عدن البائس, والاستمرار في تدمير عدن, وتقييدها وتكميمها, حتى لا تستطيع ان تنافس بقوة في محيطها والعالم , واغراقها بالمزيد من العنف والصراع, والجهل والتخلف والقروية .

لا حل لليمن شمالا وجنوبا دون تحرير عدن مما هي فيه , لتكن منصة مهمة لعملية التحول السياسي والاقتصادي والثقافي , يجب تحييد عدن  بعيدا عن الصراعات البينية المدمرة , عدن ايقونة التغيير والتحول المنشود , السباقة بالحريات والديمقراطية والتعدد السياسي والثقافي والفكري , عدن منشئ الحركة العملية نواة الحركة الوطنية اليمنية , عدن أول دولة في الجزيرة , و أول برلمان ( المجلس التشريعي ) و اول إذاعة وتلفزيون وصحافة ورياضة ومسرح ووو….. , واليوم حالها يصعب على الكافر, ولازالت تملك مقومات النهضة , إذا ما تحررت من العنف , وادارها أبنائها من الكوادر المثقفة والمؤهلة , قادرة ان تنهض بسرع بوقت قصير , وينهض  معها وطن , اذا ما توفرت الإرادة  .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى