كتابات خاصة

ملف الأسرى الحد الأدنى لحسن النوايا

عبدالوهاب العمراني

إذا حل هذا الشهر الكريم ولم يفرج على أي من اسري الحرب ، فآنذاك يمكن القول بأن الحد الأدنى من أهداف المفاوضات قد فشل أيضاً مع أن قضية إنسانية مثل ملف الأسرى والمخطوفين والمخفيين قسراً ، يفترض ان تكون مدخلاً لإثبات حسن النوايا لكسب ثقة الطرف الآخر ..

إذا حل هذا الشهر الكريم ولم يفرج على أي من اسري الحرب ، فآنذاك يمكن القول بأن الحد الأدنى من أهداف المفاوضات قد فشل أيضاً مع أن قضية إنسانية مثل ملف الأسرى والمخطوفين والمخفيين قسراً ، يفترض ان تكون مدخلاً لإثبات حسن النوايا لكسب ثقة الطرف الآخر ..
وغدا واضحاً بأن وفد طرفي الانقلاب يضع عراقيل في طريق لحلة الإفراج عن الأسرى .
ولعل أبشع أساليب التدليس هو ان يستغل المفاوض قضايا إنسانية من اجل غاية سياسية والأبشع منه أن يسوغ الإعلامي لهذا السياسي وتضليل الرأي العام بجملة من الحقائق لنفس الغايات .. فالقضايا الإنسانية .
 وواقع الحال بعد أسابيع من التفاوض العقيم يوضح بما لا يدع للشك بأن الثقة معدومة تماماً ولها مسوغاتها في واقع الحال التفاوضي وعلى الأرض ومن هنا فكفى ذر الرماد على العيون وعلى الأمم المتحدة عبر ممثلها الدائم في اليمن السيد ولد الشيخ وبعد ما يقارب الشهرين ان يتخذ قرار قوياً بتحديد المسئول في هذا الفشل ، خيراً له من بيع الوهم والتفاؤل المستمر الذي يفوق (قلق) الأمين العام للأمم المتحدة .
فالآمال تتضائل للخروج من الأفق المسدود لمفاوضات عقيمة منذ نحو سبعة أسابيع ، فإذا لم تحقق انفراجاً في قضية إنسانية فكيف يراد لحلول متكاملة وسلام شامل .
ومن طبيعة الحروب بأن عامل الوقت يزيد الأمر تعقيداً ، والمشهد اليمني في جانبه العسكري والسياسي تداخلت فيه الإقليمي بالمحلي والديني بالسياسي والطائفية بالمنطقية في أبشع صورها فما كان ممكنا بالأمس غدا اليوم أكثر صعوبة وما هو محتمل معالجته اليوم قد يكون شبه مستحيل غداً .
إلحاح طرفي الانقلاب في صنعاء بشرعنة انقلابهم بالدعوة لتسوية سياسية غدا أمراً مفضوحاً فنهاية الحرب تكمن في إبطال مسبباتها فلو حسنت النوايا لكان الحلول قد لاحت في الأفق ، فطالما حوار سياسي استمر لعام وأفضى لسقوط صنعاء فلا عجب من مفاوضات تحت هذه النيران ، واللافت بأن المجتمع الدولي الذي اصدر القرار الأمم هو نفسه الذي يتقاعس في تحديد المسئول عن تنفيذه .
اليمينيون ينشدون سلام دائم وحقيقي وليس ترحيل للمشاكل في جولات مقبلة مفترضة وفي حال توصل الفريقان المتفاوضان في الكويت لتسوية سياسية سيتنقل المشهد اليمني لمرحلة أخرى في نوعية وكيفية إدارة الصراع ،  وستكون المحطات المقبلة أكثر تعقيداً لما شهدته اليمن بعد إعلان الوحدة اليمنية في بدايات تسعينات القرن الماضي ، باعتبار ان الفترة القادمة المفترضة تأتي بعد أحقاد وتراكمات نحو عامين من سيطرة طرفي الانقلاب على مقدرات الدولة اليمنية والإجهاز عليها ، فإذا كانت مرحلة ما بعد إعلان الوحدة قد شهدت حملة تصفيات بين طرفي الوحدة فأن الفترة المقبلة ستكون لاشك أكثر تعقيداً وعنفاً ، ولاسيما من الجانب الأقوى في الأرض في حال بقي جزا من السلاح ولو حتى الأسلحة الخفيفة التي هي أكثر خطراً في حرب مستترة وليست مواجهات جبهات حرب رسمية  . لان الاستقطاب الطائفي والمناطقي قد استقوى واستحوذ على المشهد بخلاف فترة ما بعد إعلان الوحدة كما أن الأبواب الإعلامية قد فعلت فعها في النسيج الاجتماعي ناهيك عن تغلغل الحوثيين في كل مفاصل الدولة .
في السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة 2011 م عانى اليمنيون كثيرا جراء تقاسم السلطة بين طرفين المؤتمر من جهة وخصومة من جهة بينما في فترة ما بعد الحرب في حال تقاسم السلطة سيدخل طرف ثالث هو مكون الحوثي حاملاً معه أحقاد وتربص من الطرف الآخر خشية الانقضاض عليه ، وبداهة سيكون مستعداً لهكذا احتمالات بالعتاد والإدارة التي استولى على مؤسسات معظم أجهزة الدولة المغتصبة .
وسيكون صراعاً في بداياته بمظهره الخارجي سلمي وقد يكون دموي متوارياً بمعنى تدهور أمني لا سابق له وكل طرف سيلقي التهمة للآخر تماما مثل تقاسم السلطة غداة الربيع العربي ، وقد تستغل لحملة تصفيات للطرف الأخر مستغلاً ظروف المرحلة بما تحمله من غموض .
وبعد استنزاف هذه الميلشيات مقدرات الدولة الاقتصادية وبدلاً من أن يكون العامل الاقتصادي ورقة ضغط للحكومة الشرعية سيكون طوق نجاه لخصومهم بذريعة إنقاذ الاقتصاد وقد يفضي فقط لإنقاذهم ليس إلا !
رغم ان المجتمع الدولي سيرى في حكومة التوافق التي يبشرون بها خطوة في الاتجاه الصحيح وقد يبدأ في تقديم الدعم السياسي والاقتصادي باعتبارها حكومة إنقاذ للاقتصاد المتدهور أصلاً وتخفيف لمعاناة الشعب في كل تفاصيل حياته المعيشية ، لكن ذلك سيكون نظرياً فقط ومن خلال أدبيات وحيثيات التوافق المفترض لكن عملياً لن تكون الطريق مفروشة بالورود وسينشغل الفاعلين بترتيب أمورهما وحماية مصالحهم ، ولن يستفيد الشعب شئ يذكر ماعدا تجميل صورة أطراف ذلك الاتفاق ولاسيما طرفي الانقلاب واعتبارهم مكون رئيسي يفترض ان يحظى بإسناد دولي وآنذاك أي مقاومة ستندرج ضمن الإعمال الإرهابية
المماحكات السياسية ستكون سمة الفترة المفترضة وستكون في أبشع صورها مقارنة في بفترات سابقة لأنها تأتي بعد احتقان طال أمدة وسيكون لهذه المماحكة انعكاس في الوضع الأمني والاقتصادي والخدماتي فكل سيرمي التهم للآخر وهذه سابقة شهدها اليمنيون في فترات سابقة ، وعليه فتدوير العنف سيكون سمة المرحلة المفترضة و نتيجة طبيعية لتراكم سلسلة من الأخطاء والتجارب الفاشلة ..
 *الكاتب: دبلوماسي يمني
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى