آراء ومواقف

شعبٌ يذبح وحكام يتفرّجون

محمد صالح المسفر

تعيش الأمة العربية، في هذه الحقبة، أسوأ مراحل حياتها السياسية والعسكرية والاجتماعية. طائفية تمزّق نسيجها الاجتماعي، وتمعن في ترسيخ جذور الكراهية والحقد بين أفراد المجتمع الواحد. نموذج ذلك في العراق وسورية ولبنان واليمن. وعرقية تعمق فكرة الانفصال، وتقسيم القطر الواحد إلى كيانات ضعيفة هزيلة، ينصب الغير قادتها ويتحكمون في مصيرها. حروب شرسة على أرضنا العربية، ضحيتها الإنسان العربي، وذاكرته التاريخية وثرواته ومؤسساته.

 (1)
تعيش الأمة العربية، في هذه الحقبة، أسوأ مراحل حياتها السياسية والعسكرية والاجتماعية. طائفية تمزّق نسيجها الاجتماعي، وتمعن في ترسيخ جذور الكراهية والحقد بين أفراد المجتمع الواحد. نموذج ذلك في العراق وسورية ولبنان واليمن. وعرقية تعمق فكرة الانفصال، وتقسيم القطر الواحد إلى كيانات ضعيفة هزيلة، ينصب الغير قادتها ويتحكمون في مصيرها. حروب شرسة على أرضنا العربية، ضحيتها الإنسان العربي، وذاكرته التاريخية وثرواته ومؤسساته.
(2)
تجري على أرض القطر العربي السوري حرب ضروس، تقودها روسيا الاتحادية، بحراً وجواً. وعلى الأرض، تسير جحافل الفرس والمليشيات الطائفية من العراق إلى لبنان إلى أفغانستان، ومرتزقة من أماكن أخرى من العالم. هذه الجحافل تسير تحت ستار من نيران طيران روسيا وطيران نظام بشار الأسد الحاقد على الشعب السوري، لتقتل كل من تلقاه في طريقها. هذه القوى الغاشمة الباغية على سورية الحبيبة قتلت، حتى الآن، ما يزيد عن ثلاثين ألفا من المدنيين السوريين، ودمرت ممتلكات خاصة وعامة، وأجْلت ما يزيد عن 40 ألف إنسان من حلب وريفها، لم يجدوا أمامهم إلا تركيا، يأوون إليها، هروباً من الدمار الذي لحق بهم وبأسرهم.
تقول أوثق التقارير عن الحال في سورية إن عدد القتلى على يد نظام بشار الأسد والحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية يزيد عن 500 ألف قتيل، منذ قيام الثورة الشعبية، وإن هناك ما يزيد عن ثمانية ملايين لاجئ خارج الحدود السورية.
(3)
السؤال الواجب طرحه، ألم تثر هذه المصائب الواقعة على الشعب السوري من الاحتلال الروسي الإيراني، مشاعر الحكام العرب، وكذلك الشعب العربي، من عُمان شرقاً إلى طنجة غرباً؟ روسيا وإيران وإسرائيل يضربون في سورية. وأميركا وإيران وآخرون يضربون في العراق، وإسرائيل تضرب في الضفة الغربية وغزة، يقابلها صمت رهيب من سلطة التسول. ألا توجد منظمات مجتمع مدني في العواصم العربية الفاعلة يتظاهرون احتجاجاً على ما يُفعل بأهلنا في العراق وبلاد الشام؟ لماذا لا يجتمع اتحاد الكتاب العرب، واتحاد المعلمين، وكل الاتحادات المهنية، للتعبير عن رفض الاحتلال الأجنبي لسورية والعراق والاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني؟ هل ضرب على أمتنا العربية الذل والمسكنة، حتى أصبحوا بلا إحساس ولا غيرة، ولا حمية على إخوانهم في العراق وسورية وفلسطين.
“اليوم سورية بكاملها تحت الاحتلال الروسي الإيراني، فماذا فعل أمين عام جامعة الدول العربية، وهو الخبير بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة؟”
بشار الأسد وأنصاره يختالون بانتصار على المعارضة السورية في حلب وريفها ودرعا وحمص، ومناطق أخرى كانت تحت سلطة المعارضة السورية الوطنية. نقول لهم، بأعلى صوت، إن تلك الانتصارات ليست بفعلكم ولا بقوتكم، وإنما بقوة روسية إيرانية مسنودة بجحافل المرتزقة والمليشيات الطائفية الحاقدة، فلا تنتشوا انتصاراً لما فعل الجيش الروسي، وإنما طأطئوا رؤوسكم خجلاً من أنفسكم ومن الشعب العربي وشعوب العالم. جيشكم وأعوانكم الذين أرهقوا مسامعنا عشرات السنين بشعار “المقاومة والممانعة” لم يجدوا نفعا أمام تصميم الشعب السوري على إزاحتكم، فرحتم تستنجدون بالجيش الروسي والحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج لحمايتكم من غضبة شعب سورية العظيم.
(4)
وقع العراق الشقيق تحت الاحتلال الإيراني، ولا أريد أن أنكأ الجراح بالحديث عن الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق، وأسبابه ودواعيه. واليوم سورية بكاملها تحت الاحتلال الروسي الإيراني، فماذا فعل أمين عام جامعة الدول العربية، وهو الخبير بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والممارسات والسوابق التي اتخذت في مثل حالنا العربي اليوم؟ لماذا لا يقدّم مقترحاً للحكومات العربية التي ما برحت مستقلة، مثل السعودية والجزائر وتونس والمغرب ودول مجلس التعاون ومصر، لتطلب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند “الاتحاد من أجل السلام”، بعد أن فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراراته بشأن سورية والعراق وفلسطين، وفشل في ردع روسيا وإيران نتيجة احتلالهما سورية؟ حان الوقت لإزاحة الأمين العام للجامعة، نبيل العربي، لأنه لم يقدم أي مبادرة لحل أي مشكل من مشكلات الوطن العربي، ولم يتصدَّ، ولو بكلمة، للاحتلال الروسي الإيراني لسورية والعراق، ولم يتصد للممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة وتهويد مدينة القدس.
(5)
لا بد من الاعتراف بأن الدولة العربية الوحيدة التي وقفت في وجه المد الفارسي هي المملكة العربية السعودية، وهي تخوض حرباً ضد جحافل الفرس وأنصارهم في اليمن من أجل عودة القيادة الشرعية اليمنية، بعد أن بغى عليها أتباع إيران ممثلين بالحلف الثنائي (صالح والحوثي). ويقف إلى جانب المملكة أشقاؤها في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما بقيت مصر العزيزة في صمتها الرهيب تجاه كل ما يجري على الساحة العربية.
آخر القول: فقد النظام الحاكم في دمشق شرعيته بعد تسليمه السلطة للقيادتين، الروسية والإيرانية، تفعلان بسورية ما تشاءان. ودعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد تحت “بند الاتحاد من أجل السلام” لإنقاذ سورية من الاحتلال الروسي ضرورة قومية. 
المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى