آراء ومواقف

من يحمي نوارسنا المهاجرة من المجرمين وقطاع الطرق؟

منيف الهلالي

يحظى المغترب في كل بلاد الدنيا بالاحترام من قبل سلطات بلاده وتقدم له كافة التسهيلات والإغراءات بهدف إقناعه بالعودة للاستثمار وإنعاش شعوره بهويته خصوصاً الذين طالت مدة غيابهم عن الوطن؛ غير أن سلطات بلادنا المتعددة تتعامل مع المغترب بصورة مغايرة تماماً؛ إذ تقوم بوضع كافة العراقيل والمتارس في طريق عودته إلى اليمن غير مدركة للدور الكبير الذي يلعبه في رفد الاقتصاد اليمني بالعملة الصعبة التي تعمل على حمايته من شبح الإنهيار الكبير الذي يحاصره من كل النواحي.

حين ينتقل المغترب اليمني إلى الخارج لا يكاد يقضي سنينه الأولى حتى يفرض الحنين إلى الوطن حضوره في قرارة أعماقه، غير أنه حين يستجيب لذلك الحنين ويحمل حقائب سفره عائداً إلى بلده ينصدم منذ الوهلة الأولى التي تطأ بها قدمه أرض المطار حينما يكتشف أنه لم يعد ذلك الوطن الجميل الذي رسمه في ذهنه، فموظف المطار يحاول خلق أي عراقيل تمكنه من ابتزازه والعامل الذي يحمل الشناط يدس يده في حقيبته لسرقتها وشرطي المرور يفتح دفتر المخالفات المهترئ لتهديده بتقييد مخالفات لم يرتكبها، والجنود “المبحشمين” في النقاط الممتدة على امتداد الوجع يجبرونه على إنزال حقائبه لتفتيشها والعبث بمحتوياتها واصطناع مبررات واهية لابتزازه، ولا يكاد يصل بين عائلته التي تنتظره بفارق الصبر حتى يكون الحنين قد تلاشى من أعماقه بفعل تلك المنغصات التي صاحبته منذ نزوله من سلم الطائرة، لكنه حين يرى أطفاله وكامل أسرته باسطين مشاعرهم الفياضة لاستقباله وقد ارتسمت الفرحة على قلوبهم قبل وجوههم تعود إليه روحه التي بعثرتها الفوضى المتناثرة على قارعة الطريق الممتد من المطار إلى منزله، إلا أن المنغصات سرعان ما تعاود حضورها بصلف من اليوم الثاني لوجوده في بلده حين يكتشف أن أحد “المتهبشين” قد بسط على أرضه وفوضى الأقسام والمحاكم تكشر أنيابها في وجه مظلوميته، لا سلطات تحمي حقوقه ولا قانون يقف إلى جانبه وينتصر لضعفه وقلت حيلته.. وليت الظلم والابتزاز توقف عند هذا الحد، بل وصل الحال، كما حدث يوم أمس في نقطة تفتيش بطور الباحة في محافظة لحج، حد قيام مجموعة من الجنود باختطاف أحد المغتربين العائدين من أميركا ونهب الأموال التي كانت بحوزته وقتله بدم بارد ورمي جثته مكتفة الأيدي دون أن تهتز لضمائرهم شعرة.

كثيرة هي معاناة المغترب اليمني وموجعة تلك المآسي التي تحاصر يومياته في وطنه الموبوء بالفوضى والفساد؛ غير أن ما حدث لليمني الأميركي #عبدالملك_السنباني ينبئ عن تأسيس لظاهرة خطيرة قد تطال الكثير من نوارسنا المهاجرة وتعمل على تحويل هذه الحادثة الإجرامية إلى مادة لقتل روح المواطَنة وبث الفرقة وتعزيز لغة الغل والكراهية ما لم يكن هناك وقفة مجتمعية جادة من إخواننا الجنوبيين لرفض هذا العمل المشين الذي لا يقبله شرع ولا قانون، وعدم القبول بالمبررات التي تتحدث عن غياب القانون في المناطق التي تحكمها اللادولة، كون غياب القانون لا يعني غياب الأعراف والأسلاف السائدة، ولا نخوة الإنسان اليمني الذي يرفض الجريمة فطرياً، بالإضافة إلى وجوب تحرك الجاليات اليمنية وخصوصاً في أميركا بمظاهرات كبيرة إلى الأمم المتحدة للمطالبة بفتح مطار صنعاء والضغط على من يحكمون عدن ومن يقف خلفهم لتسليم الجناة وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة كما فعلت سلطات صنعاء مع قتلة عبدالله الأغبري، وأيضاً مطالبة السلطات الأمريكية بتنفيذ ما دونته في جوازها التي صرفته لعبدالملك: “أنت تحت حماية الولايات المتحدة الأميركية فوق أي أرض وتحت أي سماء”، والحماية الأهم تتمثل في فتح مطار صنعاء وتخليص رعاياها بشكل خاص والشعب اليمني بشكل عام من الشر المحظ الذي يترصدهم في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر.. أما هادي وحكومته الكسيحة فيكفيهم اللعنات التي تصب جام غضبها عليهم منذ وقوع هذه الجريمة النكراء التي توجب عليهم تقديم استقالة جماعية تحفظ لهم ماء الوجه إن كانت فضائحهم المتعاقبة أبقت لهم شيئاً منه.. ولا أظن ذلك..!!

لن أسهب كثيراً ولن أذرف المزيد من الدموع كأي يمني لم تبقِ له الأحداث وسيلة ناجعة لرفض ما يحدث من حوله، في وطن ضاقت جنباته وتحكم به اللصوص وقطاع الطرق،  سوى الدموع، لكني سأكتفي بمطالبة الإعلاميين والنشطاء بزلزلة الأرض من تحت أقدام من يحكمون عدن ومن جاء بهم، بذات الطريقة التي استخدموها في قضية الأغبري، لإجبارهم على سرعة تسليم القتلة إلى القضاء لينالوا الجزاء الذي يستحقونه والمطالبة بفتح مطار صنعاء، دون كلل ولا ملل، فقد أثبت الرأي العام فاعليته في هز عروش الطغاة وإجبارهم على الانصياع لمطالبه العادلة.

 

نقلاً عن (صفحة المغترب اليمني في أمريكا) على فيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى