تقاريرغير مصنف

أرامل اليمن.. حكايات عن تزويج بالإكراه وفقر وإهمال

“معاناتي لها أوجه مختلفة. لا وظيفة رسمية ولا سكن خاص. نسكن في منزل أسرة زوجي” تقول البريهي. وتضيف أن ريماس (8 سنوات) تسأل عن أبيها كل يوم! يمن مونيتور/ صنعاء/ أرفع صوتك:
قبل عامين قتل زوجها الجندي في الحرب ضد الحوثيين، لكن ساجدة محمد البريهي (25 عاما) لم تبلغ ابنتها بعد.
“معاناتي لها أوجه مختلفة. لا وظيفة رسمية ولا سكن خاص. نسكن في منزل أسرة زوجي” تقول البريهي. وتضيف أن ريماس (8 سنوات) تسأل عن أبيها كل يوم!
ومن تعز جنوبي غرب اليمن، تقول عبر الهاتف “لن أخبرها الآن، لقد انهارت نفسيا حينما علمت بمقتل أربعة من أعمامها في هذه الحرب”.
وتعيش آلاف النساء الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن في النزاع الدامي المتصاعد في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات أوضاعا إنسانية مأسوية، لكن البعض منهن استطعن تجاوز هذه المحنة بسبل شتى.
وتؤكد ساجدة أنها في مسعى للحصول على فرصة عمل لإعالة نفسها وابنتها، استكملت هذا العام دراستها الجامعية، وتقدمت بطلب للحصول على وظيفة حكومية في مجال التربية والتعليم.
ولم تخف أنها تحصل كل ثلاثة أشهر على مساعدة قدرها 15 ألف ريال (34.8 دولار أميركي) من مؤسسة خيرية، بالإضافة إلى جزء من راتب زوجها الذي تتقاسمه مع ابنتها ووالديه.
 
زواج قسري
وتذكر جميلة، وهي سيدة يمنية في منتصف العقد الخامس من العمر، أنها تعرف عديد النساء الأرامل بسبب الحرب في الحي الذي تقطنه غربي صنعاء، لا يزال بعضهن “في عمر الزهور”، على حد تعبيرها.
وسردت جميلة التي طلبت عدم نشر اسمها كاملا، قصة فتاة يمنية لا يتجاوز عمرها 20 عاما قتل زوجها قبل أشهر قليلة شرقي مدينة صنعاء، اضطرت إلى تعلم مهنة الخياطة للحصول على ما يسد رمق طفليها من الطعام.
وتحدثت المرأة ذاتها لموقع (ارفع صوتك) عن قصة فتاتين (21 عاما، 33 عاما)، كانتا متزوجتين لشقيقين قتل أحدهما في محافظة لحج جنوبي اليمن مخلفا طفلا واحدا، وقتل الآخر في تعز جنوبي غرب البلاد، مخلفا طفلين.
“على الرغم من أنهما لا تزالان تقطنان المنزل ذاته، وظروفهما المادية جيدة، إلا أن نفسيتيهما محطمة، إذ تم إجبار الفتاة الصغيرة على الزواج من شقيق زوجها (لم يتجاوز 15 عاما) قسرا للاحتفاظ بطفلها الوحيد في منزل جده”، قالت جميلة.
 
التسول
في سياق متصل، لم تجد أرامل أخريات سبيلا سوى التسول، كما هو الحال مع سيدة أربعينية التقاها مراسل (ارفع صوتك) عند أحد التقاطعات الرئيسية غربي العاصمة صنعاء.
تقول المرأة التي طلبت عدم ذكر اسمها، وهي أم لخمسة أطفال “زوجي قتل في الحرب على الحدود اليمنية السعودية قبل عام تقريبا، ولم نتلق رعاية من أية جهة”.
 
أرقام
وتفتقر السلطات المعنية من طرفي الصراع في اليمن إلى إحصائيات حول النساء الأرامل جراء النزاع الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، إلا أن فتحية عبدالله، وهي رئيسة اتحاد نساء اليمن (منظمة مجتمع مدني غير حكومية)، تقدر أن هناك أكثر من 10 آلاف امرأة، معظمهن دون الثلاثين من العمر فقدن أزواجهن بسبب الحرب خلال العامين الماضيين.
ويقول رئيس مؤسسة “رعاية” التنموية في تعز عصام التميمي لـ(ارفع صوتك)، إن 3800 أرملة يحصلن على خدمات تمويلية عبر المؤسسة من فاعلي الخير في المحافظة المضطربة.
وبحسب عبدالله عبدالكريم، وهو إعلامي يعمل في مؤسسة الشهداء لرعاية وتأهيل أسر الشهداء (منظمة مدنية) ومقرها في صنعاء، فإن أكثر من 7 آلاف أرملة يحصلن على مساعدات عبر المؤسسة غالبيتهن سقط أزواجهن بغارات شنتها طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
 
عنوانها الأرامل
وقال عرفات الصالحي، وهو مدير عام تنمية المستفيدين في صندوق الرعاية الاجتماعية (مؤسسة حكومية)، لموقع (ارفع صوتك) إنه “منذ توقف خدمات الصندوق نهاية 2014، لا توجد أي جهة حكومية تهتم وترعى النساء (الأرامل)”.
وكان صندوق الرعاية الاجتماعية يقدم مساعدات مالية بقيمة 22 مليار ريال يمني كل ثلاثة أشهر، لأكثر من مليون و500 ألف شخص، 24 في المئة منهم نساء بدون عائل كالمطلقات والأرامل.
وتقول رئيسة اتحاد نساء اليمن، فتحية عبدالله، لموقع (ارفع صوتك) “ما يجب أن نخشاه هو أن يؤدي إهمال أطفال هؤلاء القتلى إلى انخراطهم ضمن الجماعات المسلحة والإرهابية”.
ويتفق في ذلك الدكتور عبدالملك عيسى، وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء. ويقول “هناك مشكلة اجتماعية كبيرة قادمة، ستواجهها اليمن عنوانها الأرامل، وإذا لم تكن هناك معالجات مبكرة، فسيكون لذلك نتائج مستقبلية خطيرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى