أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

تراجع آمال نهاية الحرب.. سلام منقوص مع الحوثيين يرجح تفكك الدولة (تقرير خاص)

يمن مونيتور/ (وحدة  التقارير)/ من مأرب الورد:

يتابع اليمنيون مستجدات السلام المختلفة، التي بدأت منذ أسابيع، وتمخض عنها عملية تبادل واسعة للأسرى والمحتجزين، وإجراء مشاورات بوساطة عمانية بين الرياض وصنعاء بالتوازي مع جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، في إمكانية إنهاء الحرب التي مزقت البلاد.

بيد أن كل هذه الآمال العريضة التي يأمل عليها اليمنيون والمجتمع الدولي، تثيرها الكثير من الشكوك حول إحراز فرصة حقيقة لإحلال السلام، وذلك لعدة أساب بحسب مراقبين، أبرزها عدم جدية الحوثيين في الخضوع للسلام، وانفراد المجلس الانتقالي الجنوبي بمشروع الانفصال جنوبي البلاد.

تفاعل اليمنيين مع مجمل التطورات، بدا مختلفا تماما عن ما كان يحدث سابقا وبخاصة في سنوات الحرب الأولى، فقد كان الأغلبية يشعرون بالحماس لأي خطوة نحو السلام أملا بانتهاء الحرب، لكن الأمر لم يمضِ كما كان يتوقع الكثير من المواطنين وظهرت خيارات أخرى، عقب عودة ملف المحافظات الجنوبية إلى الواجهة وبقوة، واختيار اسم دولة حضرموت كاسم رسمي للدولة القادمة في الجنوب التي يطالب ما يُعرف بـ”المجلس الانتقال الجنوبي”.

كما أن التفاوض السعودي الأخير مع الحوثيين على حساب جميع الأطراف الأخرى، يزيد من حدة الصراع في البلاد لكون الحوثيين غير مستعدين لتقاسم السلطة السياسية، الأمر ذاته دفع المجلس الانتقالي إلى تعزيز جهوده نحو الانفصال، ما يرجح أن تغرق البلاد في دوامة الصراع وعدم الاستقرار، ويرشح من تفكك الدولة اليمنية وليس انفصالها إلى دولتين، وفق مراقبين.

فرحة باهتة

تابع اليمنيون عملية تبادل الأسرى التي تمت بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية، وبرغم أن هذا الحدث كان ينتظره الآلاف، إلا أنه فور حدوثه بعد كل هذه السنوات، بدت الفرحة به باهتة، وتم التركيز على المعاناة التي ظهرت على أوجه العديد من المُفرج عنهم.

يعتقد صفوان عبده غلاب أن عملية التبادل مؤشر على الاقتراب من الحل السياسي في اليمن، لكن ذلك لم يعد يهم أغلب اليمنيين بعد سنوات الحرب التي تجرعوا فيها المعاناة المختلفة.

وقال في تصريح لـ” يمن مونيتور”، أظهرت عملية التبادل بشاعة ما تعرض له المعتقلون على وجوههم وأجسادهم، لكنها لم ولن تكون خطوة تبعث على الفرح الحقيقي في نفوس المفرج عنه وحتى عامة الناس، لشعورهم بأنها غير مُنصفة.

وأوضح أنه “تم الإفراج عن البعض وهم ليس لهم علاقة بأي شيء تم اعتقالهم من منازلهم، بينما الطرف الآخر فأغلبهم مقاتلين في صفوف المليشيات”.

وكان الصحافي عبدالخالق عمران أحد الذين كان محكوما عليهم بالإعدام، قد أكد فور خروجه في عملية التبادل، أن الفرحة الكبرى هي بتحرير صنعاء من جماعة الحوثي، التي حولت العاصمة إلى سجن كبير.

“خيبة أمل وإحباط”

بدوره، يشعر مراد أحمد بخيبة أمل وإحباط، متسائلا لماذا الحرب إذن، ومن يعيد لي أخي الذي فقدته خلالها، كالعشرات الذين قُتلوا؟

وأضاف في حديثه لـ”يمن مونيتور”: هذا ألمي أنا وأسرتي فقط ونحن فقدنا شخصا واحدا، ماذا عن الذين قُتِل لهم خلال الحرب أكثر من شخص أو أصيب.

واستطرد القول: في أغلب منازل اليمنيين مفقود، أو مصاب سواء بالجبهات، أو بسبب القصف الذي تعرضت له كثير من المدن أيا كان مصدره، مشيرا إلى أن الفرحة اختفت من منزلهم بسبب الحزن الذي يرافق والديه منذ وفاة شقيقه.

وختم حديثه، بالإشارة إلى تضحية كثير من الشباب بأرواحهم من أجل استعادة الدولة وقتال مليشيات الحوثي، التي يتم التفاوض اليوم معها، برغم أن الحرب قامت من أجل إسقاطهم حسب ما كان معلنا.

“كِذبة السلام”

هُدَن عديدة سمع عنها اليمنيون خلال سنوات الحرب، لكنهم لم يلحظوا أثرها على أرض الواقع، وذات الأمر بالنسبة لجولات المفاوضات العديدة، فملف السلام باليمن ليس سوى “كِذبة”، كما تقول الناشطة اليمنية تجد دعاء غنام.

تضيف دعاء في حديثها لـ”يمن مونيتور” بأنها تتوقع أن يقتصر الأمر على تسليم رواتب الموظفين وفتح بعض الطرقات فقط، مع استمرار المعارك في جبهات قتال عديدة من وقت لآخر.

وأضافت: “نحن في تعز، نعيش في ظل الحصار الجزئي منذ سنوات، ولم نستفد شيئا، لا سابقا، ولا اليوم، فأنا استبعد حدوث أي تغيير في المستقبل القريب، ولو حدث ذلك في مختلف المحافظات”.

“مستقبل مجهول”

محمد أمين (21 عاما) يقول هو الآخر ساخرا وبألم من الوضع القائم في البلد: “فرصة نلحق لنا قليل من شبابنا اللي ما عرفناه”.

يتحدث أحمد لـ”يمن مونيتور”، عن أحواله ومعانته قائلاً: عانيت كثيرا منذ طفولتي التي عشت جزءا منها خلال الحرب، فقد كنت مضطرا ومنذ أن كان عمري 16 ربيعا أن أعمل كسائق باص أجرة، لإعانة أسرتي التي تعاني بسبب استمرار ارتفاع الأسعار.

وتابع: اليوم وبسبب ما يجري، لم أكمل تعليمي الجامعي، وأشعر بإحباط كبير، وبأن المستقبل أمامي طريقه غير واضح المعالم.

“لقمة العيش”

عانى مختلف موظفي الدولة من انقطاع الرواتب البعض لفترة محدودة وآخرين حتى اليوم في مناطق سيطرة الحوثيين، ومنهم عبدالله عبده الذي كان يعتمد على راتبه وزوجته لتدبير شئون أسرتهما.

يضيف عبده في حديثه لـ”يمن مونيتور”، “انقطعت عنا كل مصادر الدخل، وعشنا أياما صعبة، بخاصة بعد إنفاق كل مدخراتنا، واليوم نعتمد على بعض معونات الأهل المغتربين، وما أجده من فرص عمل بسيطة”.

ونتيجة لما عاناه خلال السنوات الماضية، لم يعد يهتم عبده لنتائج السلام بمجملها وما قد تُفرزه من متغيرات، فما يعنيه هو استلامه وزوجته راتبهما، ليتمكنا من إعالة أسرتهما.

“الوضع في جنوب البلاد”

التحركات التي تجري في جنوب البلاد، جعلت محمد المقطري يشعر بخيبة أمل كبيرة، فبعد أن كان متفائلاً بحدوث نوع من الاستقرار باليمن، أصبح اليوم ينظر للمستقبل بتشاؤم كبير.

يقول المقطري في حديث لـ”يمن مونيتور”، “كنت أعتقد أن ما يجري بين الحكومة والتحالف العربي وجماعة الحوثي قد يخلق بعض الاستقرار، لكن بعد أحداث الجنوب، أصبحت قلقا للغاية وأشعر بالضياع، بخاصة أني أعيش في مدينة تعز”.

وأضاف “تعز مدينتنا لا نعلم ما مصيرها، ولا ندري كيف نخطط لحياتنا، كما أن عملي الذي كنت أخطط له في عدن جنوب اليمن قد ألغيته، خوفا من طردنا منها إذا تصاعد الوضع في الجنوب بشكل أكبر وقرروا الانفصال أو غيره”.

“الطريق إلى السلام غير واضح”

هيثم منصور، ينظر لما يجري اليوم من بُعد آخر، فهو يشعر باليأس، ولا يرى أن السلام إن تحقق باليمن، سينعكس على أرض الواقع، بخاصة مع استمرار بقاء جماعة الحوثي وبسلاحها.

فمن وجهة نظر منصور، يقول لـ”يمن مونيتور”، إن الأحقاد سيدفع ثمنها اليمنيون لعدة سنوات قادمة، وهي نتيجة متوقعة، مثلما حدث سابقا في عدة حروب شهدتها اليمن أو غيرها من البلدان.

وبيَّن: “لن يستطيع الكثير من اليمنيين التنقل بين المحافظات بسهولة، خوفا من الاعتقال أو التصفية، وهذا يعني أننا لن ننعم بالأمن والأمان بسهولة، وإنما قد يستفيد من ذلك الأجيال القادمة، ما لم يعيشوا جولات حرب جديدة”.

وفشلت كل محاولات الأمم المتحدة لإحلال السلام في اليمن، وتسببت الحرب الدائرة منذ ثمان سنوات بمعاناة كبيرة للمواطنين، وتوسعت رقعة الفقر لتشمل أكثر من 80% من السكان.

وشهدت اليمن مؤخرا تحركا واسعا في ملف السلام، أبرز ما نتج عنه، هو عملية تبادل أسرى كبيرة، تم الإفراج عن 3 من المشمولين بقرار مجلس الأمن (2216)، هم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس السابق اللواء ناصر منصور هادي، والقائد العسكري اللواء فيصل رجب، فيما ظل القيادي السياسي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان مجهول المصير.

وتتواصل الجهود الإقليمية والدولية، أملاً في إحراز تقدم أكبر في ملف السلام، الذي ما تزال ملامحه غير واضحة بعد، في ظل عدم اكتراث الكثير من اليمنيين لما يجري بسبب وجود أطراف خارجية تتحكم بالمشهد، خاصة مع فتح ملف انفصال جنوب اليمن والمضي نحو التطبيع السياسي مع الحوثيين كسلطة أمر واقع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى