أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

انتكاسة الرئاسي اليمني.. هل أجهض الانتقالي اتفاقيّ الرياض ونقل السلطة؟

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ تحليل خاص:

أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، يوم الاثنين، انتهاء اللقاء التشاوري الجنوبي في الفترة (4-8 مايو 2023)، وهو اللقاء الذي سعى فيه المجلس الانتقالي الجنوبي للحصول على ما يسميه “تفويض شعبياً” ليصبح صاحب الحق الحصري لتمثيل المحافظات اليمنين الجنوبية، خاصة مع تزايد الدعم الدولي لإيقاف الحرب.

ورفضت معظم الكيانات السياسية والاجتماعية المشاركة في اللقاء، بما في ذلك معظم الكيانات في حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى وأبين. لكن المجلس أعلن مشاركة 23 مكون وتوقيعه على الميثاق الوطني! والذي تزامن مع هيكلة كامل للهيئات التنفيذية في رئاسة المجلس الانتقالي. بينها ضم اثنين من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي كنواب لرئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي الذي هو أيضاً عضو في مجلس القيادة، ليصبح ثلاثة من أصل ثمانية أعضاء تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي ويتبنون أهدافه بانفصال جنوب اليمن.

بالنظر إلى “الميثاق الجنوبي” الصادر فعلى الرغم من فشله في تقديم تصور لحل القضية الجنوبية كما أعلن قبل انعقاد هذا اللقاء التشاوري، إلا أنه بدا يستهدف تفكيك مجلس القيادة الرئاسي، فإن التعيينات للمحرمي والبحسني وترحيبهم بالميثاق وتبنيه بانضمامهم إلى قيادة المجلس الانتقالي، يستهدف اتفاق نقل السلطة” (2022)، ويناقض التزامات المجلس الانتقالي الجنوبي باتفاق الرياض (2019).

على كل حال، يقع قرار انضمامهم للمجلس الانتقالي الجنوبي وهم أعضاء في المجلس الرئاسي، وتبنيهم وثيقة “الميثاق الوطني الجنوبي” في قلب الفوضى الحاصلة داخل مجلس القيادة الرئاسي الذي يبدو أنه فقد بوصلة الهدف من وجوده، ويناقض قرار نقل السلطة الذي أعلنه الرئيس عبدربه منصور هادي بدعم وتوافق السعوديين والإماراتيين في ابريل/نيسان 2022م.

يقدم هذا التقرير إجابة على تساؤلين اثنين: هل يعارض الميثاق الجنوبي الذي أعلن المجلس الانتقال، اتفاق نقل السلطة واتفاق الرياض والمبادرات السعودية المتصلة؟ ولماذا يريده المجلس الانتقالي الجنوبي بشدة؟!

اقرأ/ي أيضاً.. ميثاق الشرف الجنوبي.. تحديات تواجه الانفصاليين جنوبي اليمن 

عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات -AFP
أولاً، وحدة البلاد والهوية والنسيج الاجتماعي

يبدو أن تشكيل تيار يناهض إعلان نقل السلطة والأسس التي قامت عليه، ينقض فعلاً مهمة مجلس القيادة الرئاسي والأهداف المعلنة له، ويشير قرار نقل السلطة الصادر في ابريل/نيسان 2022، إنه جاء من أجل: تأكيد الالتزام بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدة أراضيه. كما يشير إلى أنه يقوم “بموجب دستور الجمهورية اليمنية في تجسيد إرادة الشعب واحترام الدستور والقانون وحماية الوحدة الوطنية ومبادئ وأهداف الثورة اليمنية”. كما يستند إلى “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”(2011) و”مخرجات الحوار الوطني” (2014)، واتفاق الرياض (2019). وجميعها أكدت على الوحدة اليمنية سواءً في إطارها الاندماجي أو الدولة الاتحادية، ولم يكن هناك إشارة من قريب أو بعيد إلى حدوث انقسام لجزء من أراضي البلاد.

وأكد “الميثاق الوطني الجنوبي” الذي جرى الإعلان عنه على أن مهمة اليمنيين الجنوبيين هي تحقيق استعادة الدولة الجنوبية التي كانت قائمة بين 1967-1990م، مشدداً إلى أن المحافظات الجنوبية والشرقية تخضع للاحتلال من صنعاء، ويقول إن الوحدة جرى استبدالها: بضم وإلحاق قسري (احتلال) للجنوب أرضاً وانساناً ودولة الى منظومة حكم صنعاء. (ديباجة المحور الثاني).

ويشير بشكل واضح إلى تمييز بين مواطني الجمهورية اليمنية ويعلن عن مسؤولية الميثاق عن تعزيز “هوية وطنية جامعة للجنوب” من غير الهوية الجامعة لليمن! يخالف المجلس الانتقالي بذلك اتفاق الرياض (2019) إذ يستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها “بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام”. (المادة 4).

ويناقض مبدأ “نبذ التمييز المناطقي” ما ذكره الميثاق الجنوبي: حماية الديمغرافيا الجنوبية وحفظ وتوثيق السجل المدني قبل العام 1990م ومراجعته عقب ذلك. (المحور الأول/المادة 19) إذ يشير إلى نوايا واستعدادات الفرز على الهوية بين المواطنين اليمنيين الجنوبيين، والتأكد من أصول السكان بناءً على العائلات التي كانت مسجلة كمواطنين في عهد النظام الماركسي.

كما يناقض ذلك اتفاق نقل السلطة (2022) الذي جاء وفق مبدأ: “تعزيز المساواة بين المواطنين في كافة الحقوق والواجبات وتحقيق الشراكة الواسعة”، وهدف “تجاوز الصعوبات والعراقيل التي وضعت أمام تحقيق شعبنا لطموحاته في بناء يمن جديد، وتحقيقاً لمتطلبات شعبنا في المحافظة على النسيج الاجتماعي ووقف نزيف الدماء، وتضميداً للجراح، وتجسيداً لأهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين، وللمحافظة على وحدة شعبنا في دولة مدنية تحقق الشراكة الواسعة والتوزيع العادل للثروات، وتحمي الجميع، وتحقيقاً لجوهر مخرجات الحوار الوطني الشامل.

ثانياً، القوة والجيش

يشير الميثاق الذي أصدره المجلس الانتقالي إلى امتلاك جيش “الجيش مؤسسة وطنية يحمي سيادة الوطن ويبنى مع الأمن الفيدرالي وفق أسس وطنية وعلمية ومهنية وتمثيل وطني عادل”.(المحور الأول/21)؛ يتناقض ذلك مع مهمة اتفاق نقل السلطة: تهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة، ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، وأي مهام يراها المجلس لتعزيز الاستقرار والأمن. (ديباجة)

كما يتناقض ذلك مع اتفاق الرياض الذي يؤكد على ضم وتوحيد القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة المعترف بها دولياً. (المادتان 2و3 والملحقين الثاني والثالث).

 

ثالثاً، التمثيل المنفصل

 يشير الميثاق الجنوبي إلى أن تمثيل ” تمثيل الجنوب وقضيته في عملية التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة، يكون في إطار مستقل تكون بموجبه قضية شعب الجنوب أولوية في الحل وفق مفاوضات ندية ثنائية شمال وجنوب”. (محور قضية شعب الجنوب-ثالثاً).

يناقض ذلك اتفاق نقل السلطة: حيث يلتزم رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم. كما يناقض: يتولى مجلس القيادة الرئاسي التفاوض مع (أنصار الله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام. (ديباجة)

ويناقض اتفاق الرياض على “مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني”. (المادة 8)

 

رابعاً، التعيينات

 تعيين عبدالرحمن المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات العمالقة، وفرج البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي، إلى جانب عيدروس الزُبيدي ينقاض مهامهم بموجب اتفاق نقل السلطة: حيث يلتزم رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم. ومسؤولياتهم في حماية وحدة أراضي الجمهورية اليمنية والدفاع عنها، وحماية النسيج الاجتماعي.

اقرأ/ي أيضاً.. دراسة جديدة: ظهور حضرموت كمركز: التقاء الظروف اليمنية ودهاء الحضارم 

عقدة التفويض الشعبي

يمنح ضم قوات العمالقة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي قوة عسكرية كبيرة، كما يمنح انضمام فرج البحسني باعتباره ممثلاً عن حضرموت والمناطق الشرقية في المجلس الرئاسي قوة سياسية أكبر كإلحاق للرفض الحضرمي للمجلس الانتقالي حيث يرى الحضارم في البقاء ضمن اليمن بحكم ذاتي أفضل بكثير من العودة إلى الدولة الجنوبية السابقة التي أقصتهم وألغت وجود المحافظة وتاريخا كمركز.

بذلك يقدم الزُبيدي والمجلس الانتقالي الجنوبي نفسيهما كممثل للمحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية رغماً عن معظم المكونات الجنوبية الرافضة مستخدماً ما يسميه “التفويض الشعبي” ليكون الممثل الوحيد في المشاورات المتوقعة مع الحوثيين. لكنه بذلك يخرق اتفاق نقل السلطة وينقلب على مجلس القيادة الرئاسي ويضعف قوته السياسية بصفته حكومة معترف بها دولياً، كما ينقلب على “اتفاق الرياض” الذي ضمه للحكومة اليمنية ويعتبره اليمنيون؛ والمسؤولين الإقليميين والدوليين الاتفاق الأهم لبقاء معسكر الحكومة اليمنية/التحالف متماسكاً.

وكان لبدء اللقاء التشاوري في تاريخ 4 مايو/أيار تأكيد على الرمزية لهذا اليوم الذي أعلن فيه عن “تفويض شعبي جنوبي” لتأسيس كيان يطالب بانفصال جنوب اليمن قبل ست سنوات. فمنذ تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو/أيار 2017، بدعم وتسليح وتدريب وتوجيه إماراتي، وهو يبحث عن طريقة تجعله متمكنا من التمثيل الشعبي، حريصاً على كونه الممثل الوحيد والحصري لأبناء المحافظات الجنوبية؛ حيث عقب إقالة عيدروس الزُبيدي وهاني بن بريك من منصبيهما محافظ عدن ووزير الدولة، على التوالي، دعوا إلى خروج تظاهرات في 4 مايو/آيار 2017م تطالب “مفوضين عيدروس الزُبيدي” بإعلان كيان جنوبي يتبنى الانفصال؛ اعتبره الزُبيدي والإماراتيين استفتاءً شعبياً يطالبهم بإعلان هذا الكيان الذي أعلن بعد أسبوع من هذه التظاهرات وهو “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وما يزال يستخدم الزُبيدي التفويض هذا لإعلان قراراته ضد الحكومة اليمنية منذ ذلك الحين.

اقرأ/ي أيضاً.. “الصيف”.. فقاسة قتلى الحوثيين الجدد (تقرير خاص)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى