أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

الأمراضُ النفسية في زمن الحرب.. انتشارٌ مخيف في واقعٍ لا يبشر بالخير!   

يمن مونيتور/ افتخار عبده  

انتشرت الأمراضُ النفسية بين أوساط اليمنيين في زمن الحرب بشكل مقلق؛ نتيجةً للظروف الصعبة والأهوال التي يعيشونها منذ بداية الحرب.  

وتزداد الحالات النفسية في اليمن التي صُنفت على أنها تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقدير الأمم المتحدة.  

ويُرجع أخصائيون السبب في هذا إلى الحرب وغلاء المعيشة فهذان الأمران كفيلان بأن يجعلا نفسيةَ الإنسانِ في قلق دائم وتخبط مستمر.  

وقد تركت الحربُ مجالًا واسعًا لمهربي الممنوعات كمادة الشبو والحشيش وهذا ما جعل البعض يدمنها، الأمر الذي حول حياة الكثيرين إلى جحيم.   

وتقول أماني يحيى (أخصائية نفسية)” انتشرت الحالات النفسية بين أوساط اليمنيين بشكل كبير في زمن الحرب وهذا يرجع لغلاء المعيشة وللصدمات التي يتلقاها المواطنون باستمرار”.  

وتضيف يحيى لـ ” يمن مونيتور”  عملت الحربُ على زعزعة الاستقرار النفسي ومزقت النسيج الاجتماعي، فتفرقت الكثير من الأسر وحدث شرخ كبير في العلاقات ما أدى إلى القلق والتوتر المستمر الذي يعيشه اليوم غالبية أبناء الوطن”.  

وأردفت” دخل الكثير من الشباب في مرحلة الاكتئاب وهذا يرجع لفقدانهم أشياء كانت تعني لهم الكثير كفقدان الأهل أو فقدان الوظيفة أو فقدان التعليم”.  

وأشارت إلى أن” الكثير من الشباب اليوم ممن كان مستواهم التعليمي عاليًا لكن الحرب ودواعيها جعلتهم عاجزين عن مواصلة تعليمهم وهذا ما يعود سلبًا على نفسياتهم؛ فيصابون بالاكتئاب”.  

وبينت أماني أن” الأطفال في اليمن هم أكثر عرضةً للاضطرابات النفسية، فالحرب قد انتزعت من الأطفال حقوقهم وما عدوا يعيشون طفولتهم كما ينبغي، لقد تدخلت في كل أمورهم الحياتية فثقافة الموت والقتل هي السائدة بينهم اليوم”.  

وواصلت” حتى أنهم عندما يلعبون تكون الحرب حاضرةً بينهم، فأغلب ألعابهم عن الفقد والقتل وسفك الدماء، سواء كانت ألعابًا إلكترونية أو فيما بينهم مع أطفال حاراتهم”.  

وأكدت أن” الكثير من الأطفال اليوم يصابون بأمراض نفسية كالتوحد، أو اضطراب ما بعد الصدمة لما يرون أمامهم من قتل وقصف وأمور أخرى قاسية تفوق تحملهم واستيعابهم”.  

ولفتت إلى أن” بعض الأطفال قد يصابون بالشلل أو يتوقفون عن النطق وهذا كله يرجع إلى أنهم أصيبوا بصدمة نفسية قوية كأن قُتل أقاربهم أمام أعينهم أو أن تم الاعتداء عليهم”.  

وأردفت ” الحرب تركت مجالا واسعًا لمهربي الممنوعات وهذا الأمر جعل البعض يدمنها كا الشبو والحشيش مما يعجل حياة هؤلاء لا معنى لها، ولا يقدرون على التعايش الطبيعي مع الواقع ومن فيه”.  

في السياق ذاته يقول جمال الوصابي” خلفت الحربُ في اليمن أمراضًا كثيرة جسدية ونفسية، لكن الأشد والأنكى، هو المرض النفسي، فالحالات النفسية، قد أصابت الكثير من اليمنيين في زمن الحرب”.  

وأضاف الوصابي لـ” يمن مونيتور” أصبح الناس اليوم في فقر مدقع بسبب طول أمد الحرب ودواعيها، فأصيب الكثير منهم بالهستيريا، والقلق.. والجنون”.  

وأردف” نحن كشعب وبسبب الحرب والحصار الخانق، نشعر بأنا شعب معزول عن العالم.. مشلول، ومنبوذ، لا قيمة له، نشعر بهذا من خلال المعاملة التي نتلقاها من العالم الصامت إزاء أوجاعنا التي تكثر مع الأيام”.  

وتابع” تغيرت أحوالنا فهناك من أصبح عدوانيًا شرسًا لا يتقبل الطرف الآخر على الإطلاق والبعض من دخل في عزلة تامة إثر الأحداث الموجعة والمخيفة التي تلقاها في واقع ازدادت فيه الجريمة واستشرى القتل غير المبرر له”.  

وأشار إلى أن” حقوق الإنسان في اليمن تنتهك باستمرار، فالقوي يسيطر على الضعيف ويسطو على ممتلكاته، وذلك الآخر يصارع حتى يفقد الأمل ويزداد ألمه وهذا ما يوصله إلى مرحلة الاكتئاب وقد يصل البعض إلى الجنون”.  

وبين أن” الإدمان انتشر بشكل واسع، كما انتشر إلى جانبه السلوك المضاد للمجتمع مما شكل خطرا على نفسيات الكثير فباتوا يعيشون حياتهم باضطراب مستمر”.  

بدورها تقول أم علي(اسم مستعار)” آذتنا الحرب بشكل لا يوصف، أثرت على أرواحنا قبل أجسادنا، أوجعتنا بكل المستويات، ولعل الفقد والحرمان هما الأمران  الأبرزان  اللذان جاءت بهما الحرب إلينا”.  

وتضيف أم علي لـ” يمن مونيتور” تم اختطاف ابني قبل خمس سنوات من قبل الحوثيين دونما ذنب ارتكبه، فقد تم أخذه بدون مقدمات وبقي في سجونهم قرابة عامين كاملين تحت التعذيب والتهديد والتجويع”.  

وأردفت” أجبروه على الاعتراف بأمور لا يعلم عنها شيئا؛ ولأنه لا يعرف شيئا مما يأمرونه بالاعتراف به، لقي أصنافًا من العذاب والتغييب من سجن لآخر، حتى أن إضرابه عن الطعام لم ينفع بشيء، بل زاد في جوعه إلى جانب آلامه الكبيرة”.  

وتابعت” غياب ابني عني جعلني أعيش في وسواس ليل نهار، في حيرة من أمري أسأل نفسي عنه وأجيب بإجابات لا تزيد حالتي إلا عذابًا حتى أنني وصلت لمرحلة أني بت أحدث نفسي ولا أدري إلا عندما يوقظني الآخرون من شرودي”.  

وأشارت إلى أنه” تم الإفراج عنه بعد عذاب طويل وخسارات لا تعد ولا تحصى لكني كنت سعيدةً أنني وأخيرًا سأرى ولدي بصحة وعافية أمام عيني، ففُوجئت به وكأنه شخص آخر”.  

وواصلت” أصيب ولدي بمرض نفسي نتيجةً لما تلقاه من أوجاع في المعتقل الذي ذاق فيه كل الويلات، حتى أنه أصبح يخاف من أمور تافه ولا يقدر على مغادرة المنزل إطلاقًا ولا يكلم الناس، حياته كلها محصورة بين الغرفة والحمام ولا أكثر من ذلك”.  

وبينت” كان ولدي غائبًا عنا وهو في سجون الحوثيين وهو اليوم غائب عنا أيضًا على الرغم من أنه أمام أعيننا وهذا ما يزيدنا وجعًا وحرقة عليه وعلى مستقبله المجهول”. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى