فكر وثقافة

تلويحةٌ لمطرٍ سخي

عبدالعزيز الزراعي

 

البَحْرُ عائِلَةٌ لِدَمْعِ سَحَائِبِ

والنَّهْرُ عُكَّازٌ لِرَمْلٍ شَائِبِ

مِنْ أينَ أشرَبُ؟!  كُلُّ مَا أَحْتَاجُهُ

مَاءٌ سَمَاوِيٌّ بِغَيْرِ شَوَائِبِ

هُوَ أنَتَ يا لُغَةَ الجَمَالِ.. محمدٌ

مَطَرٌ يُلَوِّحُ  لِلْمِيَاهِ تَوَاثَبي

جَرَّبْتُ أَسْئِلَةَ الْوجُوْدِ.. وَحِيْنَمَا

شَارَفْتُ مِنْكَ نَسِيْتُ كُلَّ تجَارُبي

وَلِكَيْ أَرَاكَ وَلَوْ مَجَازَاً وَاحِدَاً

عَادَيْتُ نَفْسِي وَاتَّخَذْتُكَ صَاحِبي

فَامْنَحْ مَجَازَاتِي الْكَفِيْفَةَ أَعْيُنَاً

حَتَّى تَعِيْكَ.. وَتَصْطَفِيْكَ مَشَارِبي

هَذِي مَدَائِنُنَا الْـمُضِيْئَةُ لا تَرَى

خُذْنِي لِنُوْرِكَ مِنْ ظَلامِ أَقَارِبِي

أَنَا، يَا بْنَ عَبْدِ اللهِ، جِئْتُكَ سَاتِراً

بِجَمِيْلِ مَدْحِكَ مُوْحِشَاتِ خَرَائِبي

الأَرْضُ نَازِحَةٌ..  خِيَامٌ عُرْيُها

في الْقَلْبِ، واقفةٌ بغير مَضَاربِ

وَطُفُوْلَةٌ في البَرْدِ..حَرْبٌ رِيحُها

تَعْوِيْ..  وَصَحْرَاءٌ بغيرِ كواكِبِ

تحتاجُ وجهَكَ يا محمدُ حاجةَ الـْ

ـكَلِمَاتِ في لَيْلِ الْمِدَادِ لِكَاتِبِ

يا خَيْرَ ما ادَّخَرَ الضِيَاءُ لِلَيْلِنَا

العَرَبِيِّ.. لِلطِّيْنِ الْمَهِيْنِ اللَّازِبِ

وَأَعَزَّ  مَا تَهَبُ الْمِيَاهُ لِظَامِئٍ

وَأَلَذَّ مَا تَحْنُو الظِلَالُ بِتَاعِبِ

يَا قَائلِاً لـ(قُرَيْشَ) حِيْنَ هَزَمْتَها

مَا قالَهُ البحرُ الْكَبِيْرُ لِقَارِبِ

سِرْ.. لا تَخَفْ مني تَلاطُمَ لُجَّتي

إِنِّي أُحَرِّكُ -كي تَسِيْرَ –مَنَاكِبي

شَجَرُ الفَضِيْلَةِ، يا محمدُ، باسِقٌ

مُذْ جِئْتَ لمْ يَبْسِطْ يديْهِ لحاطِبِ

الأَرْضُ خَارِطَةُ الشَّتَاتِ جَمَعْتَها

فَمَحَوتَ بَيْنَ مَشَارِقٍ وَمَغَارِبِ

دِيْنُ المحبَّةِ كَانَ دينَكَ.. مَنْ رَأَى

دِيْنَاً يَصَيْحُ عَلَى الجِهَاتِ تَقَارَبي

وَخَلَعْتَ مِصْرَاعِي فُؤَادِكَ فَاتِحَاً

أبْوَابَهُ لِلنَّاسِ غَيرَ مُوَارَبِ

وَأَنَا الْمُسَافِرُ بِالْقَصِيْدَةِ جِئْتُ مِنْ

(يَمَنٍ) كَمِصْبَاحِ المَقَابِرِ شَاحِبِ

وَمَعِيْ أحِبَّتُكَ القُدَامَى كلُّهُمْ

والْحُبُّ مِيْرَاثِي وَمِلءُ حَقَائِبي

وَمُهَاجِرُونَ عَلَى نِيَاقِ جِرَاحِكَ السـْ

ـسَمْحَاءِ تَفْهَمُهُمْ بِغَيْرِ تَخَاطُبِ

أَحْزَانُهُمْ مِلءَ السِّلالِ تَكَالَبَتْ

مِنْ حَوْلِهِمْ أُمَمٌ ذَوَاتُ مَخَالِبِ

جَوْعَى وَمُمْتَلِئُونَ بالإِيِمَانِ، لمْ

تَمْسَسْ أَنَامِلُهُمْ إِنَاءَ مُحَارِبِ

مُتَعَفِّفُونَ عِنِ الإِناءِ لِأَنَّهُمْ

يَتَقَاسَمُونَ لَذِيْذَ خُبْزٍ ضَارِبِ

في النُّورِ، مِنْ كفِّ النَّبيِّ.. مواكبٌ

مِنْ صَحْبهِ ادَّخَرَتْهُ بعدَ مَواَكِبِ

حَجَرٌ على البَطْنِ الكَرِيمِ يُضِيْئُهُمْ

لِلآنِ ..لا سَفَرٌ بِغَيْرِ متاعبِ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى