كتابات خاصة

مأساة التيار الكهربائي في تعز

إفتخار عبده

منذ مايقارب سبعة أعوام وأبناء مدينة تعز يقبعون تحت وطئة الحصار الخانق والحرب التي تحطب الأخضر واليابس من البشر وممتلكاتهم، وعلى الرغم من هذا كله تعيش المدينة في صمود وإباء كبيرين؛ وذلك لأنها تستشعر في ذاتها أنها تواجه عدوًا لدودًا معاديًا  لها ولدينها وقيمها ومبادئها وهو الحوثي الذي أخذ منها الشيء الكثير وجعلها تئن وجعًا لكثر الضربات التي تتلقاها منه في كل يوم وليلة.

 

وإزاء هذا  العداء الغاشم يشعر أبناء تعز بالصمود والكبرياء فهم يواجهون هذا العداء بالتصدي له وعدم الخنوع لأي سبب من الأسباب، وهم رافعون رؤوسهم أمامه وهذا أمر طبيعي وجميل  يحسب لهذه المدينة التي لا ترضى إلا بالعزة والكرامة منذ الأزل وحتى يومها هذا، لكن العجيب والمؤسف جدا أن يظهر  لهذه المدينة عدو من الداخل ومن السلطة المحلية ذاتها التي يعول عليها في حماية هذه المدينة المحاصرة من قبل الحوثيين ورفع البلاء عنها والعمل على التقليل من الوجع الذي تشعر به خلال سنوات الحرب.

 

هاهي  مدينة تعز اليوم تقبع تحت رحمة القطاع الخاص  بالنسبة للكهرباء وتحت رحمة المستفيدين من الأموال الطائلة التي يحصل عليها أصحاب الشركات الاستثمارية في الطاقة الكهربائية الذين يقومون باستغلال حاجة الموطنين للكهرباء وابتزازهم عن طريق ذلك فيعملون على رفع أسعارها مما جعل المواطن هنا يشعر بالضيق الكبير فلا هم قادرون على دفع ما يطلب منهم مقابل الكهرباء ولا هم قادرون في الوقت ذاته على الاستغناء عنها.

 

يصل اليوم سعر الكيلو الواحد من الكهرباء إلى 500 ريال بالإضافة إلى الاشتراك الشهري الذي يُدفع وهو 2000 ريال  وهذا الذي يجعل المواطن في مدينة تعز عرضة للسلب  والابتزاز من قبل المستثمرين في مجال الطاقة الكهربائية، فأصحاب البيوت يدفعون ما يثقل كاهلهم ناهيك عن  أن التجار وأصحاب المطاعم ومحلات الصرافة تصل فاتورة الكهرباء التي يجب عليهم سدادها إلى ما يقارب  الـ500 ألف في الشهر الواحد مما يعيق سير العمل لديهم، والسلطة المحلية في غياب عن هذا كله وكأنها لا تسمع لما يحدث لهذا المواطن وللذي يشكو منه، مما يثير الشك لدى الكثير في أنها متواطئة مع المستثمرين ضد الشعب المغلوب  بحسب رأي الكثير من الناس الذين يسألون وبشكل مستمر عن الرقابة المحلية وعن دور السلطة في الحد من هذا الفساد المستشري داخل المدينة.

 

حينما تستخدم مولدات وشبكات الدولة العامة في القطاع الخاص تكون النتيجة مأساوية فالقطاع الخاص عادة ما يبحث عن المصلحة الشخصية وعن الكسب الكثير والاستثمار المجدي له شخصيًا وإن كان ذلك على حساب المواطن المغلوب كما هو حاصل اليوم في قطاع الكهرباء هذه  التي تحولت من وسيلة إنقاذ إلى مصدر للهم والحزن ومصدر يعجز المواطن عن مواصلة  مسيرة حياته بالشكل الطبيعي.

 

كفى هذه المدينة ما تعيشه من عناء ومن حرب وحصار من قبل العدو الأكبر، إنها لم تعد تقوى على حمل المزيد من الأوجاع والمآسي فما تحملته خلال سنوات الحرب كان كثيرًا جدًا إنها ليست بحاجة  اليوم لمزيد  من النكبات والأتعاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى