آراء ومواقف

جيوبوليتك المواقد

مصطفى ناجي الجبزي

حجر آخر من أحجار الاثافي يتموضع في افغانستان. وتتوالى مناسبات التوتر والاشتباك احياناً بين إيران وافغانستان طالبان. كل عناصر وصفة الصراع المرير والمستنزِف قائمة بين البلدين. مذهبية وأثنية وقبلية ولغوية وصراع مصالح وعلاقة غير متزنة: جار قوي شره هو إيران ودولة هشة متشظية لكنها شرسة ومحمية بطبيعتها الجغرافية هي افغانستان، حدود برية طويلة؛ قرابة ألف كليو متر، وتداخل اثني، وممرات تهريب للأموال الأجنبية والمخدرات والسلع والبشر، بالإضافة إلى صراع حول اساسيات كالماء والطعام والوقود.

تعاونت ايران مع امريكا للخلاص من طالبان لكن هذه الأخيرة عادت وهي مزودة بسلاح حديث تحلم به الدول المتوسطة. عادت وتحمل معها ارث ثقيل من الحسابات التي ينبغي تصفيتها في العاجل او الآجل.

احتضنت ايران لاجئين افغان يفوق عددهم على المليون والنصف لكنها غير قادرة على توفير فرص حياة وشروط حياة كريمة لشعبها فما بالك باللاجئين وبهذا فإن هذا الأمر يرتد عليها غضبا افغانيا بسبب سوء المعاملة التي يتعرض لها الافغان في ايران.

البلد غير الديمقراطي والذي ليس فيه اساليب مساءلة لا يصلح بدوافع عاطفية او براجماتية ان يحتضن لاجئين لأنه غير قادر على توفير الرعاية لهم او غير قادر على لجم العنصرية التي توجه نحوهم.

استغلال اللاجثين كجيش احتياطي في حروب طائفية هو رصيد محدود.

غادر الامريكان افغانستان وقد جعلوها برميل بارود قابل للانفجار في اي لحظة. لكنه انفجار مخروطي سيتوجه نحو الخارج كثيرا ليلحق الضرر بكل من ايران والصين ويتزامن مع حجر اثافي اخر ساخن هو اوكرانيا.

وبهذا يزداد عدد بؤر التوتر المحيطة بروسيا.

الوضع في افغانستان يفتح شهية الدولة الصاعدة الى التدخل بكل الوسائل: دبلوماسيا وانسانيا وعسكريا، الجميع مدعو الى هذا العرس: قطر، الامارات، السعودية، تركيا وبالطبع باكستان والهند.

وتدخل المتناقضات ليس بحميد.

الحرب في اوكرانيا لم تزعج روسيا فقط وقزمت أحلامها بان تكون قوة عالمية مهابة او تثير مخاوف اوروبا بل اعاقت مشاريع الصين في نقل البضائع عبر البر في قضبان قطارات من أقصى مدن الشرق الصيني إلى موانئ المانيا وهولاندا ومدن فرنسا. وقوع أزمة ثانية على تخوم الصين وأكثر قرباً من مشاريعها للنقل البري للبضائع يمثل ضربة قاسية.

في هذه الحالة المفترضة سيتوجب اخماد نيران الحرب في اليمن لضمان سلامة النقل البحري وحمايته.

هناك حاجة دولية فوق الدوافع الانسانية لاغلاق ملف اليمن. وينبغي فهم هذه الحاجة والتجاوب معها بذكاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى