عربي ودولي

نقص الأدوية في لبنان وسط أزمة مالية وتفشي كورونا يثير ذعر المواطنين

 (شينخوا)

تحاول رشا قبلان منذ شهر العثور على دواء لمرض “باركنسون” لوالدها من خلال جولات تقوم بها على الصيدليات في بيروت وجنوب لبنان ، لكنها فشلت حتى الأن في العثور على علبة واحدة من الدواء المطلوب.

وقالت قبلان لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنها طلبت من أصدقاء في مناطق مختلفة من البلاد البحث في الصيدليات القريبة من أماكن إقامتهم عن دواء والدها، لكنهم بدورهم لم يتمكنوا من الحصول عليه.

وقال مريض آخر لـ((شينخوا)) أنه كان قد أصيب بـ(كوفيد-19) وانه نقل إلى المستشفى ليعود إلى منزله بعد أيام ، لكنه لم يتمكن من أن يجد في الصيدليات الأدوية المطلوبة لمواصلة علاجه بالمنزل.

وأضاف المريض ، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته ، أنه اضطر للعودة إلى المستشفى ليطلب من صيدليتها تزويده بالأدوية اللازمة للشفاء التام من (كوفيد-19).

وقال “بعد مفاوضات حصلت صيدلية المستشفى على موافقة الإدارة لتزويدي بالأدوية المطلوبة”.

وقد كان مريض (كوفيد-19) محظوظا لأنه حصل على أدويته من المستشفى الذي عولج فيه لأن معظم المستشفيات في لبنان تكافح لتأمين الأدوية اللازمة لمرضى(كوفيد-19) والأمراض الأخرى وسط أزمة نقص الأدوية في البلاد.

ومع أزمة تفشي (كوفيد-19) يواجه لبنان أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وإلى تفاقم البطالة والتضخم المالي وانهيار العملة المحلية والقدرة الشرائية وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار الأمريكي وتقييدها بالعملة المحلية.

وقد اختفت عن رفوف الصيدليات في جميع أنحاء لبنان الأدوية لكل الأمراض المزمنة والمستعصية من باركنسون إلى الكوليسترول والسكري وضغط الدم وصولا الى الأدوية المستخدمة في علاج (كوفيد-19).

وقد نجمت أزمة الأدوية بشكل أساسي عن تراجع احتياطي العملة الأجنبية في مصرف لبنان المركزي ، مما دفع حاكم المصرف رياض سلامة للإعلان أنه لا يمكنه استخدام الاحتياطي من النقد الأجنبي لتمويل التجارة، مع بلوغ هذا الاحتياطي الحد الأدنى ، مما أثار مخاوف المواطنين من الارتفاع الحاد في أسعار الأدوية والسلع والخدمات الأساسية.

ويدعم مصرف لبنان المركزي السلع الأساسية وبينها القمح والدواء والمشتقات النفطية ومنتجات غذائية أخرى مستوردة لتمكين المواطنين من شرائها بأسعار معقولة ، وذلك على أساس سعر الصرف الرسمي للدولار الأمريكي البالغ 1515 ليرة لبنانية في حين أن سعر الصرف في السوق الموازية يقارب 8500 ليرة وسط تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محليا.

ومن شأن عدم قدرة الحكومة على دعم السلع الأساسية أن يؤدي ذلك إلى شراء التجار هذه المواد بسعر السوق الموازية وبالتالي ارتفاع أسعارها بشكل جنوني وتضاعفه 5 مرات مما سيؤدي إلى زلزال اجتماعي وسط بطالة قياسية وتآكل مدخرات اللبنانيين وأجورهم الشهرية .

ويبلغ الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة أي ما كان يوازي 450 دولارا أمريكيا ، بينما يصل حاليا مع بلوغ سعر الصرف 8500 ليرة للدولار الى نحو 79 دولارا.

وقال غسان الأمين رئيس نقابة الصيادلة لـ((شينخوا)) إن مصرف لبنان المركزي يساند عادة فاتورة الأدوية بقيمة مليار دولار أمريكي سنويا.

وأشار إلى أن الأزمة نتجت عن الذعر الذي دفع بالمواطنين لشراء الأدوية في وقت يخطط فيه المصرف المركزي لرفع الدعم عنها.

وأضاف غسان الأمين ” لا يمكن لوم الناس على ذلك ، فهم يخشون ارتفاع الأسعار وسط الأزمة الاقتصادية الحالية في حين أنه قد يتم استبدال النقص في الأدوية المستخدمة في بعض الحالات بأدوية بديلة ، وهو الأمر الذي قد لا يكون مناسبا للمستهلكين”.

في غضون ذلك أبلغ صيادلة المستشفيات الذين قابلتهم ((شينخوا)) عن وضع مزر فيها عندما يتعلق الأمر بأدوية (كوفيد-19) .

وقال صوما كبير الصيادلة في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأمريكية (مستشفى رزق) لـ ((شينخوا)) “إننا نواجه مشكلات كبيرة عندما يتعلق الأمر بأدوية (كوفيد-19) الأمر الذي يجبرنا على اللجوء إلى السوق السوداء لتأمين احتياجاتنا من الأدوية لمرضانا”.

وأوضح أن بعض المستشفيات تعاني من نقص في أدوية (كوفيد-19) لأن الموردين يطلبون الدفع بالدولار الأمريكي مقابل منتجاتهم وهو ما لا يتوفر في ظل الأزمة المالية الحالية.

بدورها عزت رنا العلي ، كبيرة الصيادلة في مستشفى الشرق الأوسط ورئيسة لجنة صيادلة المستشفيات في لبنان ، الأزمة إلى بطء آلية المصرف المركزي في فتح اعتمادات للموردين لاستيراد الأدوية.

وقالت “نعاني من نقص في الأدوية الأساسية لمعالجة مرضى (كوفيد-19) والأدوية الأخرى منذ ما يقرب من عام”، لافتة إلى تزايد أعداد مرضى (كوفيد-19) بشكل ملحوظ.

من جهته قال الأمين لـ ((شينخوا)) إنه تقدم بطلب إلى مصرف لبنان المركزي للإسراع في عملية فتح اعتمادات للموردين.

وأضاف “أعطيت المصرف المركزي قائمة بالأدوية العاجلة ، لكنني أعتقد أن العملية لن تتم حتى يقرر المركزي ما إذا كان سيرفع الدعم عن الأدوية أم لا”.

وقال جو سلوم ، مالك صيدلية ، لـ ((شينخوا)) ان النقص في أزمة الأدوية ناتج عن تهريب المنتجات المدعومة إلى دول أجنبية.

وفي الأسابيع الأخيرة ، تم توقيف مسافرين في مطار بيروت الدولي أثناء محاولتهم السفر إلى العراق ومصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية بحقائب مليئة بالأدوية المدعومة.

ويشهد لبنان فراغا حكوميا منذ أغسطس الماضي ، إضافة إلى أزمة سياسية واقتصادية ومالية متمادية منذ أكتوبر 2019 ، مع تزايد أعداد الأسر الأكثر احتياجا والتي يقدر الخبراء عدد أفرادها بنحو مليونين ونصف مليون لبناني يمثلون قرابة 50 في المئة من الشعب اللبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى