كتابات خاصة

راعي في جبل جرة (15)

أحمد عثمان

كان من الخطأ بعد أيام من السيطرة على الزنوج أن ترسل المقاومة أفراداً إلى جبل الوعش بعدد قليل، لا يغطون جبل الوعش الواسع، وبدون دعم ولا تغطية. كان من الخطأ بعد أيام من السيطرة على الزنوج أن ترسل المقاومة أفراداً إلى جبل الوعش بعدد قليل، لا يغطون جبل الوعش الواسع، وبدون دعم ولا تغطية. هذا أدى إلى أن هجوماً مضاداً بأكثر من مئتين مسلح وبتغطية كثيفة من الجهات المحيطة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة انسحب الشباب من جبل الوعش بدون خسائر.
وبدأت مرحلة من الارباك بسبب نقص الذخيرة وانعدام المصاريف وقلة التغذية، إضافة إلى وصول تعزيزات كبيرة من جماعة الحوثيين وصالح الذين بدأوا هجوماً كل ليلة تقريباً مع قصف مكثف من الدفاع وتبة قاسم غرباً ومن سوفتيل شرقاً، ومن ..الستين …
شمالاً تحول المواقع إلى نار بدأ بعض الأفراد في المقاومة ينسحبون، وعندما تم الهجوم وتحت الضغط انسحبت المقاومة ما عدى مجموعة واحدة صمدت بشكل غريب؛ كان الهجوم غير متكافئ والانسحابات يتبعها روح ضعف في المعنويات، ومع هذا ارتفعت معنويات المجموعة إلى السماء.
قال محمد، وهو واحد من أفراد المجموعة: لا تفكروا بالانسحاب ولا تفكروا بالخوف نحن سنرعبهم ونهزمهم.
قال أبو صالح وهو حوثي لديه خبرة بالحرب في تعز والجبل كان في الجهة المقابلة” ألم أقلكم لا تفرحوا، لم نواجه الموت الأحمر بعد، لقد اصطدمنا بالصخور وهذا ما كنت أخافه!
قال أبو حمود: يابو صالح لا تهزمنا وصلنا آخر الشوط.
أبو صالح: هو هذا آخر الشوط الذي سيكسرك، شلها مني، أنا أعرف هؤلاء وقتالهم، مجربين كلما نواجهم يكون الخيار التوقف أو الموت؛ أنت جديد على تعز وعلى  هذا الجبل ولا تعرف صخور الجبل.
أبو حمود: سنحرق فوقهم الأرض، سنتصل بأصحابنا يغطونا بالقصف، عليهم من كل مكان.
–ما ينفعش يابوحمود، إلان أنت ما تبسر ولا تفكر بيننا وبينهم أمتار والقصف سيقع على رأسك قبلهم؛ اعذب الشيطان وتوقف ويكفينا الانتصارات التي حققناها.
قبل أن يكمل أبوصالح حديثه كانت رصاص المجموعة تردي مسلحاً بجانبهم قتيلاً، فقد تسلل اثنان من المجموعة والتفوا عليهم من الجهة وبدأ هجوماً معاكساً.
انسحب الحوثيون، وكانت بداية تقهقرهم، وبدأت مرحلة استعادة المواقع.
كان صبري وعمار يمثلان  راس حربه في هذه المعارك، على الدوام فهو من الشباب المتوثب خبرة وإخلاصاً وتفانياً، قرر مع اثنين من زملائه أن ينفذا هجوماً لسحب جثة أحد المقاومين الذين رفض الحوثيون تسليمه كعادتهم أثناء الهجوم تعرضوا لكمين تم فيه ضرب بازوكا لتصيب أحد الثلاثة المهاجمين مباشرة بينما يقع الآخران في الأسر.
عندما حضرت تعزيزات المقاومة استطاعت دحر الحوثيين، وسحب جثمان الشهيد الذي حاول صبري سحبها، والجثمان الذي سقط موخراً، كانت الاربي جي قد أصابته مباشرة بصورة يصعب التعرف على صاحبها، ومع هذا فقد أكد قائد المجموعة أن الشهيد هو صبري نفسه وأن حميد وسعيد وقعا في الأسر.
وقع خبر استشهاد صبري ثقيلاً على المقاومين، بينما العم عبده ينتظر صبري كل يوم على أحر من الجمر ليقص له حكايته كلها، ولأنه  بمثابة ولده الوحيد أو كما قال أنت الطفل الذي في الصورة يا صبري، فلا تتركني أنت أيضاً فلم أعد احتمل مثل هذه الأوجاع.
حضرت مجموعة من معارف العم عبده لزيارته إلى بيته فهم يعرفون مكانة صبري لديه قال عبد الرحيم عظم الله أجرك عم عبده.
التفت عم عبده محدقاً في وجه عبدالرحيم دون كلمة وبعد صمت قال: مالكم أيش في قال سعيد صاحبك صبري؟
-ماله صبري؟
–صبري استشهد.
كان جالساً ونهض:
 صبري شهيد… ثم جلس وهو يتمتم: صبري لا يمكن إلا أن يكون شهيد.
حسبنا الله ونعم الوكيل،،،،،
التفت إلى أحمد بس صبري ما يخلفش وهو وعدني أنه سيعود.
مسح أحمد على كتف العم عبده وهو يقول: عظم الله أجرنا.. شدّ حيلك عم عبده.
سأل عن جثة صبري ليزوره، لكنهم حاولوا ثنيه وعندما أصرّ قال له عبد الرحيم: لقد تم تشيعه أمس.
ولماذا لا تخلوني أزوره أنتم تعلمون أنه إبني كيف يا أحمد؟
الله المستعان..
—  يا عم عبده، صبري اصيب باربي جي مباشرة لم تعد تحتمل رؤيته، وهذا سبب أنني لم ادعك لزيارته؛ تصور من الصعب التعرف عليه، وعندما قصوا عليه قصة استشهاد صبري وأسر زميليه قال لهم مباشرة: ومن قال لكم إنه صبري؟
كيف؟
أنتم تقولوا الجثة غير واضحة ليش ما يكون صبري أحد الأسيرين، وهذا واحد آخر إيش اللي خليكم تقولوا إنه صبري؟
التفت أحمد إلى الحاضرين دون إجابة، بينما جزم عبد الرحيم أنه صبري وأنه شهيد وهي المرتبة التي كان يبحث عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى