أخبار محليةأخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

جسر وادي نخلة نموذجا.. غياب الدولة يفتح شهية المبادرات المجتمعية لملء الفراغ (تقرير خاص)

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من عدي الدخيني

مشروع جسر سائلة وادي نخلة الواقع بشرعب السلام شمال محافظة تعز جنوب غربي اليمن، أحد الجسور التي اكتسبت أهمية كبيرة خلال الفترة الأخيرة، إذ يعتبر منفذ عبور يربط بين ثلاثة محافظات رئيسية (تعز- إب – الحديدة)، وشريان رئيسي يستفيد منه أكثر من نصف مليون نسمة بمختلف الفئات من مواطنين وتجار ومسافرين وخاصة المرضى.

وفي ظل الحرب للعام التاسع على التوالي، وتدهور الاقتصاد في اليمن، انطلقت العديد من المبادرات المجتمعية في القرى اليمنية لتلبية احتياجات الناس عبر إصلاح الطرقات وفتح أخرى بمناطق وعرة في وقت غابت فيها الدولة والسلطات المحلية والجهات المعنية التابعة لها.

ومن بين هذه المبادرات الناجحة، مشروع جسر نخلة، إذ يقول المهندس أحمد أنعم الحقطاني أحد أعضاء الفريق الهندسي، “إن فكرة هذا المشروع انطلقت في العام 2021م، وبدء المواطنون بتناقل المشروع والتحرك الفعلي نحو التخطيط والتصميم والحصول على التمويل عن طريق التبرعات المجتمعية ودعم التجار لتمويل الدراسة، وإنزال الفرق الهندسية وعمل الرفوعات مساحية وتصميم الجسر واعتماده من الجهات الحكومية لبدء العمل”.

العمل مستمر في جسر النخلة

وأضاف القحطاني في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أنه تم تنفيذ نصف المرحلة الأولى من هذا المشروع والمتمثلة بالأعمال الخرسانية من قواعد وركائز ومجنحات والتي تعتبر أهم مرحلة من المشروع، ويتبقى لاستكمال المرحلة الاولى عدة أعمال، من بينها رصف أرضية الجسر وبناء الجدران الساندة التي وسط السائلة.

وأكد أن “طول المشروع إجمالًا هو 194 مترًا، وبعرض إجمالي 10.76م، وصافي ارتفاع فتحة الجسر لمرور الماء 5.5م، وطول فتحة الجسر صافي لمرور حركة السيل 13م، وتطلبت أعمال التنفيذ أيضًا وجود جدران ساندة وسط المجرى (السائلة)، إلى جانب رصف أرضية السائلة بطول 30 مترًا وعرض 13 مترًا”.

“حلم لم يكتمل”

“لا وسيلة أمامهم لصد هذه السيول الجارفة إلى بيديهم عبر مبادرة مجتمعية عقد العزم على انجاحها من خلال بناء جسرًا للمركبات حين غابة الدولة”؟

يقول عبدالسلام محمد العامر ناشط وأحد القائمين على المشروع في حديثه لـ”مونيتور”: “جاء مشروع جسر وادي نخلة لتخفيف الكثير من معاناة السكان والمسافرين، بينما كنا في أمس الحاجة لهذا المشروع الحيوي الذي يعد من أبرز المشاريع المجتمعية القائمة في ظل غياب الدولة، التي راح ضحية هذه السائلة عشرات الأرواح وعشرات المركبات أثر السيول الجارية في الوادي، تنوعت الحوادث المؤلمة بين ضحايا بشرية ومادية متكررة ما أنتجت خسائر فادحة بالأرواح والمركبات، وقت مباغتتها العابرين فيه مع موسم الأمطار الغزيرة.

جانب من العمل في جسر النخلة

وأضاف العامر “كنا في ماسة وبحاجة إلى إنشاء مثل هذا المشروع الحيوي الذي كان حلم الجميع، ولكن الحمدلله بتكاتف الجميع والمبادرات المجتمعية والتجار ومبادرة بعض رجال الأعمال من المنطقة تحقق جزء من الحلم الذي انتظرنه لسنوات طويلة، ويتبقى لاستكمال المرحلة الأولى عدة أعمال، من بينها رصف أرضية الجسر وبناء الجدران الساندة التي وسط السائلة، واستكمال جميع المراحل المتبقية”.

“سيول مباغتة وحوادث مؤلمة”

من جانبها، تقول الناشطة المجتمعية سميرة المهيوب وهي إحدى المستفيدين من هذا المشروع في حديث لـ”يمن مونيتور”: لقد تضرر الكثير من السائقين وخاصة عند عبورهم السائلة أثناء مباغة السيول الجارفة، موضحًا. ذهبت أرواح في هذه السائلة بسبب تدفق السيول أثناء موسم أمطار غزيرة، وتوقف حركة السير لمدة ساعات من الزمن، عانَ سكان هذه المناطق والعزل إلى الكثير من المخاطر التي فاقمة أكبر شريحة من المجتمع من المعاناة المستمرة.

وتنوعت ضحايا السيول الجارية في الوادي بحوادث بشرية ومادية متكررة، أنتجت خسائر فادحة بالأرواح والمركبات، وتتكرر الحوادث المؤلمة بسبب عبور المواطنين، وهذا ما يضاعف أعداد الضحايا في كل عام.

عبدالرحمن الصبري، المنسق الإعلامي لمشروع

حوادث مميتة وخسائر بشرية عند الأمطار

جسر نخلة وأحد أبناء المنطقة يقول في حديث لـ”يمن مونيتور”: تحاصرنا سيول الأمطار ساعات طويلة، تصل أحيانًا لأيام متواصلة على جانبيه، وتتقطع السبل بالمسافرين ذهابًا وإيابًا لمناطقهم ومساكنهم، مما يضطرهم إلى الانتظار طويلًا حتى تنتهي عملية تدفق السيول في المجرى ليسمح لهم بالعبور الآمن

وأضاف الصبري، “ما يعيق المشروع حتى الآن، هو قلة التمويل، حيث إن المبالغ كبيرة، وتحتاج إلى تعاون وتكاتف الجميع، والمزيد من الدعم والجهود لاستكمال هذا العمل الاستراتيجي الهامّ الذي ينتظره أبناء العزل المستفيدة”.

“طوقَ نجاةٍ للمواطنين”

قصص مفزعة لا نهاية لها نتيجة السيول الجارية في وادي نخلة، حيث يعتبر إنشاء الجسر طوقَ نجاةٍ للمواطنين، يحميهم من طوفان سيول الوادي الجارفة التي حصدت عشرات الأرواح خلال السنوات الماضية.

الدكتور عبدالباقي محمد علقم مدير مركز بني الطبي يقول أيضاً، في حديثه لــ”يمن مونيتور”، “إن إنشاء جسر وادي نخلة يعتبر شريان حيوي سيخدم التجمعات السكانية المحيطة بالوادي والمسافرين”.

وأضاف “تصل إلينا حالات مفزعة وحرجة جدًا، البعض منها تحتاج إلى إسعاف مباشرةً نتيجة السيول المتدفقة من نواحي عديدة، ومع وعورة الطريق يصعب على السكان إسعاف الحالات المصابة نتيجة السيول”.

وتابع حديثه بالقول: “غالبية الحالات تنجي بصعوبة من تدفق السيول، ويصعب الأهالي من إسعافها، خاصة حالات الولادة المتعسرة التي تحتاج إلى عمليات طارئة والعديد من حالات الأمراض المزمنة.

أمين الوزف سائق مركبة يتحدث عن معاناته بالمرور من هذا الطريق بالقول: “مرينا في أصعب المراحل والتنقل في السفر عبر وادي نخلة، عانينا كثيرًا، 33 عام، وأنا سائقا في هذا الخط واجهنا الكثير من المخاطر والفزع، أدت إلى خسائر كبيرة بشرية ومادية، وانجراف المركبات.

وأضاف في حديثه لـ”يمن مونيتور”: “عند تدفق السيول يستمر توقف الخط لساعات طويلة، وفي أغلب الأحيان عندما تتعطل إحدى المركبات في مكان الجسر حاليًا كان يتم إغلاق الخط تمامًا، يكون هناك خيارين أمامنا لا ثالثهم، أما نضطر الانتظار طويلًا حتى يتم إصلاحها، أو نقوم بعبور طريق بديلة ما يقارب تبعد أكثر من كيلو نص لنخرج من هذا المأزق”.

وقد نفذت اللجنة المشرفة والقائمة على هذا المشروع المرحلة الأولى من المشروع والمتمثلة بالأعمال الخرسانية من قواعد وركائز، حيث بلغت التكلفة الإجمالية، بحسب التصاميم الهندسية وجداول الكميات الإنشائية، حوالي 455 مليون ريال يمني، بما يعادل 855 ألف دولار أمريكي (بسعر الصرف القائم في المنطقة).

“طفل يكمل الحلم”

وتعرض المشروع الكبير هذا لسلسلة توقفات بسبب قلة الدعم، لكن ذلك لم يمنع الطفل اليمني المبدع محمد فواز العامر (12 عاما)، من إطلاق مبادرة إنسانية ملهمة، تمكن خلالها خلال الأيام الماضية وعلى حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” من جمع جمع مبلغ 100 ألف ريالا سعوديا خلال 48 ساعة فقط، لصالح المشروع الذي يربط بين ثلاث محافظات يمنية، ويسهل حركة المواطنين والسلع والخدمات بينها.

استمرار العمل في جسر نخلة

وأطلق الطفل محمد فواز العامر حملة تبرعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استطاع من خلالها أن يحظى بتفاعل واسع ودعم كبير من قبل النشطاء والمؤسسات والشخصيات العامة، الذين أشادوا بروحه الإنسانية وإبداعه في العمل الخيري.

وقد أعرب الطفل محمد فواز العامر عن سعادته وفخره بما حققه من إنجاز، وشكر كل من ساهم في نجاح حملته، مؤكدا أنه سيواصل جهوده في دعم المشاريع الإنسانية والتنموية في اليمن.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى