ميديا

رصد محتمل لجزيء حي على كوكب آخر

يمن مونيتور/اندبندنت عربية

ربما يكون عدد من علماء الفلك رصدوا جزيئاً لا يتولد على الأرض إلا من طريق كائنات حية، في خطوة تعتبر إنجازاً كبيراً في رحلة البحث عن كائنات على كواكب أخرى.

وقال الباحثون إن التلسكوب الفضائي “ويب” التابع لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا” توصل إلى اكتشاف محتمل لما يسمى “ثنائي ميثيل كبريتيد” dimethyl sulphide أو”دي إم أس” DMS.

وعلى كوكب الأرض، من المحال إنتاج هذا المركب الكيماوي العضوي إلا من طريق الكائنات الحية، ويجيء معظمه من العوالق النباتية التي تعيش في البيئات البحرية من محيطات وبحار وأنهار.

لكن العلماء لم يؤكدوا بعد عملية الرصد هذه، إذ لا بد من النهوض بمزيد من البحث للتحقق من صحتها. وينبغي أن تؤكد البحوث الإضافية ما إذا كانت مادة “دي أم إس” موجودة فعلاً بكميات كبيرة في كوكب بعيد.

وتبين أيضاً أن الكوكب حيث رصد العلماء تلك المادة، ويسمى “كي 2- 18 بي” (K2-18 b)، مثير للاهتمام لأسباب أخرى. وأكد العلماء أنه يحتوي على جزيئات حاملة للكربون، من بينها الميثان وثاني أكسيد الكربون، مما يشكل في حد ذاته اكتشافاً رئيساً في رحلة البحث عن الحياة.

ويشير هذا الاكتشاف إلى أن “كي 2- 18 بي” ربما يكون ما يسميه الباحثون كوكباً خارج المجموعة الشمسية من نوع “هيسيان” Hycean، أي أنه كوكب ذو غلاف جوي غني بالهيدروجين وسطح مغطى بالمياه. ويعتقد أن هذين الشرطين كليهما يكمنان وراء وجود أي كائنات فضائية حية محتملة.

يدور “كي 2- 18 بي” حول نجم قزم بارد يسمى “كي 2- 18” (K2-18)، ويقع كلاهما على بعد نحو 120 سنة ضوئية من الأرض. وهذا الكوكب أكبر من الأرض بـ8.6 مرة، فيما يشير الباحثون إلى هذا النوع من الكواكب باسم “الكواكب النبتونية الفرعية”، ولا يحتوي نظامنا الشمسي على أي كواكب تشبهها، مما يعني أنها غير مفهومة بالقدر الكافي بالنسبة إلى العلماء.

لا يعرف الباحثون، مثلاً، كيف عساها تبدو الأغلفة الجوية في تلك العوالم. ولكن النتائج الجديدة تشير إلى أنها ربما تكون مكاناً خصباً للبحث عن حياة فضائية.

نيكو مادهوسودان، وهو عالم فلك في “جامعة كامبريدج” والباحث الرئيس في ورقة بحثية جديدة تتناول النتائج، أوضح أن “النتائج التي توصلنا إليها تؤكد أهمية النظر في بيئات متنوعة قابلة لاحتضان أشكال الحياة عند البحث عن كائنات حية في مكان آخر” غير الأرض.

“في العادة، ركز البحث عن وجود حياة على كواكب خارج المجموعة الشمسية في المقام الأول على كواكب صخرية أصغر، ولكن تبدو عوالم ’هيسيان‘ الأكبر حجماً أكثر ملاءمة لعمليات مراقبة الغلاف الجوي”، أضاف مادهوسودان.

ولكن بعض الظروف ما زالت تحول دون كون “كي 2- 18 بي” صالحاً للحياة. يعتقد أنه ذو سطح مغطى بمحيط، ولكن هذا المحيط ربما يكون شديد الحرارة إلى حد أن العيش فيه محال، وربما لا يكون على شكل سائل أبداً.

ويأمل العلماء في معرفة مزيد عن الكوكب، إضافة إلى الكواكب النبتونية الفرعية الأخرى من طريق النهوض بعمليات رصد إضافية. ولكن، على رغم كونها أكثر أنواع الكواكب المعروفة شيوعاً في مجرة درب التبانة، تبقى رؤيتها صعبة لأنها تكون غالباً مغطاة بوهج منبعث من نجومها.

لكن “كي 2- 18 بي” رصد للمرة الأولى باستخدام ذلك الوهج، ومراقبة انخفاض في الضوء يطرأ عندما يتحرك الكوكب أمام نجمه. واستخدمت الاستنتاجات الجديدة العملية نفسها، أي تفحص ضوء النجوم باستخدام تلسكوب “ويب” والبحث عن الآثار التي خلفتها المواد الكيماوية في الغلاف الجوي.

وأوضح العضو في فريق البحاثة سافاس كونستانتينو من “جامعة كامبريدج” أن “هذه النتائج نتاج عمليتي رصد فقط لكوكب “كي 2-18 بي”، وسنضطلع بعمليات رصد أخرى قريباً. وذلك مفاده بأن عملنا هنا ليس سوى عرض مبكر لما يمكن أن يرصده “ويب” في الكواكب خارج المجموعة الشمسية في المنطقة الصالحة للحياة.”

ومن المفترض أن يقود مزيد من البحث إلى صورة أفضل عن تلك المواد الكيماوية، وأن يساعد في تأكيد احتمال وجود مادة “دي أم إس”.

وقال البروفيسور مادوسودان إن الهدف النهائي الذي يسعى إليه وزملاؤه “تحديد أشكال حية على كوكب خارج المجموعة الشمسية صالح للحياة، ما من شأنه أن يغير فهمنا لمكاننا في الكون. وتشكل النتائج التي توصلنا إليها خطوة واعدة نحو فهم أعمق لعوالم ’هيسيان‘ في هذا البحث.”

البحث مفصل في تقرير بعنوان “جزيئات حاملة للكربون في غلاف جوي محتمل من نوع ’هيسيان‘ شينشر في مجلة ” “أستروفيزيكال جورنال ليترز” The Astrophysical Journal Letters.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى