أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقارير

مع قرب شهر رمضان.. ظاهرة ارتفاع الأسعار تؤرّق سكان تعز المحاصرة (تقرير خاص)

يمن مونيتور/ وحدة التقارير / من موسى المليكي

تشهد الأسواق اليمنية ارتفاعاً متصاعدا في أسعار السلع الغذائية، لا سيما مع قرب شهر رمضان المبارك، الذي يزيد فيه الإنفاق، واستغلال التجار للشهر الفضيل في إنعاش تجارتهم الراكدة بفعل الحرب التي ألقت بآثارها الاقتصادية على معيشة المواطنين لأكثر من ثمان سنوات.

ففي مدينة تعز ذات الكثافة السكانية الكبيرة، يعاني المواطنين هناك من أزمات متواصلة منذ ثمان سنوات، بفعل الحصار المفروض على المدينة من جانب الحوثيين للعام الثامن على التوالي، الأمر الذي يجعل من أسعار المواد الغذائية باهظة الثمن جراء زيادة كبيرة في أجور نقل البضائع إليها، فضلاً عن غياب الدور الحكومي الرقابي على منافذ البيع والشراء.

وفي الوقت الذي يبرر القطاع التجاري ارتفاع الأسعار، بانهيار العملة اليمنية، أكد مواطنون، أن نسبة تراجع الريال اليمني لم تصل إلى 50 بالمائة من قيمته خلال سنوات الحرب الأولي، في حين أن الأسعار ارتفعت في بعض السلع بنحو 400 بالمائة، وهو ما يجعل القبول بذلك، “غير مبرر وغير مقنع”.

وعزا الكثير من المواطنين ظاهرة الغلاء الى جملة من الأسباب، “أولها جشع التجار والرغبة في الربح السريع مع غياب أدوات ضبط السوق، في مقدمتها غياب أصول المعاملات التجارية في أسواق التجزئة، ناهيك عن تدخل عدة أطراف في العملية التسويقية لا علاقة لها بذلك تماما، و غياب أرقام دقيقة لغرف متابعة المنتجات والسلع الاستهلاكية”.

وأكدوا أن “الاحتكار له دورا كبيرا في التأثير على الأسعار في جميع بلدان العالم، لاسيما عندما يتعلق الأمر ببعض المواد واسعة الاستهلاك، فلو لم يعمد بعض المتعاملين إلى احتكار سلع معينة فكيف تظهر وترتفع أسعارها بشكل مخيف”.

وطالب المواطنون من السلطات المحلية في تعز، بـ” التفكير حالياً في كيفية ضبط السوق وجعل قانون العرض والطلب هو المتحكم الوحيد في الأسعار تحسباً لما هو قادم من صدمات، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال القضاء على الاحتكار والمضاربة، مع انتهاج خطط واستراتيجيات واضحة لتصريف المنتجات عبر مسار مضبوط ومعلوم من قبل الجهات المعنية”.

وفي كل عام ومع بداية رمضان يتعهد مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة تعز، في القضاء على ظاهرة تصاعد الأسعار، لكن دون جدوى، إذ يستغل التجار جشعهم اللامحدود في زيادة الأسعار بطريقة جنونية وغير مبررة، حما يفيد مواطنون تحدثوا إلينا في هذا التقرير.

“تصاعد الأسعار في رمضان”

وفي هذا الشأن، يقول المواطن عبدالله مهيوب أحد سكان مدينة تعز المحاضرة، “إن المواطنين في مدينة تعز يعيشون أوضاعاً مأساوية نتيجة الحصار الجائر المفروض علي المدينة من قبل الحوثيين، ناهيك عدم انتظام صرف المرتبات الشهرية التي لم تعد تكفي لتغطية الحاجات الأساسية للأسر”.

وأشار في حديثه لـ”يمن مونيتور”، إلى أن الأسعار مع اقتراب شهر رمضان ككل عام تشهد تصاعداً مستمراً وسط غياب أي دور حكومي في الرقابة على التجار وضبط وتحديد الأسعار بما يتناسب مع الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون منذ سنوات بفعل الحرب والصراع.

في حين يرى المواطن محمد سلطان، أن “سعر الدولار الأمريكي ارتفع بشكل غير عادي وأصبحت المواد الغذائية غالية والرواتب منقطعة وحتي ولو انتظمت فإنها لن تكفيه لسداد إيجار المنزل فكيف بتوفير المواد الأساسية للحياة” على حد قوله.

وأضاف لـ”يمن مونيتور”: “لدي سبعة أطفال، أسكن في منزل بالإيجار، الأسعار زادت ثلاثة أضعاف مما كانت عليه، ومعاناتنا تضاعفت ولا يوجد فرص عمل ولا دخل إضافي”، متسائلاً بالقول: هل نموت من الجوع؟

وتابع: “الحرب مستمرة للعام الثامن على التوالي والاقتصاد انهار والمسؤولون في الحكومة لا يهمهم وضع المواطن ومعيشته”.

مازن حزام الفقيه، هو الآخر يعمل سائقا لباص أجرة في مدينة تعز، يقول “إن أسعار البترول ارتفعت بشكل غير مسبوق حيث وصل سعر الدبة البترول سعة 20 لتر إلى 32 ألف ريال وهذه تعتبر عبارة عن قصم لظهر المواطن وخاصة مع ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية والاستهلاكية”.

وأضاف في حديث لـ”يمن مونيتور”: “لا نستطيع توفير المصاريف للمنزل والإيجار ، الوضع المعيشي أصبح صعبا للغاية وبات أكثر همنا كيف نستطيع توفير لقمة العيش الكريمة لأطفالنا.. ولا آمال قريبة في تحسن الأوضاع”.

“أسعار الفواكه والخضروات”

ولا يقتصر الغلاء على السلع  المستوردة أو المواد الغذائية، بل وصل إلى المحلية منها، فأسعار الفواكه والخضروات، شهدت هي الأخرى ارتفاعا كبيراً، بسبب أسعار المحروقات وأجور النقل.

وفي هذا الشأن، يضيف حزام الفقيه، أن “الفواكه واللحوم أصبحت بالنسبة للكثير من الأسر من الكماليات، وبات المواطن يكتفي بمشاهدتها في الأسواق دون شرائها”.

وأضاف “أصبح الكيلو الواحد من البرتقال 3000 ثلاثة ألف ريال، بينما وصل سعر الكيلو اللحم إلى سبعة آلاف ريال”.

وأدّى غياب الأجهزة الرقابية في الأسواق، إلى تمادي التجار بالتحكم في عملية البيع والشراء داخل الأسواق، ورغم وجود بعض الشركات المصنعة للسلع الغذائية، التي أعلنت عن تخفيض يصل إلى 30 % في أسعار السلع الرمضانية، إلا أن الكثير من التجار يصرون على رفع السلع الغذائية، لجني مبالغ طائلة خلال شهر رمضان.

“جشع التجار وتهمة انهيار الريال”

من جانبه، يرى المواطن عبدالله إسماعيل، أن “تعمّد التجار رفع الأسعار ، يعتبر مرض مستعصي، ينم عن حالة الجشع والطمع التي تخيم عليهم” حد تعبيره.

وأوضح أن “من الأسباب التي أدّت إلى انتشار ظاهرة التلاعب بالأسعار ، هي غياب الرقابة وعدم وجود قانون يحد من تمادي التلاعب بالأسعار”.

عبدالله فارع الجباري قال هو الآخر، “إنه لا ضمير أو أخلاق لدى التجار، والمواطنين باتوا لا يستطيعون مجابهة الظروف القاسية التي يعيشونها من جهة، والتأقلم مع إرتفاع الأسعار من جهة أخرى”.

وأوضح” أن السلع الاستهلاكية تعتبر من السلع الأساسية التي تحتاجها الأسرة، لكن التجار لا يخافون الله في عملهم، فيتعمدون تكديس البضائع، ورفع أسعارها دون مراعاة لظروف الناس وواقع البلد”.

لكن عدد التجار، أفادوا لـ”يمن مونيتور”، أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، ناتج عن ارتفاع سعر الدولار وتدهور الريال اليمني، مؤكدين نسبة ارتفاع الأسعار وصلت إلى ما يقارب 200%.

ووفقاً لرواية أحد التجار رفض الكشف عن اسمه، فإن “أسعار السلع المستوردة ارتفعت بنسبة قياسية، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار متوقعاً بارتفاع الأسعار بنسبة 300% مع استمرار تدهور الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية “.

وأشار إلى أن “هناك اضطرابات في سعر صرف الدولار ما بين ساعة وأخرى، وهناك فرق في سعر الصرف وأن التجار غير قادرين على ضبط أسعار السلع المتواجدة لديهم”.

على صعيد متصل، قال مكتب الصناعة والتجارة في تعز، “إن الفريق العامل بالمكتب يعملون جاهدين على مراقبة الأسواق من أجل ضبط الأسعار لدى التجار ومنافذ البيع وخصوصاً مع قرب شهر رمضان المبارك”.

“تخصيص موازنة للقضاء على المضاربة”

وفي ظل تفاقم معيشة المواطنين واستمرار تصاعد الأسعار وتهرب الجهات المعنية، أبدى عدد من الخبراء الاقتصاديين مقترحاتهم لحل الإشكالية والتخفيف من معاناة الناس، مشيرين إلى ضرورة تخصيص السلطة المحلية بمدينة تعز، موازنة خاصة للقضاء على ظاهرة التهاب الأسعار.

إذ يري عدد من الخبراء الاقتصاديين في تعز اليمنية تحدثوا لـ”يمن مونيتور”، “أن الحل الوحيد للقضاء على ظاهرة التهاب الأسعار، يكمن في تخصيص سلطات تعز ميزانية خاصة من أجل ضبط السوق وتوفير المنتجات للمواطنين وبأسعار معقولة للقضاء على المضاربة وإغراق الأسواق بالسلع الضرورية، وبالتالي سوف تغلق الأبواب في وجه التجار الجشعين الذين يستغلون مثل هذه المناسبات للربح السريع على حساب المواطن”.

وشدد الخبراء الاقتصاديون، على ضرورة تفعيل الرقابة عن طريق الأجهزة الرسمية للدولة، والذهاب نحو فوترة جميع العلامات التجارية التي تدخل إلى المدينة. كما طالبوا السلطات المحلية، أن تسارع في تحديد الفئات الهشة المعنية بالدعم من أجل أن تكون المساعدة المقدمة من طرف المنظمات الأممية، والجمعيات المحلية، موجهة لأصحابها الحقيقيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى