عربي ودولي

“الموت للدكتاتور”.. النظام الإيراني بين سندان الغضب الشعبي المتصاعد ومطرقة العزلة الدبلوماسية

يمن مونيتور/ وكالات:

أوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون، الاثنين، خلال الاحتجاجات الشعبية التي دخلت يومها العاشر، على وفاة الشابة مهسا أميني بعدما أوقفتها “شرطة الأخلاق”، فيما دانت دول عدة “قمع التظاهرات”، كما فرضت أخرى عقوبات على طهران.

ونشرت السلطات الإيرانية عدداً كبيراً من عناصر الأمن في مواجهة تظاهرات في أنحاء البلاد، اندلعت إثر وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، بعدما أوقفتها “شرطة الأخلاق” بسبب “لباسها”.

وارتفع مستوى التوتر بين طهران والدول الغربية إثر استدعاء ألمانيا السفير الإيراني، غداة تنديد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام “غير المتكافئ والمعمم” للقوة، واستدعاء طهران في المقابل للسفيرين البريطاني والنرويجي.

 

الغضب الغربي

وأعلنت كندا، الاثنين، فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين رداً على “الحملة الأمنية الدامية التي تشنّها السلطات الإيرانية” ضد المتظاهرين المحتجّين على وفاة الشابة مهسا أميني، وذلك بعد عقوبات أقرتها الولايات المتحدة أيضاً.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مؤتمر صحافي: “سنفرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات، بما في ذلك ما تعرف بشرطة الأخلاق الإيرانية”.

وزارة الخارجية الفرنسية أدانت بشدة ما وصفته بـ”القمع العنيف للاحتجاجات من قبل جهاز الأمن الإيراني”، مشيرة إلى أن باريس “تدرس مع شركائها الأوروبيين الرد على هذا الانتهاك الجديد والواسع النطاق لحقوق المرأة وحقوق الإنسان في إيران”.

وطالبت الحكومة الفرنسية إيران بـ”إنهاء القمع الوحشي، والاحترام الكامل لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخصوصاً الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واحترام حرية التجمع السلمي”.

وانتقد الاتحاد الأوروبي، إيران، قائلاً إن “الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر”، على ما جاء في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل.

وقال بوريل إن “الاتحاد سيواصل درس الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية إزاء وفاة أميني والطريقة التي ترد فيها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات التي تلت”، في البلد الذي فرضت عليه عقوبات على خلفية برنامجه النووي.

واستدعت الحكومة الألمانية، سفير إيران في برلين، بعد ظهر الاثنين “لمباحثات” بشأن قمع الاحتجاجات.  وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستيان فاجنر في مؤتمر صحافي دوري: “استدعينا السفير الإيراني، وستجرى المباحثات بعد ظهر اليوم” الاثنين.

 

 

النظام لن يخفف موقفه

يرى المحلل الأميركي من أصل إيراني، راي تقية، أنه رغم الاحتجاجات واسعة النطاق التي فجرتها وفاة الفتاة، مهسا أميني، لدى احتجازها في مركز للشرطة الإيرانية، بعد القبض عليها بسبب خرقها لقواعد الزي، يشير خطاب رئيس البلاد، إبراهيم رئيسي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أخيراً، إلى أنه من غير المرجح أن يخفف النظام موقفه تجاه الشعب أو الغرب.

وقال تقية، وهو خبير في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في تقرير، إنه مازال يتعين النظر إلى هذه التظاهرات على أنها جزء من سلسلة مستمرة من الاحتجاجات، التي تتعلق بمجموعة كبيرة من المخاوف.

ففي الشهور القليلة الماضية فقط، هزت إيران تظاهرات مدفوعة بشكاوى اقتصادية شارك فيها معلمون ومتقاعدون ومزارعون بين مجموعات أخرى.

وأضاف تقية، الذي عمل سابقاً في وزارة الخارجية الأميركية، أن الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية أصبحت مزمنة في إيران، حيث خفضت الحكومة الدعم للخدمات الاجتماعية في ظل ارتفاع معدل التضخم. ومثل هذه الاحتجاجات تأخذ على نحو متزايد منحى سياسياً، في الوقت الذي يسعى فيه النظام لتشديد قبضته على السلطة.

 

تطبيق أشد صرامة

وفي شهر أغسطس الماضي، وقّع الرئيس رئيسي مرسوماً يقضي بالتطبيق الأكثر صرامة للقواعد التي تطالب النساء بارتداء حجاب في كل الأوقات في الحياة العامة، وهذه قواعد سارية بالفعل منذ عام 1979.

ولاقت هذه الخطوة قبولاً على نطاق واسع من جانب رجال الدين، الذين يسيطرون الآن على المؤسسات الإيرانية، التي يتم انتخاب أعضائها أو تعيينهم، بوصف ذلك استعادة للمعايير الثقافية التي بدت أنها تتلاشى.

وفي هذا الإطار، امتنع رئيسي خلال مشاركته في الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عن حضور مقابلة مع مذيعة شبكة «سي إن إن»، كريستيان امانبور، بعدما رفضت طلبه بارتداء غطاء للرأس.

وتابع تقية أن نساء إيرانيات قد شاركن في احتجاجات سابقة، ولكن الأمر اللافت للنظر بالنسبة لهذه الاحتجاجات هو الشراسة في معارضة سياسات النظام.

وقامت نساء إيرانيات مشهورات بقص شعورهن، احتجاجاً على مقتل مهسا أميني (22 عاماً).

وتتعامل الحكومة عادة مع هذه الاحتجاجات من خلال خليط من الإجراءات. وفي هذه الحالة تحدث الرئيس الإيراني مع عائلة أميني ودعا إلى إجراء تحقيق لتحديد السبب وراء وفاتها، كما زار ممثل للمرشد الإيراني علي خامنئي أسرتها أيضاً، رغم أن والد أميني اتهم النظام بالتستر على الواقعة.

وبحسب التلفزيون الرسمي الإيراني، خلفت الاحتجاجات مقتل ما لا يقل عن 41 شخصاً.

وذكر موقع «إيران إنترناشيونال» الإخباري أن المحتجين هتفوا «الموت للديكتاتور، الموت لخامنئي».

وكانت الخطوة الأحدث من جانب السلطات تنظيم تظاهرة مضادة، شارك فيها داعمو النظام يوم الجمعة الماضي.

 

الإصغاء للشعب

إلى ذلك، حضّ رجل الدين الإيراني حسين نوري الهمداني السلطات الإيرانية على “الإصغاء للشعب”، وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني أن “القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب وأن يحلوا مشاكله وأن يبدوا اكتراثاً بحقوقه”.

ولطالما كان الهمداني حليفاً للمعسكر المحافظ المتشدد، ومؤيداً بقوة للمرشد علي خامنئي في مناسبات عدة، خصوصاً إبان الاحتجاجات التي شهدتها إيران في عام 2009، اعتراضاً على فوز محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية.

وأكد الهمداني: “إدانة أي إهانة للمقدسات، وأي اعتداء على حقوق الناس والأملاك العامة”.

في 18 سبتمبر الجاري، ندّد رجل الدين أسد الله بيات زنجاني المقرّب من الإصلاحيين، بما وصفها ممارسات “غير مشروعة” و”غير قانونية” تسببت بموت أميني، واصفاً الواقعة بأنها “حادثة مؤسفة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى