أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

تخبرنا شبوة أن الأسوأ قادم.. كيف فَقد “الرئاسي اليمني” مشروعيته السياسية والشعبية؟!

يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ خاص:

تفاءل اليمنيون مع توجس قلق مع إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، علقوا آمالاً عريضة عليه، وانتظروا تحسن في حياتهم بعد سنوات الحرب. بعد أربعة أشهر يخبرنا المجلس الرئاسي أن لا شيء سيتحقق وأن الأمور تذهب نحو الأسوأ.

تخبرنا أحداث شبوة بجزء من القصة السياسية والعسكرية وما يتعلق بالسيادة، لكن الجزء الآخر متعلق بمشروعية المجلس الرئاسي من الشعب؛ إذ لا يمتلك المجلس الرئاسي شرعية دستورية فلم يتم انتخابه، والوثيقة التي منحته صفة الرسمية لوجوده ليست جماهيرية بل بإعلان السابع من ابريل/نيسان لنقل السلطة من الرئيس عبدربه منصور هادي إلى المجلس المكون من سبعة أشخاص ورئيس المجلس رشاد العليمي. وهذا الإعلان قائم على الشراكة بين المكونات السياسية والاجتماعية، وبدون هذه الشراكة، والالتزام بمبادئ الدولة والسلطة بموجب الدستور والقانون النافذ، يعتبر المجلس تائهاً مهدداً وجودية الدولة في خطر.

 

فقدان المشروعية السياسية وثقة الجيش والأمن

خلال أربعة أشهر لم يقم المجلس الرئاسي بالالتزام بإعلان نقل السلطة، لم يكن هناك أي وجود لهيئة الحوار والتشاور، وجرى تعيين رئاستها بدلاً من انتخابها. مهمة الهيئة تذليل الصعوبات وإبقاء الشراكة على قيد الحياة داخل المجلس.

كما لم يوافق المجلس الرئاسي على القواعد المنظمة لعمل المجلس الرئاسي رغم مضي قرابة شهرين على انتهاء الموعد المزمن لإقرارها. يبقى العليمي وحكومته في قصر الرئاسة في عدن تحت سلطة المجلس الانتقالي الجنوبي وتحت أهداف أبوظبي؛ والشراكة التي نص عليها إعلان نقل السلطة تحوّل إلى تمكين “الانتقالي” على حساب باقي المكونات السياسية والمجتمعية.

لمزيد من التفاصيل..
أداة انفصال وإنهاء للشراكة واستهداف لأمن المنطقة.. ما الذي يفعله “الرئاسي اليمني”؟

لكن التعامل مع أحداث شبوة أخطر ما ارتكبه المجلس الرئاسي منذ تأسيسه، لقد منح الجماعات المسلحة المدعومة من الخارج القدرة على تحقيق أهدافها بانتزاع جزء من تراب البلاد ومنحه صفة الرسمية. كيف تخلى المجلس الرئاسي عن الجيش والأمن لصالح الجماعات المسلحة، وسلم محافظة يمنية، بل أهم المحافظات النفطية- لدولة أجنبية. وكيف سينعكس ذلك على معنويات عشرات الآلاف من الجنود في الجيش والأمن في باقي المحافظات؟

من حيث القانون والدستور اليمني قام الجيش والأمن في محافظة شبوة بدوره الكامل في حماية أراضي البلاد ودفاعه عنها، يشير القسم السياسي والعسكري للمسؤولين الحكوميين على “حماية النظام الجمهوري، ورعاية مصالح الشعب، ووحدة أراضيه”، وهو ما قاموا به بالفعل.

تبدو مهمة المجلس الرئاسي تجاه المؤسستين العسكرية والأمنية تتمثل في الاجتثاث لصالح الميليشيات، وجماعات طرفية تابعة للخارج

وتوضح قوة “دفاع شبوة” حجم سخرية المجلس الرئاسي من الشعب ومن الدستور والقوانين المحلية والدولية، فالقوة هي ذاتها “النخبة الشبوانية” التي مولتها وسلحتها دولة الإمارات. تشير تقارير الخبراء الدوليين إلى هذه المعلومات محددة أنها منفصلة عن الحكومة اليمنية ولاتخضع لهيئة الأركان اليمنية، وتخضع بشكل مباشر لإدارة من قِبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي شريك ثاني في التحالف بعد السعودية.

في كلمة “رشاد العليمي” مساء يوم الأربعاء حول أحداث شبوة، لم يقم حتى بإدانة القصف الإماراتي بطائرات مسيّرة على قوات الجيش والأمن. في أحداث مماثلة عام 2019 قدمت السلطة اليمنية رسالة إلى مجلس الأمن ضد أبوظبي، وإدانة غاضبة من سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، لأن قصف قوات الجيش والمدنيين من دولة أجنبية هو بمثابة اعتداء -في ظروف طبيعية يعني حالة حرب دولية- وانتهاك المجال الجوي للبلاد انتهاك للسيادة. على العكس من ذلك قام العليمي بتقديم الشكر للإمارات في الخطاب ذاته!

لا يعني ذلك إلا أن المجلس الرئاسي يقف إلى جانب قوة شبه عسكرية/ ميليشيا ليس لها أساس قانوني أو دستوري، أو تشريعي- مثل “دفاع شبوة” و”العمالقة”- ضد القوات الحكومية “الجيش والأمن” وهو أمر خطير للغاية، حيث أوضح أن مهمة المجلس الرئاسي تجاه المؤسستين العسكرية والأمنية هو اجتثاث المؤسستين لصالح الميليشيات، وجماعات طرفية تابعة للخارج -كقوة حاكمة على جغرافيا يمنية مجزئة-، وليست حتى تابعة لفصيل محلي قادر على التفاهم معه، وإجباره في إطار تسوية على هيكلة القوات أو تسريحها.

اقرأ أيضاً..
هوس السلطة وسلوك “الميليشيات”.. كيف يجرّ المجلس الانتقالي “الرئاسي اليمني” نحو الفشل؟!

يفقد المجلس الرئاسي بذلك مشروعيته السياسية بانتهاك اليمين الدستورية التي تنص على الالتزام بالدستور والقانون: وحماية أراضي البلاد ووحدها، والدفاع عن سيادتها، وحماية قواتها ومصالح الأمة. وأفقده ثقة المؤسستين العسكرية والأمنية تعيش حالة حرب مفتوحة ضد الحوثيين المدعومين من إيران. كما أفقده ثقة الأحزاب والسياسيين والمكونات المجتمعية في البلاد برسالة مفادها أن دور المجلس هو اجتثاث العمل السياسي وتقسيم الجغرافيا في المرحلة المقبلة، لصالح الهويات الفرعية ومصالح الخارج.

أمام هذا كله يبدو أن المجلس الرئاسي في طريقه للتفكك؛ قال مصدران لـ”يمن مونيتور” إن عبدالله العليمي نائب رئيس المجلس قدم استقالته الأربعاء، على خليفة أحداث شبوة؛ وأن المجلس رفض استقالته حتى الآن. ويبدو أن الأمر سيتصاعد؛ إذا لم تجد حلولاً توجيهيه سريعة تنقذ هذه الشراكة، على الرغم من أن استعادة ثقة اليمنيين مجدداً أصبح أكثر صعوبة.

لا أساس جامع لقرارات المجلس الرئاسي إلا الفشل في تحقيق وعوده التي علق اليمنيون الآمال عليه، بعد سنوات الفشل الأخيرة لحكومة عبدربه منصور هادي؛ وتكريس حالة الانقسام!

فشل الحصول على مشروعية شعبية

خلال المائة يوم ونيف من تشكيل المجلس الرئاسي دفع باتجاه اتخاذ عشرات القرارات، لكن لا أساس جامع لهذه القرارات إلا الفشل في تحقيق وعوده التي علق اليمنيون الآمال عليه بعد سنوات الفشل الأخيرة لحكومة عبدربه منصور هادي؛ على العكس من ذلك استمر في تمرير حالة الانقسام السياسي والتحوّل إلى أداة تخدم المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات وجماعات أبوظبي الطرفية الأخرى.

عادة في حال فشلت السلطة/ الدولة -في النظام الجمهوري- في الحصول على مشروعية دستورية فإنها تسعى لمشروعية شعبية، من توفير الخدمات إلى تثبيت الأمن. المجلس الرئاسي لم يقم حتى بزيارات بين المحافظات لتثبيت مشروعية سلطته الشعبية والحديث مع السكان. واكتفى بزيارات خارج البلاد، ليوضح أن مشروعيته مستمدة من الخارج وليس من الشعب.

قدم المحللون والخبراء طرقاً للمجلس الرئاسي للحصول على مشروعية شعبية، ولم يقم المجلس بأي دور في هذا الاتجاه؛ حيث استمرت التظاهرات خلال الصيف في معظم المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة، بسبب غياب الخدمات، وارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وامتدت طوابير البنزين حتى في المحافظات المنتجة للنفط. وعد المجلس الرئاسي بتقديم الخدمات، وتسليم المرتبات بانتظام، وتحقيق استقرار العملة الوطنية التي استمرت بالتراجع، ومعالجة ملفات المعتقلين في السجون الخاصة، ودمج القوات وتحقيق الأمن والاستقرار.

اقرأ أيضاً..
مهمة استعادة ثقة اليمنيين.. أربع أولويات وتحديات أمام مجلس القيادة الرئاسي (تحليل خاص)

لم تقم حكومته حتى بتوفير الغذاء للسكان؛ فقبل ساعات من خطابه يوم الأربعاء، حذرت الغرفة التجارية في عدن من تفاقم الأزمة الاقتصادية مع بدء تناقص المخزون الغذائي من السلع والمواد الغذائية، “وغياب الدور الرسمي والحكومي في وضع المعالجات الجذرية للأزمات المعيشية”.

في مايو/أيار الماضي وعد “العليمي” بإنشاء هيئة لعلاج جرحى الجيش والأمن والمقاومة الشعبية والاهتمام بعائلات القتلى وحدد شهراً لتحقيق ذلك، ولم يحدث تقدم، فيبدو أن الجيش والأمن يحصلون على الوعود، والميليشيات تحصل على الحكم. في الخطاب ذاته قدم وعوداً من أجل مدينة عدن لتكون نموذجاً للسلطة الجديدة لكنه بقي في مقر الحكم في معاشيق، حيث توجد نقاط ميليشيات المجلس الانتقالي على بُعد عشرات الأمتار من بوابته الرئيسية، وتفتش بكل ما يدخل ويخرج من القصر.

طوال بقاءه في عدن لم يخرج “العليمي” وأعضاء حكومته من قصر معاشيق، هو قصر كبير -يعتبره “رشاد العليمي” معسكرا رئاسيا وحكوميا، ويبدو أنه لم ينتج شيئاً عدا تردي الخدمات أكثر، والعدمية السياسية والفعالية لمشاريع الخارج والجماعات المسلحة.

اثنان من أعضاء المجلس وهما سلطان العرادة محافظ مأرب وطارق صالح القائد العسكري فضلا الخروج من عدن بعد مضايقات واستهداف من المجلس الانتقالي الجنوبي منذ مايو/أيار الماضي.

لقد فشل المجلس الرئاسي في تحقيق ثابت وحدة أراضي البلاد منذ اليوم الأول عندما أدى عيدروس الزُبيدي اليمين الدستورية أمام البرلمان في عدن دون الإشارة إلى الوحدة اليمنية. في مايو/أيار منع المجلس الانتقالي احتفاء المسؤولين في قصر معاشيق بالوحدة اليمنية، صادر كعكة الاحتفاء البسيطة والأعلام الوطنية.

اقرأ أيضاً.. 
قرارات محافظ شبوة.. انتهاك القانون اليمني وخروج على سلطة المجلس الرئاسي
هل منح “الرئاسي اليمني” البحسني دور الحاكم المطلق في حضرموت؟!

 

تمكين التمرد

قام محافظ حضرموت فرج البحسني وهو قائد المنطقة العسكرية الثانية بتعيين مسؤولين محليين وأمنيين خارج سلطاته على الرغم من كون عضو في المجلس الرئاسي. تسبب في توتر في مديريات الوادي والصحراء، مضى قراره بتعيين مدير للأمن في مايو/أيار رغم أنها من صلاحية الحكومة ووزارة الداخلية؛ وكرر الأمر لاحقاً ما كان سيؤدي إلى اقتتال داخل حضرموت، جرى تعيين بديل عنه موالي للمجلس الانتقالي الجنوبي في وقت سابق هذا الشهر.

ألهمت تجربة البحسني، محافظ شبوة عوض بن الوزير العولقي، وقام بإصدار قرارات إيقاف ثم إقالة لقادة عسكريين وأمنيين في المحافظة من مسؤولية الرئاسة والحكومة تعيينهم، واستخدم الميلشيات المسلحة لقتال القوات الحكومية، أدى ذلك إلى معارك استمرت أياماً أدت إلى مقتل وإصابة العشرات؛ وتمكين الميليشيات المسلحة ضد المؤسستين العسكرية والأمنية، خاذلاً المجتمع في شبوة وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، بل معظم اليمنيين. وأثار مخاوف من تمدد هذه التجربة نحو وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة على الحدود العمانية/السعودية.

سلوك المجلس الرئاسي أفقده ثقة الأحزاب والسياسيين والمكونات المجتمعية في البلاد برسالة مفادها أن دور المجلس هو اجتثاث العمل السياسي وتقسيم الجغرافيا في المرحلة المقبلة، لصالح الهويات الفرعية ومصالح الخارج.

وقاد عيسى الثقلي زعيم فرع المجلس الانتقالي في سقطرى تمرداً على السلطة المحلية بقيادة ميليشيات محلية للسيطرة على الأرخبيل الاستراتيجي في 2020م، طرد المسؤولين المحليين وفرض أجندة دولة الإمارات في المحافظة، عاد هذا الأسبوع إلى الأرخبيل بعد أن أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس رشاد العليمي بصفته محافظاً للمحافظة.’

قاد سكان الأرخبيل مظاهرات أسبوعية ضد سيطرة المجلس الانتقالي على المحافظة، وتنديداً بتردي الخدمات. جدد الثقلي خلال خطاب يوم الأحد في حديبو- عاصمة الأرخبيل- شكره لدولة الإمارات العربية ول”عيدروس الزُبيدي” ثم “العليمي” على الثقة التي مُنحت له.

يخبرنا المجلس الرئاسي، أن الدولة اليمنية الواحدة غير ممكنة، وأن التشظي إلى كنتونات وهويات فرعية هو المستقبل، فالميليشيات التي يسلمها المجلس الرئاسي مقاليد السلطة لا تتبع طرفاً سياسياً يمنياً يمكن التفاهم معه بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي فهو لا يملك سلطة فعليه عليها، وإن كان ظاهرياً يقول إنها تمثله؛ ففي الحقيقة هي تابعة لأبوظبي تديرها وتمولها وتقود معاركها. وهو أمرٌ لا يهدد اليمن وحدها بل يهدد الأمن القومي للمملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، وحركة التجارة العالمية قرب مضيق باب المندب؛ وعادة ما تدخلت السعودية لكبح جماح حليفتها الإمارات وتهدئة الأوضاع.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى