أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتراجم وتحليلات

تعقيدات السلام وواقع الحرب.. عشرة تحديات تواجه المجلس الرئاسي اليمني

يمن مونيتور/ خاص:

كشفت دراسة جديدة لمركز أبعاد للدراسات والبحوث، إن هناك عشر تحديات تواجه مجلس القيادة الرئاسي مع مرور أكثر من 50 يوماً على إعلانه.

ولفت تقييم الحالة -الذي يقع في 32 صفحة- إلى أن الإعلان الرئاسي يوم السابع من ابريل/نيسان الماضي يوضح مهام المجلس الرئاسي الذي يرأسه رشاد العليمي وسبعة آخرين، والتي تمثل من ناحية أخرى تحدياته في المرحلة المقبلة وصولاً إلى المرحلة الانتقالية.

وتشير الدراسة إلى أن التحديات العشرة هي: بقاء المجلس الرئاسي موحداً، والبقاء في عدن وتوحيد القوات، وتنشيط الإيرادات وتعزيز العملة الوطنية، وتفعيل آليات مكافحة الفساد، الإجراءات العسكرية: الهيكلة والضغط على الحوثيين، ومكافحة الإرهاب، وفرض نفوذ سلطة الدولة، وتوازن التمثيل في الدولة، وحشد المزيد من الدعم الدولي، والهُدنة ورفع حصار تعز والتفاوض مع الحوثيين.

وخلصت الدراسة إلى أن تأسيس المجلس الرئاسي يأتي كخطوة أولى -كما يبدو- لدفع اليمن إلى خيارين يكسران حالة الجمود في ملف الحرب: إما أن يشارك الحوثيون في المجلس الرئاسي، أو تتصاعد للحرب. يركن المجلس الرئاسي أنه مع توحيد القوات سيكون الحوثيون أضعف من قبل، ويعوّل الحوثيون على خلافات تكوينات المجلس الرئاسي علها تؤدي إلى فشله.

وقالت: إن نجاح المجلس الرئاسي يترتب عليه الذهاب نحو عملية انتقال جديدة في اليمن، قد تتضمن الحوثيين. لكن تجاوز المجلس الرئاسي للتحديات التي تواجهه مرتبط بتغليب أطرافه المصالح الوطنية على أهدافها ومصالحها الفئوية. فهو آخر الحلول الممكنة للخروج من حالة الحرب.

ولفت الدراسة إنه بقدر حرص المجلس الرئاسي على تحقيق الأهداف الذي تشكل من اجلها، بالذات تحقيق السلام وإنهاء الحرب، إلا أن عليه واجب الاستعداد لفرض السلام بالقوة العسكرية. وعلى الأقل الاستعداد للدفاع عن كيانه الذي سيتفكك في حال تحقيق الحوثيين لأي هدف من اهدافهم العسكرية مثل إسقاط مأرب أو تعز أو المخا أو العودة إلى شبوة ولحج والضالع أو أي منطقة تتواجد فيها قوة عسكرية تقاتله.

كما خلصت إلى أن فشل أو انهيار وتفكك المجلس الرئاسي لأي أسباب عسكرية كتلك التي يستعد الحوثيون لها، أو اقتصادية كنتيجة لازمة الغذاء أو الطاقة، هو كارثة على مستقبل السلام في اليمن، لأن البديل سيكون ميلشيات متعددة وحروب صغيرة ستلتهم مستقبل اليمن وتطفئ شرارة الأمل التي يحاول اليمنيون التمسك بها.

 

استعادة ثقة اليمنيين

وعلى الرغم من أن عضوية المجلس تمثل إرضاءً لجميع الأطراف في الداخل والخارج، لكنه في الوقت ذاته يحمل خطورة إذا ما تجاهل المجلس وداعموه العوامل المساعدة التي تسهل عمله. إذ أن هذا الخليط من الأهداف والرؤى المتباينة قد يتحول إلى احتكاك وخلافات في أفضل الأحوال، وربما قد يصل إلى قِتال دامي.

ويقدم الإعلان الرئاسي وسائل لتحقيق الاستقرار في المجلس الرئاسي، من خلال: أ-آلية التوافق على القرارات. ب-لجنة التشاور والمصالحة. ج- القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريقان القانوني والاقتصادي. وبدون التزام بالمرور عبر هذه اللجان فإن احتمالات نجاح المجلس الرئاسي سيتضاءل.

تشير الدراسة إلى أن المجلس الرئاسي في مهمة لاستعادة ثقة اليمنيين بمؤسسات الدولة بعد سنوات من تجريفها والإجهاز عليها من قِبل كل الأطراف وفي مقدمتهم الحوثيون. وكسب ثقة اليمنيين هي المشروعية التي لا يستطيع الاستناد بغيرها لتثبيت شرعية وجوده، إذ أن وجوده هو قرار من رئيس منتخب والمجلس وأعضاءه ليسوا منتخبين، فمع انتفاء “الشرعية” يذهب الأمر لتحقيق مشروعية شعبية.

وتشير الدراسة إلى أن البقاء في عدن -أي لرئاسة وأعضاء المجلس الرئاسي والبرلمان والمؤسسات الأخرى- ليس خياراً من ضمن خيارات متعددة ومتاحة، بل طريقاً إجبارياً لتأكيد تطبيع الأوضاع وإنهاء الانقسام مع تمثيل جميع الأطراف في المجلس الرئاسي. ودون تقديم مدينة عدن كنموذج للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي والتنموي، فإن وجود “المجلس الرئاسي” لن يحدث تغييراً عن عهد الرئيس السابق، ولن يحصل على الدعم الشعبي الذي يتمناه، وستتضاءل الآمال باستعادة ثقة اليمنيين بمؤسسات الدولة إذ ستنعدم معها المحفزات للاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي في كل المحافظات.

ويحتاج المجلس الرئاسي إلى تحقيق نقلة نوعية في اقتصاد البلاد المنهار في مناطق سيطرته الرئيسية، ويفترض أن يكون هذا الأمر عاجلاً في محورين رئيسيين: احتكار تحصيل الإيرادات ووقف تحصيل الجماعات والميليشيات لإيرادات الدولة وإنهاء الجبايات التي تغذي بقاء الجماعات المسلحة وترهق السكان. وتنشيط مصادر الإيرادات المجمدة، باستعادة تصدير النفط والغاز. يحقق ذلك انتظام دفع رواتب الموظفين الحكوميين. ومن المهم أن يشعر السكان في مناطق الحوثيين أن “المجلس الرئاسي” يتحدث بحقوقهم ويلبي احتياجاتهم ويدفع مرتباتهم، ولأجل ذلك يحتاج للضغط من أجل إجبار الحوثيين على الوفاء بالتزاماتهم في اتفاقية “ستوكهولم” باستخدام إيرادات ميناء الحديدة الحيوي في دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرته.

 

توحيد القوات

إذا ما حققت الحكومة والمجلس الرئاسي الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن، فسيكون ذلك واضح بعمل مؤسسات الدولة الرسمية، وتوفير الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها. وبالتالي فإنها مطالبة بتفعيل مؤسسات مكافحة الفساد في كل المؤسسات المدنية والعسكرية. هناك تضخم للفساد خلال سنوات الحرب وثرى مسؤولون وقادة بتوسع اقتصاد الحرب على الجهتين. لذلك فإن رقابة هيئات مكافحة الفساد في الوزرات مهم للغاية لتحقيق استقرار حكومي واقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

ولفتت الدراسة إلى أن دمج القوات شبه العسكرية في وزارتي الداخلية والدفاع واحدة من أصعب التحديات التي ستواجه المجلس الرئاسي الذي أعلن عن تشكيل لجنة لهذه المهمة وفق الإعلان الرئاسي مهمتها هيكلة الجيش والأمن، برئاسة وزير الدفاع الأسبق وقائد ألوية عسكرية موالية للإمارات “هيثم قاسم”، ونائب ومقرر، إلى جانب 59 عضواً.

وتثير الورقة المخاوف من “توحيد شكلي” للقوات أثناء ودمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية، يجعل تلك الكتائب والألوية محتفظة بكينونتها داخل وزراتي الدفاع والداخلية، وخاضعة لقادتها السابقين وليس لهيئة الأركان الوطنية أو عمليات وزارة الداخلية، حيث يمنح تلك القوات فرصة للخروج والتمرد من الوزارة التي توحدت معها بكامل قوامها. ما سيؤدي إلى تصدع في جدار الدولة، وربما انهيار الدولة كلها، أثناء حرب أو أزمة تمر بها الدولة، أو خلافات لاحقة بين المكونات.

وقالت الدراسة: إن توحيد هذه القوات ودمجها يحقق قوة كبيرة للحكومة المعترف بها دولياً ضد الحوثيين، وقدم نموذج توحد القوات في طرد الحوثيين من “شبوة” و”مأرب”، مطلع 2022 صورة مصغرة للحوثيين وللمجتمع حول إمكانية هزيمة الحوثيين في أي معركة حاسمة. كان تراجع الحوثيين في تلك المناطق هو الأول منذ قرابة أربع سنوات من تقدمه دون استعادة القوات الحكومية على مساحات شاسعة كتلك في المحافظتين، كما لم يشن الجيش اليمني هجوماً على الحوثيين منذ توقيع اتفاق ستوكهولم.

وأبدت الدراسة مخاوف منه خلال المرحلة القادمة من تحقيق الحوثين وإيران لاختراق في جسم القوات التي تحت إدارة المجلس الانتقالي، خاصة إذا شهدت المرحلة الجديدة خلافاً داخل المجلس الانتقالي الجنوبي والألوية شبه العسكرية، التي تم بناءها على أسس وأهداف وولاءات مختلف،

 

اختبار “الإرهاب” و”فرض النفوذ”

تشير الدراسة إلى التحدي السادس وتعتبر أن مواجهة التنظيمات الإرهابية ووقف الهجمات الموجهة على العاصمة المؤقتة عدن، أول اختبار للمجلس الرئاسي. فخلال سنوات الحرب الماضية كان بقاء المسؤولين الحكوميين في عدن بما في ذلك رئيس البلاد مصحوباً بتهديد متعاظم للتنظيمات الإرهابية. تعرض الرئيس اليمني ورئيس الحكومة لعدة هجمات خلال بقاءهم النادر في عدن. لافتة إلى أن تنظيم القاعدة ينشط بسرعة في المحافظات المحيطة في مدينة عدن، وحسب المعلومات فإن التنظيم ينشط بمساعدة الحوثيين الذين يدفعونهم من مناطق سيطرتهم إلى مناطق سيطرة الحكومة.

ويعتبر توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابراتية مهم للغاية في مكافحة عمليات تنظيم القاعدة، وتأمين مدينة عدن من أي هجمات، وتأمين وجود المجلس الرئاسي وأعضاء الحكومة الأخرين، وتوفير الاستقرار السياسي والاقتصادي الكافي لتكون عدن أنموذجاً.

وتشير الدراسة إلى أن تحدي “فرض نفوذ سلطة الدولة” والتي اعتبرته اختبار مهم للغاية ويتضح سريعاً من خلال عدم قدرة المجلس الرئاسي وأعضاءه وأعضاء الحكومة على التحرك في عدن، والأحداث التي وقعت بسبب منع المجلس الانتقالي الجنوبي منع مظاهر الاحتفال بالوحدة الوطنية في قصر معاشيق ومدينة عدن، وإنزال الأعلام الوطنية من المنازل بما في ذلك منزل عضو في المجلس الرئاسي.

إلى جانب ذلك يحتاج المجلس الرئاسي إلى وضع حد للتنافس الجيو-سياسي على محافظتي المهرة وسقطرى، حيث توسع سلطنة عُمان من وجودها في المحافظتين الاستراتيجيتين، كما توسع الإمارات والسعودية من ذات المنطقة. الأمر كذلك في بقية المحافظات بما في ذلك محافظتي شبوة وتعز.

تشير الدراسة إلى “إيقاف شحنة اتصالات كانت في طريقها لوزارة الدفاع بحجة أنها شحنة اتصالات عسكرية، لتكتشف الحكومة أنها شحنة اتصالات تجارية، وقامت بمصادرتها منذ منفذ شحن”. وتقول الدراسة: لكن مثل هذه المحاولة من المجلس الرئاسي التي نجحت مع الجيش الوطني، قد لا تنجح في فرض سيادة الدولة عندما يكون طرف مسلح خارج الدولة، أو لوبي مصالح.

تناقش الدراسة تحدي توازن التمثيل في مؤسسات الرئاسة والحكومة، حيث تم إقصاء منطقة تهامة من المجلس الرئاسي ومن الحكومة، والذي أثر كبير لدى أبناء المحافظات تلك، لذلك يحتاج المجلس الرئاسي أن يراعي ذلك في قرارات التعيين الجديدة. كما شكا عشرات المسؤولين السابقين وهم من رجال الدولة من تهميش مناطقي أو حزبي أو مهني عانوا منه خلال السنوات في عهد حكم الرئيس عبدربه منصور هادي، يحتاج المجلس الرئاسي إلى الاستعانة بهذه الخبرات لاستعادة عمل مؤسسات الدولة.

 

التفاوض مع الحوثيين

وتلفت الدراسة إلى تحدي آخر متعلق بتحشيد الدعم الدولي، وتعتقد أن المجلس الرئاسي يملك فرصة نادرة لتحشيد الدعم لاقتصاد وسياسة اليمن. وكسلطة جديدة في البلاد يملك المجلس الرئاسي فرصة جيّدة للحصول على الدعم لإنقاذ الاقتصاد الوطني، وممارسة ضغوط على الحوثيين لإجبارهم على مفاوضات سلام والتوقف عن التحشيد للحرب. مشيرةً إلى أن تفعيل السفارات اليمنية الموجودة في الخارج دبلوماسياً وإعلامياً مهم للغاية في المرحلة الحالية وهو تحدي يواجه المجلس الرئاسي بعد سنوات من الجمود.

وتشير الدراسة إلى تحدي الهدنة والمفاوضات مع الحوثيين، وهي المهمة الأساسية للمجلس الرئاسي بإنهاء الصراع والانتقال لمرحلة انتقالية.

وقالت الدراسة: يمكن أن تمثل الهدنة التي صمدت بغير المتوقع منطلقاً لتمديدها والبناء عليها لعقد مفاوضات أوسع مع الحوثيين. يشير “الإعلان الرئاسي” إلى أن مهمة المجلس الرئاسي هي التفاوض مع الحوثيين.

وأشارت إلى أن الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة قامت على تنازلات الحكومة المعترف بها دوليا: فتحت ميناء الحديدة، ومطار صنعاء. بالمقابل يستمر الحوثيون بشن هجمات وإثارة توتر واستحداثات عسكرية في معظم جبهات القِتال. ويتوقع أن يتم تمديد الهدنة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة. على الرغم من أن الحوثيين لم ينفذوا أي التزام بشأن فتح طرقات مدينة تعز، فإن الحكومة المعترف بها دوليا ستوافق على التمديد خاصة في حال استمر التفاوض على “فتح طرقات تعز” في مشاورات عمّان. الحوثيون يستفيدون بالفعل من هدنة غير مُلزمة باشتراطات في ميناء الحديدة أو مطار صنعاء الدولي. كما أنهم مستمرون في الاستعدادات لجولة قتال جديدة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى