أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

النزوح يلتهم حياة ومستقبل ملايين اليمنيين (تقرير خاص)

يمن مونيتور/ وحدة لتقارير/ من وفاء حميد

النزوح الداخلي ظاهرة تتزايد في اليمن، ويُعزى هذا جزئيًا إلى حقيقة أنه عندما تصبح المناطق ساحات للنزاع المسلح وغيره من أشكال العنف ترتفع أعداد المتضررين. ويرجع هذا أيضًا إلى أن سكان المناطق الريفية يفرون إلى المدن التماسًا للسلامة والبقاء على قيّد الحياة. وهو ما حدث في اليمن طوال السنوات السبع الماضية.

من بين هؤلاء يعيش طاهر وأسرته في غرفة واحدة كانت في السابق دكاناً، في العاصمة اليمنية صنعاء منذ أربع سنوات، بعد أن غادر منزله في مديرية “عبس” بمحافظة حجة شمالي البلاد حيث تدور معارك بين الحوثيين والقوات الحكومية.

وقال طاهر (35 عاماً) إنه يعيش وزوجته وأربعة من بناته في هذا “الدكان” منذ نهاية 2018 مع اشتداد المعارك في قريتهم، وليست هذه المرة الأولى التي ينزحون فيها، إذ نزحوا إلى أقاربهم في منطقة مجاورة سرعان ما اجتاحتها المعارك.

عائلة طاهر هي واحدة من عشرات الآلاف من العائلات اليمنية التي غادرت مناطقها حيث تتصاعد المعارك بحثاً عن الأمن وحماية لنفسها من الموت جوعاً، توزعوا في مخيمات نزوح أو في المدن الرئيسية.

يعمل طاهر عامل بأجر يومي، يصحو من نومه في السادسة صباحاً إلى حراج العمال في منطقة “دارس” باحثاً عمّن يقوم بتأجيره. وهو يعمل في الطلاء المنازل، ويقول: أعمل في طلاء المنازل، لكني أقبل بأي عمل ممكن، لأوفر لقمة العيش لعائلتي.

 

مخيم نازحين في مأرب – وكالات

أرقام النزوح

وحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة فإن أكثر من 4 ملايين يمني أجبِروا على الهروب من العنف مرات عديدة. بين هؤلاء (3،635،000) نازح داخل البلاد، ويعتمد اثنين من كل 3 أشخاص من النازحين داخلياً على المساعدات الإنسانية.

وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2021 قالت بيانات الأمم المتحدة إن أكثر من مليون وستمائة ألف نازح يمني يعيشون في أكثر من 1500 موقع غير مخطط وأماكن شبيهة بالمخيمات. أدت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المرتبطة بالنزاع، والأخطار الطبيعية بما في ذلك الأعاصير والفيضانات، إلى مزيد من تعطيل الوصول الآمن إلى الحد الأدنى من الخدمات.

وتشير الأرقام إلى أن معظم هؤلاء يعيشون في مخيمات نزوح في خمس محافظات:  474394 ألف في محافظة حجة، و 471156 ألف في محافظة الحديدة، و 233678  في محافظة مأرب، 92866 في محافظة الجوف، و 66661 ألف في محافظة تعز.

أما بقية النازحين فهم يتوزعون إما عند أقاربهم في محافظات ومناطق أخرى، أو يستأجرون في مناطق نزوحهم كما يعيش “طاهر وعائلته”، ولا يعيشون في مخيمات والمواقع الشبيهة بها.

يمنيون نازحون يتناولون وجبة طعام تقتصر على الأرز-ICRC

معاناة ومجاعة

يفقد النازحون حالتهم الاجتماعية قبل اضطرارهم للمغادرة، كما يفقدون مصادر دخلهم الأساسي، إلى جانب تراجع فرص أبنائهم في الحصول على التعليم. وبناءً على عمليات تقييم أجرتها مفوضية شؤون اللاجئين، فإن 64 في المائة من العائلات النازحة ليس لديها مصادر دخل. ويكسب آخرون أقل من 50 دولارًا أمريكيًا في الشهر لتغطية احتياجاتهم المعيشية.

ونتيجة لذلك، فإن عائلتين من كل ثلاث عائلات نازحة تقول إنها تلجأ لآليات تكيف غير سليمة من أجل البقاء، كالحد من وجباتهم الغذائية أو تخطيها، أو إخراج أطفالهم من المدرسة أو تجاهل أمور العناية بالصحة. وينتهي الأمر بالبعض بالتسول أو بيع ما تبقى من حاجياتهم، فيما مشكلة زواج الأطفال آخذة في الارتفاع.

ويقول طاهر إنه لا يستطيع تأمين حاجيات أسرته طوال الشهر، وأحياناً يتجنب هو وزوجته الأكل من أجل أن تأكل بناته الأربع.

وأضاف: أتمنى أن أرسل بناتي (10 و8 و6 و4 عاماً) إلى المدارس لكني لا استطيع ذلك”.

مساعدات الأمم المتحدة

وحول المساعدات قال طاهر إن برنامج الغذاء العالمي يوفر كل شهرين سلة غذائية تشمل “كيس دقيق، و5 كيلو جرام سكر، و10 كيلو أرز، وحبوب فاصوليا وزيت طبخ”. ورغم أنه لا يكفي إلا أن صعوبات مثل الغاز المنزلي ومكان الطبخ يتسبب بمشكلة كبيرة. قسم طاهر دكانه بقطعة من القماش في جزء منه حيث يوجد مكان صغير للطبخ.

تبلغ قيمة الغاز المنزلي أكثر من 10 آلاف في صنعاء.

وقال طاهر إنه تلقى إشعاراً من مسؤول إغاثة أن من المحتمل عدم تسليم الغذاء لهم ابتداء من مارس/آذار القادم: لا أدري ما سأفعل من الصعب استمرار العيش، لكني أثق بالله أنه سينقذنا.

يضيف طاهر أنه كان يمتلك منزلاً ومزرعة والده يقوم بزراعتها وكانت تكفيه وعائلته الصغيرة. لكنه فقَد كل ذلك وفرّ بعد أن تحولت القرية إلى مناطق احتراب.

وتمنح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مبالغ مالية لتسديد الإيجارات للنازحين في المناطق الحضرية. لكن “طاهر” وعائلته أجابوا أنهم لم يحصلوا على بدل مالي كإيجار. وأضاف مستغرباً: “لا أعلم بذلك، بعض العائلات في الحي يساعدوننا ويعطوننا فلوس (مال) لكن لم نحصل على مال من الأمم المتحدة، ثلاث مرات حصلنا على مال من منظمة محلية بدلاً من السلال الغذائية، كان ذلك قبل عامين ومنذ ذلك الوقت لم نحصل على شيء”.

تشهد اليمن منذ 2015 اضطرابات شديدة في البلاد بأكملها بسبب الحرب التي دفعت الملايين نحو أزمات إنسانية، حيث يعيش 80% على المساعدات الإنسانية حسب الأمم المتحدة. وأجبرت ملايين المدنيين على النزوح بحثاً عن الأمن مع توسع رقعة القِتال تدريجياً لتصل إلى أكثر من 56 جبهة قِتال.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى