اخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

مركز غسيل مهدد بالتوقف.. “الطُرق” و”الفقر” يفاقمان معاناة مرضى الفشل الكلوي في تعز اليمنية (تقرير خاص)

يمن مونيتور/وحدة التقارير/ مختار شداد:

“تعبت من هذا المرض، تكره حياتك بسببه” بهذه العبارة التي تلخص معاناة مرضى الفشل الكلوي بدأ “عبدالله سعيد” البالغ من العمر 35 سنة حديثه، الذي يتلقى غسيلاً كلوياً في مدينة تعز وسط اليمن في وقت يهدد التوقف المركز الرئيس في المدينة.

وأضاف سعيد إنه يتكبد عناء السفر يومين في الأسبوع من مديرية “شرعب السلام” الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين إلى المدينة. وبسبب الحصار المفروض على تعز يقطع “عبدالله” أكثر من تسع ساعات متواصلة ليصل إلى مركز غسيل الكلى في مستشفى الثورة العام بتعز.

في الماضي لم يكن يستغرق أكثر من 3 ساعات، لكن مع حصار جماعة الحوثي المستمر منذ 2016، بات يستغرق السفر من شرعب السلام ما بين 9 و10 ساعات.

ويشكو مرضى الفشل الكلوي في مدينة تعز “جنوبي غرب اليمن” من تفاقم معاناتهم جراء تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى صعوبة التنقل بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتكاليف النقل، الأمر الذي انعكس سلبا على المرضى وبخاصة القادمين من القرى ومناطق سيطرة الحوثيين.

وأضاف “عبدالله” في حديثه لـ”يمن مونيتور” أنه اضطر يوم الثلاثاء الماضي على البقاء اليوم بأكمله في المستشفى بسبب توقف المركز عن العمل، مبديًا مخاوفه من توقف المركز ثانية في أي لحظة.

إمكانيات محدودة

ذكرت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها أن مراكز غسيل الكلى تعاني نقصا حادا في الأدوية والوقود، فضلًا عن نقص الأموال اللازمة لدفع رواتب العاملين في المركز بشكل منتظم.

ونقل التقرير عن مسؤول الأمراض غير المعدية بالمنظمة في اليمن “عبد الوهاب النهمي” قوله إن ” الوصول المحدود لجلسات غسيل الكلى يعرض حياة المرضى المستضعفين للخطر، وسيؤدي إلى نتائج مهلكة”.

“صادق فرحان” أحد المترددين على مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة العام بتعز، أصيب بالمرض قبل أربع سنوات ومن ذلك الحين وهو يتلقى جلسات الغسيل في المركز، كما يقول.

وشكا “صادق” من ارتفاع أجرة المواصلات أضعاف ما كانت عليه، قائًلا في حديثه لـ”يمن مونيتور” :  ” تتراوح أجرة النقل من جبل حبشي إلى المركز مابين 4000 إلى 8000 ريال، وهذا يشكل عبء إضافي على المريض، مما قد يضطر بعض الأسر على عدم الذهاب إلى العلاج”.

وهو مبلغ كبير للغاية يقول “صادق”، لا يستطيع تحمله مع النفقات في المدينة، مضيفاً: نحتاج ثروة من أجل العلاج”.

يعيش مرضى الفشل الكلوي في تعز معاناة إضافية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وبالإضافة إلى الانقطاع المتواصل للكهرباء، ناهيك عن الحصار الذي أدى إلى تدهور كبير في القطاع الصحي في المدينة المكتظة بالسكان.

قطاع صحي متردي

بسبب الحرب الدائرة في البلاد توقفت العديد من المراكز الطبية، ناهيك عن تعرض البعض منها للقصف والتدمير فيما بعضها مازال يعمل وإن بشكل جزئي، وتشير التقارير الأممية إلى أن الصراع الدائر في اليمن أدى إلى إغلاق ما يقارب من نصف المرافق الطبية في أرجاء البلاد، الأمر الذي انعكس سلبًا على مصابي الأمراض المزمنة خصوصًا مرضى الفشل الكلوي.

في تصريحه لـ”يمن مونيتور” قال “فهمي الحناني” مدير مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة العام بتعز أن المركز توقف عن العمل الثلاثاء الماضي بسبب عدم توفر مادة “الديزل” بعد أن توقفت منظمة الصحة العالمية عن رفد المركز بالوقود، مشيرًا إلى أنه لا توجد أي منظمات دولية داعمة للمركز في الوقت الحالي، وأن المركز قائم على دعم فاعلين الخير.

وأضاف “الحناني” قوله: ” المعوقات لا تنحصر في مادة الديزل فقط، إذ أن المركز يحتاج إلى أدوية، كما أن مستلزمات الغسيل الكلوي التي لدينا ستنتهي مع بداية العام القادم، بالإضافة إلى أن أجهزة الغسيل بحاجة إلى صيانة ومحطات الغسيل بحاجة إلى استبدال، لأن عملنا مستمر نحتاج إلى صيانة مستمرة لتقديم خدماتنا بشكل أفضل”.

معاناة متعددة

يشهد مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة اقبالاً كبيرًا من قِبل المرضى القادمين من الأرياف ومن خارج المحافظة أيضًا، ويحتاج المريض في العادة إلى أكثر من ثلاث مرات غسيل في الأسبوع الواحد ولكن هذا يتطلب إمكانيات كبيرة تفوق الإمكانيات المتوفرة في المركز، عند قول “الحناني”.

وفقًا لحديث ” الحناني” فإن المركز يستقبل من 66 إلى 80 حالة يوميًا، فيما بلغ عدد الحالات المسجلة 240 حالة، مشيرًا إلى أن المركز يحتوي على 22 جهاز غسيل قيد الاستخدام وهذا عدد قليل مقارنة بأعداد المرضى في المركز، ونوه إلى أن المركز يحتاج إلى توسعة تصل إلى 40 جهازا.

تتعدد المعاناة التي يعيشها مرضى الفشل الكلوي في تعز مابين تردي للأوضاع وارتفاع في الأسعار، والحصار الذي أجبر ” بكر محمد” على ترك أسرته في القرية والعيش وحيدًا في المدينة.

يتحدث “بكر” عن معاناته قائلًا : ” تركت اسرتي في القرية بشرعب الرونة وذلك بسبب مسافة الطريق وارتفاع أجرة النقل، ولا أزورهم إلا مرة كل أربعة أو خمسة أشهر”.

مضيفا في حديثه لـ”يمن مونيتور” قوله :”مصاريف المعيشة في المدينة متعبة، ولكن المرض متعب أكثر لذا اضطررت العيش في المدينة لأكون قريبا من المستشفى”.

وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطنين من الفقر والجوع وتدهور العملة المحلية وارتفاع الأسعار، فإن مرضى الفشل الكلوي يعيشون معاناة مستمرة تتلخص في حاجتهم الضرورية لجلسات الغسيل بصفة منتظمة في ظل الظروف الحالية الحرجة يتجلى هذا المشهد بصورة واضحة في مركز غسيل الكلى التابع لهيئة مستشفى الثورة العام بتعز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى