غير مصنففكر وثقافة

كتاب «حرائق اليمن» لخيرالله خيرالله.. مستقبل لا يشبه الماضي

أن يتاح لك الاقتراب والمعاينة لبلد شديد التعقيد في مكوناته، يشبه مساره التاريخي نوعا من التراجيديا الموجعة كما هو حال الدولة اليمنية، فأنت لا تقف فقط على أعتاب دولة عربية تعاني كغيرها سطوة الماضي وتوازنات السلطة، بل تقف على مفترق طرق تفسر لك أحداثا ربما يبعد مصدرها آلاف الأميال. في كتابه «حرائق اليمن.. شهادات من الداخل» ينقل الصحافي خيرالله خيرالله عن كثب، ومن خلال صلاته الشخصية بعدد كبير من رجالات اليمن وقادته المصير الموجع الذي يجسده عنوان الكتاب نفسه.

يمن مونيتور/ عن القبس الكويتية:
أن يتاح لك الاقتراب والمعاينة لبلد شديد التعقيد في مكوناته، يشبه مساره التاريخي نوعا من التراجيديا الموجعة كما هو حال الدولة اليمنية، فأنت لا تقف فقط على أعتاب دولة عربية تعاني كغيرها سطوة الماضي وتوازنات السلطة، بل تقف على مفترق طرق تفسر لك أحداثا ربما يبعد مصدرها آلاف الأميال. في كتابه «حرائق اليمن.. شهادات من الداخل» ينقل الصحافي خيرالله خيرالله عن كثب، ومن خلال صلاته الشخصية بعدد كبير من رجالات اليمن وقادته المصير الموجع الذي يجسده عنوان الكتاب نفسه.
تكشف شهادات خيرالله عن هشاشة تكوين الدولة الحديثة في اليمن سواء في حال انفصاله أو وحدته، مركزيته الوطنية، أو توجهه الاشتراكي، فتحت واجهة الدولة والحزب كانت القبيلة والعشيرة والطائفة. يقول خير الله عن التجربة الاشتراكية «عندما حصل الانفجار الداخلي تبين ألا وجود لشيء اسمه حزب قائد وحاكم، بل قبائل وعشائر ماركسية تقاتلت فيما بينها من منطلق مناطقي إثر خلاف على السلطة».
لكن ألم يكن ذلك أيضا مصير النسخة اليمنية من «الربيع العربي» حيث انتقلت الثورة من أيادي الشباب إلى جماعة الإخوان، ثم إلى صعود الحوثيين وصولا إلى «عاصفة الحزم»؟.
◗ مابعد الصوملة
يشكك الكاتب في مصير اليمن الذي يراه قد بلغ مرحلة «ما بعد الصوملة» وفي قدرته على لأم الشمل في دولة وحدة مجددا، أو حتى العودة إلى الصيغة الانفصالية السابقة على الوحدة. تمتد تساؤلات خيرالله أبعد من ذلك إلى حدود الحياة اليومية المفككة «من يستطيع معالجة الوضع الاقتصادي في اليمن؟ من يستطيع إعادة التلاميذ والطلاب إلى المدارس والجامعات. هل لاتزال هناك مدارس وجامعات أصلا؟».
عقب رحلته إلى عدن في العام 1986 يتبين الكاتب حال الانقسام الداخلي، لكن تعقد الحسابات الداخلية نفسه هو ما يستنتجه خيرالله بعد الرحلة إلى صنعاء «يكتشف المرء التعقيدات اليمنية التي ليس بعدها تعقيدات».
ويورد خير الله أسماء العديد من الشخصيات الذين التقى بهم. وفي حديثه عن علي عبدالله صالح الرئيس اليمني السابق يشير إلى منهج الأخير في إحكام قبضته على الحكم من خلال التوازنات. يقول خير الله «لم أستطع في أي وقت سبر أغوار تلك الشخصية، لكن ما استوقفني هو سعيه الدائم إلى إيجاد توازنات في البلد، كان يضع نفسه دائما في وسطها».
 
خيرالله خيرالله – حرائق اليمن
◗ حذر لا يمنع القدر
في مفارقة واضحة يصف الكاتب الحس الأمني العالي لعلي عبدالله صالح حتى إنه «كان يتوجس من أي طائرة حربية تمر في الأجواء عندما يسمع صوتها، حتى لو كان على إدراك تام بأنها تقوم بتدريبات عسكرية عادية على علم مسبق بها». لكن هذا لم يمنع من أن يخونه حسه الأمني في يونيو 2011 عند وقوع انفجار مسجد النهدين «بدا واضحا أن الذين خانوه كانوا من الحراس القريبين منه ومن المنتمين إلى منطقته».
عبر لقاءاته وصلاته الشخصية بالكثيرين، ورغم انشغالاته السياسية يلتفت خيرالله إلى الشخصية اليمنية التي يعدها مثيرة للإعجاب بسبب من «تلك القدرة لدى اليمني العادي على التأقلم مع الظروف مهما كانت صعبة».
لا ينفصل الحدث اليمني كما يقدمه خير الله، خاصة فيما يتعلق بنهاية «جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية» وانتهاء بالوحدة، عن الحدث العالمي. هكذا يربط الكاتب بين التطورات التي تلت أحداث يناير عام 1986، وبين انحسار اهتمام الاتحاد السوفيتي باليمن الجنوبي، فقد كانت ثمة نذر في الأفق تدعوه إلى اشغال أكبر. ويعقد الكاتب هذه المقارنة اللافتة حين يقول «كان انهيار جدار برلين في خريف عام 1989 بمنزلة انهيار للجدار الذي كان يفصل بين شمال اليمن وجنوبه، أو ما كان يسمى بـ(الشطرين)».
◗ وماذا بعد؟
يربط الكاتب أيضا بين صعود الحوثيين وانهيار الدولة، مؤكدا أن «الحوثيين ابتلعوا لقمة لا تتناسب مع حجم معدتهم»، وهو ما وضعت «عاصفة الحزم» حدا له.
لكن ماذا إذن عن المستقبل؟ يرى خيرالله أن المرحلة القادمة هي مرحلة الأسئلة أكثر مما هي مرحلة الإجابات «الأمر الوحيد الأكيد بالنسبة إلى شخص مثلي رافق الأحداث اليمنية منذ سبعينات القرن الماضي، يصعب بقاء اليمن موحدا، بغض النظر عن النتائج التي ستفضي إليها (عاصفة الحزم) التي هي قبل كل شيء، رد على وضع الحوثيين يدهم، ومن خلفهم إيران، على البلد وصولا إلى باب المندب».
يختتم خيرالله كتابه بفصل جاء بعنوان «شخصيات افتقدها اليمن» تناول فيه شخصيات عبدالكريم الإرياني، وعبدالعزيز عبدالغني، ويحيى المتوكل وغيرهم، مرفقا كتابه بملحق للصور وعدد من الوثائق.
يلخص الكتاب خبرة مؤلفه على صعيد التجربة اليمنية، حيث أجرى العديد من الأحاديث الصحافية مع شخصيات يمنية بصفته رئيسا للقسم العربي والدولي في «النهار»، ثم مديرا للتحرير في «الحياة» وكاتبا مستقلا من العام 1998 إلى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى