كتابات خاصة

إنها الفتنة إن كنتم تعلمون

أحمد ناصر حميدان

نحن غارقون في الصراعات, وامتهنا العداوة بإتقان, ومازلنا غارقون, ونتفنن في تقديم مبررات الشحن والتحريض لاستمرار الصراع, نشتم رائحة الدم, ونستمتع بأشلاء الضحايا , بقلوب يملئها الحقد والثأر والانتقام .

البعض لا نجيد غير خطاب يستدعي جراحات الماضي , لتكرار ماسينا باستمتاع , يبني مواقفه السياسية وعلاقاته بالآخر على هدى الماضي وجراحاته!

الماضي دروس وعبر, بالدرس نتعلم وبالعبرة نكتسب الخبرة, والحكمة في هو الدرس الذي تعلمناه, وما هي الخبرة التي اكتسبناها؟

حاضرنا الفاقد للحكمة يرد على هذا السؤال, لم نستوعب الدرس ولم نعتبر مما حدث لنا, إن كانت مؤامرة (فرق تسد) الاستعمارية , وكنا ضحايا سنوات من الصراع , والتشظي والاقتتال, والقهر والظلم والاستبداد , والإقصاء والتهميش, فأنها الفتنة, الحكمة نتقي شرها, والشر أن  نبقي العداوة منهجنا في الحياة , والتحريض والحشد برنامجنا ضد بعض, واستدعاء الماضي هي الوسيلة , لاستمرار الصراع والاقتتال كهدف وغاية ؟, انها الفتنة و أدواتها .

لو كنا استوعبنا الدرس, لتجاوزنا ماضينا و تعافينا من جراحات ذلك الماضي , وتحررنا من دور الضحية, وحالة والشكوى والبكاء , وامتهنا حالة التآخي والتسامح والتصالح مع انفسنا ومع الآخر , وانطلقنا لرحاب العصر , لننهض ونرتقي كما ارتقى العالم من حولنا .

ويقال لو من عمل الشيطان, و للفتنة متطلبات, تحاصرنا لنبقى قابعون في دور الضحية, ودور الجلاد, خطاب الشكوى والبكاء, على ماضي تناولناه بين ضحايا وجلادون, فأصبنا بالتسلط والقهر, والنتيجة خسرنا قيم ومبادئ وأخلاق , وخسرنا أنفسنا, وخسرنا أهم ما نملك (ارض وانسان وهوية) .

أريد من الذين يستمتعون في سرد أوجاع الماضي , بسيناريو تحريضي , يدعو للثأر والانتقام , و القابعين في فترة زمنية معينة , ان يبرهنوا أنهم كانوا الأفضل, ويقدموا أنفسهم اليوم بشكل أرقى وأفضل, ولا يوجد ارقى وافضل من المتسامح والمتصالح من ذاته والآخرين, يفتح فرص التعافي للمجتمع وبالتالي تعافي وطن وأمة, وما اكثر احتياجنا اليوم للتسامح والتصالح, للسلام والوئام, لتجاوز حالة العنف, ونفكك نفوذ العنف والتسلط ,لنعطي فرصة للحق أن يعلو , والباطل  يزهق , والنظام والقانون يسود, ليعرف المجرم من البريء .

الدعوة للثأر بحد ذاتها هي دعوة للعنف, وبالتالي هي أداة عنف, تحرك العنف المضاد , وبها تتنفس البندقية, ويسود الظلم والقهر, يبقى الحال على ما هو عليه, والمنتصر هو الذي يحكم, وعلى المهزوم ان يعد نفسه لجولة الانتصار, في دائرة عنف لن تنتهي , نمتهن فيها قهر بعض وظلم بعض وقتل بعض , ونبقى في قاع الأمم, مجتمع غير محترم يداس بالوصايا والارتهان والتبعية , وحالنا خير دليل لامه لم تستوعب دروس ماضيها ولم تعتبر مما حدث لها ويحدث , ولله في خلقه شئون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى