كتابات خاصة

الانتقام ل”سليماني”.. أفريقيا واليمن

في الثالث من يناير/كانون الثاني العام الماضي كان العالم يعيش واحد من أبرز أحداث الألفية الجديدة “اغتيال قاسم سليماني” قائد فيلق قدس الإيراني وأحد أبرز القادة الإيرانيين الذين جرى أسطرتهم لعقود مضت كموجه ومسيّر لتصدير الثورة الإيرانية خارج الحدود، وبالفعل كان الرجل كذلك.

بعد عام على مقتل الرجل يستمر الحديث عن الانتقام لمقتل “سليماني”. وحقيقة الأمر ما زالت طهران تفكر في الرد والانتقام، فقصف القواعد العسكرية الأمريكية في العراق لم يكن كافياً كما يقول معظم القادة. ومن الصعب تنفيذ إيران انتقاماً داخل الأراضي الأمريكية لعدة أسباب مرتبطة بوصول إدارة جديدة للبيت الأبيض، وتعقيد العملية بشكل كبير عن باقي الدول التي توجد فيها المصالح الأمريكية، لذلك يتحدث القادة الإيرانيون عن رد في أي مكان في الأرض.

ومنذ مقتل الرجل ما يزال القادة الغربيين -–وجواسيسهم- متيقظين يريدون معرفة أين ستكون الضربة الإيرانية الجديدة! بعضهم يعتقد أن اليمن، وأفريقيا هي المنطقة الفاعلة للرد حيث قامت إيران طوال سنوات ببناء شبكات سرية كبيرة في تلك الدول التي تفرض تدقيق قليل على النشاطات الإيرانية.

في 2012 اعتقلت الشرطة الكينية إيرانيين اثنين كانا يخبأن متفجرات في ملعب في “مومباسا”، حيث يقوم دبلوماسيون غربيون بممارسة رياضة الجلف هناك. وحُكم عليهم بالسجن 15 عاماً. وفي 2013 كشفت الشرطة النيجيرية قيام ثلاثة لبنانيين في بناء مستودع أسلحة في مدينة “كانو”، واعترفوا أنهم أعضاء في حزب الله اللبناني التابع لإيران وكان الهدف استهداف سفارات غربية، ويعملون لحساب فيلق قدس.

حسب تقارير للأمم المتحدة فإن فيلق قدس ينشط في “أفريقيا الوسطى، وتشاد، والنيجر، والسودان، وإريتريا، وغامبيا دول أخرى”، وخلال العقدين الماضيين كُشفت عديد عمليات يديرها الفيلق لاستهداف سفارات بينها “الاحتلال الإسرائيلي، والسعودية، والولايات المتحدة، ودول غربية أخرى”.

تقوم إيران بفرد أجنحتها عبر جماعات محلية نشطة في تلك الدول، ومن المتوقع أن تستخدم إحدى تلك الجماعات المحلية في الانتقام لقاسم سليماني. مؤخراً اعتقلت الشرطة النيجيرية رجلاً اعترف أنه يعمل ضمن الوحدة 400 التابعة لفيلق قدس، وتم تجنيده خلال الحج. وتلقى دورات واستخدام الأسلحة في إيران عدة مرات. وساعد في بناء الشبكات وجمع المعلومات الاستخباراتية أو رشوة السياسيين في عدة دول أفريقية.

اليمن ليست استثناءً. بعد مقتل سليماني تصاعد الخطاب في صنعاء -الخاضعة للحوثيين- بلهجة الانتقام لمقتل “قاسم سليماني”. وسيقوم الحوثيون بمهرجانات خلال الأسبوع الحالي لتمجيد الرجل، حسب ما أفاد “أمير عبداللهيان” المسؤول الإيراني البارز.  يوم الجمعة الأول من يناير/كانون الثاني 2021 حضر ممثلون عن جماعة الحوثي بينهم سفيرها لدى طهران “إبراهيم الديلمي” مراسم أقيمت في جامعة طهران في الذكرى الأولى لمقتل قاسم سليماني. قال الديلمي: باستشهاد سليماني فقدت اليمن أخًا عطوفًا وعزيزًا (..) نجزم أن أحد أهم الأسباب التي أدت لاغتيال سليماني كانت في وقفته المباركة الى جانبنا.

تُعتبر اليمن بالنسبة لإيران فرصة ذات تأثير كبير وداعم لاستراتيجيتها الخارجية في شبه الجزيرة العربية، بتكاليف ضئيلة للغاية مقارنة بما تدفعه في العراق وسوريا ولبنان. وعادة ما يطلق الحوثيون صواريخ بالستية وطائرات دون طيار على الأراضي السعودية –الحليف الأبرز للولايات المتحدة- بما فيها منشآتها النفطية. لذلك فإن استهداف السعودية سيكون ضمن قوائم الانتقام الإيرانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى