أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

قصص عن ظاهرة التنمر في اليمن وتأثيراتها الطويلة على حياة الضحايا (تقرير خاص)

يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص

“برغم أني أصبحت أبلغ من العمر 26 عاما، إلا أني ما زلت حتى اليوم أعيش الألم ذاته الذي شعرت به، حين قمت بقطع جزء من أنفي بشكل عشوائي، دون أن أبالي بالدم الذي كنت أراه ينزف مني، وأنا عمري فقط 6 سنوات”، هذا ما تذكره عبدالله مثنى وهو يتحسس أنفه، بمجرد ما سمع كلمة “التنمر”. 

يقول مثنى لـ”يمن مونيتور”:”كثيرا ما سمعت من أهلي وأصدقائي وأنا طفل، أن أنفي كبيرا، لدرجة أني كرهته فعلا برغم أنه كان جميلا، وحاولت ومرتين أن أقوم بقطعه، ونجحت في ذلك، وفي المرة الأخيرة كان الجرح كبيرا، وأسعفوني أهلي لمركز صحي لخياطته”.  

تتنامى بشكل متزايد ظاهرة التنمر في المجتمعات، على أرض الواقع، وكذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يشعر المتنمرون بخطورة ما يقومون به، وحجم الأذى النفسي الذي يلحق بالمتضرر. 

والتنمر، هو سلوك لفظي أو جسدي، يقوم به المُتنمِّر الذي يقوم بالتسلط على الآخرين، لاعتقاده أنه الأفضل أو لديه نفوذ ما، سواء بالسخرية، أو التحقير، أو التهديد وغيره. 

اليوم، يعيش مثنى بأنف مشوه بعض الشيء وتظهر فيه آثار جروح قديمة، وهو يحاول التصالح مع شكله، واكتساب مزيد من الثقة بالنفس، ومحاولة تجاوز تلك العقبة بشكل ذاتي، فهو كما يؤكد، لم يحصل على أي دعم نفسي من محيطه حين كان طفلا. 

الأسرة مصدر للتنمر 

مريم عبده (19 عاما)، هي الأخرى تعاني من التنمر منذ طفولتها لقِصر قامتها، مقارنة بطول إخوتها، وهو الأمر الذي جعلها مثارا للسخرية في المنزل.  

بحرقة تقول مريم لـ”يمن مونيتور”: “سمعت كلمة “قَزَم” عشرات المرات من إخوتي في المنزل، لأني قصيرة القامة، دون أن يمنع أبي أو أمي ذلك، ربما لعدم تقديرهم بحجم الإيذاء النفسي الذي أتعرض له”. 

وتابعت: لقد أصبحت أصاب بأمراض كثيرة لأني لم أعد أهتم بصحتي وأشعر بالاكتئاب، ولا أقوم غالبا بتناول الدواء دون أن يعلم أحد بذلك، لأني أشعر باليأس، وعدم الرغبة بالحياة بشكلٍ جِدي. 

إهمال معالجة المشكلة 

ويُعد الأطفال بخاصة في المدارس ومجتمعهم، أكثر عرضة للتنمر وتأثُرا بهذه الظاهرة، وأنواعها هي (اللفظي، والاجتماعي، والإلكتروني، والبدني، والعرقي). 

تؤكد الأخصائية الاجتماعية سميرة أحمد أن الطلاب في المدارس، يتعرضون للتنمر، وغالبا ما يكون ذلك من زملائهم الأكبر سنا منهم، وهو الأمر الذي يؤثر عليهم كثيرا. 

وترى سميرة في حديثها مع “يمن مونيتور” أن الطفل الذي يتعرض للتنمر، بحاجة لمعالجة نفسية يقوم بها الأهل في المنزل بدرجة رئيسية، والمعلم المُطلع على ما يجري؛ حتى لا يكون الأثر كبيرا على الضحية، ويكون سببا في فشله دراسيا، أو عزلته الاجتماعية. 

وبحسب الأخصائية الاجتماعية، فإن بعض المتنمرين لا يدركون أنهم يسببون للضحايا أذىً كبيرا، مشيرة إلى أن البعض يعتبرون ما يقومون به من عنف لفظي مجرد “خِفة دم” (أي شخصا لطيفا بتصرفاته تلك).  

الدوافع والحلول 

مع استمرار التنمر، ركزت وسائل الإعلام المختلفة خلال السنوات الأخيرة، والناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، على التوعية بخطورة هذه الظاهرة، التي قيدت الكثيرين بخاصة من النساء في الفضاء السيبراني، بخاصة مع تسجيل حالات انتحار في دول مختلفة جراء ذلك. 

الباحثة الاجتماعية خيرية علي الرداعي في تعليقها على التنمر الذي يعد أحد أشكال العنف، حذرت من خطورة هذه الظاهرة، التي تؤدي إلى عزلة الشخص الضحية، من ثم التفكير بالانتحار. 

وأوضحت لـ”يمن مونيتور” بأن التنمر يتعرض له الكبار والصغار. مشيرة إلى أن هناك دوافع عديدة لهذه الظاهرة، منها رغبة المُتَنَمِر بالشعور بأنه مهم وقوي، بغرض جذب الانتباه له، إضافة إلى أن البعض يلجأ للقيام بذلك كردة فعل عكسية، لما تعرض له سابقا من تنمر سواء في طفولته أو في وقته الراهن. 

وبشأن كيفية التخفيف من هذه الظاهرة، تفيد خيرية وهي عضو هيئة التدريس والتدريب في المعهد الوطني للعلوم الإدارية، بأنه يجب الوعي بأهمية تقويم هذا السلوك الغير سوي (السيكوباتي وهو الشخص المعادي للمجتمع دون أن يشعر بالذنب). 

كما تنصح كذلك بغرس القيم الدينية لدى المتنمرين وإعادة تأهيلهم، وكذا الرعاية والاهتمام بالطفل والتربية السليمة له، وإيجاد شخصية قدوة لهم ليتعلموا منها السلوكيات الحسنة، ولتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم. 

وتحث خيرية على ضرورة تجفيف منابع التنمر، وسحب الطفل الذي يقوم بذلك من المؤثرات التي تجعله ينخرط في هذه الظاهرة السيئة، وكذا الاستفادة من أساليب التقويم النفسي المختلفة، واستشارة المختصين في مجال السيكولوجيا والاجتماع. 

والتنمر –حسب مختصين- يُعد من ضمن المظاهر السلوكية للشخص في عمر المراهقة وما قبلها، وقد تستمر إلى ما بعد تلك المرحلة أيضا. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى