غير مصنف

السلفيون في اليمن.. الطريق الإجباري إلى العمل المسلح

يلُف التيار السلفي في اليمن نوع من التعقيد عند دراسة تفاعل هذا التيار مع الظواهر السياسية والاجتماعية نتيجة لحجمه الواسع في المجتمع وعدم تشكلهم في جماعة واحدة أو تنظيم يحكم المواقف والتوجهات.

يمن مونيتور/ خاص/ من أمجد خشافة

يلُف التيار السلفي في اليمن نوع من التعقيد عند دراسة تفاعل هذا التيار مع الظواهر السياسية والاجتماعية نتيجة لحجمه الواسع في المجتمع وعدم تشكلهم في جماعة واحدة أو تنظيم يحكم المواقف والتوجهات.
وحين كان التيار السلفي بكل فصائله تحكمه قاعدة “البقاء على الأصل” والنظر في “النص الشرعي”، هو من جعله بعيداً عن ممارسة العمل السياسي منذ تأسس أول مركز سلفي في اليمن في الثمانينات بقيادة الشيخ مقبل الوادعي، وحتى ثورة فبراير 2011م.
 هذا الابتعاد، ناتج عن حالة من التنزه الديني، وعدم الوقوع فيما يسمونه شبهات نُظم السياسة المفروضة عليهم وعلى “النص الشرعي” لا العكس، فكان بقاؤهم في مؤسسات دعوية وإغاثية وفكرية هو الخيار الوحيد حتى جاءت الثورة فدفعت أغلبهم إلى واجهة السياسة، مع اصطحاب “النص الشرعي”، لحل أكبر عقبة وهي “الديموقراطية”، فتم القبول بها باعتبارها عملية إدارية، وليست كفلسفة.
وعلى قدر تشكل جزء كبير من التيار السلفي سياسياً، والذي تمثل بحزب الرشاد وحزب السِلم والتنمية، وحركة النهضة السلفية جنوب اليمن، إلاّ أن زمن ممارسة العمل السياسي كانت وجيزة بعدما عسكرت جماعة الحوثي المسلحة البيئة السياسية، مما أربك مسارهم السياسي والتوجه نحو العمل المسلح.   
خيار “الدفاع عن النفس”
وتصدرت، في الوقت الراهن فصائل سلفية في جبهات القتال ضد الحوثيين، وبرز تواجدهم في عدن وتعز والبيضاء بقوة باعتبارهم يخوضون حرباً قائمة على تأصيل شرعي من أجل “الحفاظ على الدين والعرض والدفاع عن النفس”، كراية شرعية واضحة خلاف الرايات الوطنية.
لكن هذا التحول السريع إلى العمل المسلح أو “الجهاد”، يستحق الجدل حوله، فيما إذا كان سيستمر أم سينتهي بانتهاء حالة الاقتتال.
يقول “آدم الجماعي”، رئيس الدائرة السياسية في حزب السلم والتنمية والباحث في الفكر الإسلامي، إن “التحول للعمل المسلح لا يعبر عن قناعة إجماع بين الفصائل السلفية في كل مكان بل قناعة لكل من مسه الضر كردة فعل ودفع للمفسدة”. 
وأضاف الجماعي، في حديث مع “يمن مونيتور” أن “ما يمكن تفسيره للتحول نحو العمل المسلح بأنه واقع مفروض على بعض الشباب السلفي في بعض المناطق التي دخلتها الميليشيا، حيث مارست فيها أشكال العنف بالمطاردة والاعتقال والتضييق، وهذه الأساليب القمعية والتصفيات الممنهجة وضعت بعض الشباب السلفي في زاوية الإكراه وخيار الممانعة، على قاعدة “الدفاع عن النفس”.
وكلما وجد الشباب هذا النموذج، وفقاً للجماعي، في مناطق دخلتها الميليشيا تخوفوا أن يحصل في مناطقهم فاضطروا للمواجهة، فحالة التحول هي اضطرارية ودفاع عن النفس.
أسباب التوجه للقتال
وفيما تدور أحاديث حول أسباب توجه بعض الفصائل السلفية بإيعاز من جهات للقتال، يؤكد الجماعي خلاف ذلك، ويعتبرها أسباب “نابعة من البغي والعدوان، والذهنية السلفية ترى أن البغاة هم الذي يستبيحون الحرمات ويقتلون النفس المحرمة ويعبثون بوسائل الأمن”.
وتابع قائلاً، “السبب الثاني أن طلاب دماج خرجوا مكرهين من بيوتهم ومراكزهم راغبين بالموادعة وتاركين مكان الصراع، فعندما وجدوا الميليشيا تطاردهم حيث ما كانوا، وجدوا أنفسهم أمام عنف طائفي يطاردهم الى مساجدهم ومنازلهم”. 
وأما السبب الثالث، فهو “وجود حالة العبث والفساد الذي مارسه الحوثيون تجاوز المعقول والمعروف إلى قتل النساء والأطفال وتهجيرهم وتفجير بيوتهم واقتحامها ونهب الممتلكات، واهانة العجائز وكبار السن، وتكفير المجتمع كله واعتبارهم كفارا، وهو ما أثار غيض الكثير الذين وجدوا أنفسهم هدفا للميليشيا ومحاصرين بوسائل العنف والقهر. وفقاً للجماعي
تيار جهادي
وتصنع، في الغالب، البيئات القتالية فصائل جهادية تتخوف منها الأنظمة الوطنية لا سيما إذا طال أمدها، وفيما إذا كان سيتشكل فصيل جهادي من السلفيين المقاتلين حالياُ في مناطق الصراع يُقلل الجماعي من هذا التوجه، ويقول، “هذا احتمال ضعيف، لأن واقع المناطق التي انسحب منها الحوثيون عادت الأمور لوضعها الطبيعي، ومع انتهاء اسباب القتال عادوا لوظائفهم وأعمالهم وبيوتهم”.
وأشار أن الأمن هو “الهدف الذي كانوا يطلبونه، أما عندما تتولد لديهم قناعة بالقتال كهدف وحلّ مع أي مخالف فهو سيتحول مشروعاً فردياً لدى من سينتهج هذا التوجه، لكنه لن يتحول بشكل فصيل أو تيار”، معتبراً “القتال العام هو ضنك وشر والنفوس تحب الراحة منه، حتى تنظيم القاعدة يضنك من الحروب الطويلة والمواجهات البرية العنيفة ويضطر للهروب لتدارك الخسائر”.
ويبدو أن ما يعزز المخاوف من تشكل فصائل جهادية هو احتواء السلطات اليمنية هذه الفصائل والتواصل معها بعد انتهاء الحرب كما في مدينة عدن، حين أُعطى القيادي في مقاومة عدن هاني بن بريك منصباً كوزير دولة واشراك من يريد من أنصاره في الجيش والأمن، مقابل وضع حدا لتحول هذه الفصائل إلى عمل جهادي مستمر.
وبالمثل، بمدينة تعز الذي بادر قائد جماعة “حماة العقيدة” السلفية “أبو العباس” للقول إن “رفاقه سيسلمون السلاح للدولة بعد إخراج الحوثيين من المدينة، وانتهاء الحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى