أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتراجم وتحليلات

“عاصفة كاملة”.. لماذا يعتبر 2020 أسوأ عام للجوع في اليمن؟.. صحيفة بريطانية تجيب

يمن مونيتور/ ترجمة خاصة:

قالت صحيفة “ذا إندبندنت” إن عام 2020م سيكون أسوأ عام في اليمن حيث سيصل الجوع إلى مستويات قياسية ويهدد بأزمة إنسانية كبيرة.

وأشارت إلى أن عام ” 2020 قد يكون أسوأ عام حتى الآن من حيث الجوع في اليمن حيث الملايين على شفا المجاعة”.

وشرحت الكاتبة بيل ترو في تقريرها كيف أدى المزيج القاتل (الحرب، كورونا، الجراد، الفيضانات) بدفع ملايين اليمنيين نحو المجاعة. وقبل وصول الجراد والوباء كان اليمن بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث يعتمد أكثر من نصف سكان البلاد على المساعدات الغذائية من أجل البقاء. ومع بدء انتشار فيروس كورونا، بدأت الأوضاع تصبح أكثر سوءاً، وبات الملايين، خاصةً الأطفال، عرضة للمجاعة وسوء التغذية والأمراض المزمنة.

 

“مزيج مُميت من الآلام”

للوهلة الأولى، تبدو نهى طفلة رضيعة وصغيرة ترتدي بيجامات ذات ألوان زاهية كانت ملكاً لأخيها الأكبر. لكن الفتاة اليمنية في الواقع تبلغ من العمر سبع سنوات وهي تعاني من الجوع الشديد لدرجة أن أعضائها بدأت تغلق واحدا تلو الآخر.

نهى هي من بين ما يقدر بنحو 2.4 مليون طفل في اليمن الذي مزقته الحرب تخشى الأمم المتحدة أن يتم دفعها إلى حافة المجاعة بحلول نهاية العام، بسبب الصراع ونقص غير مسبوق في التمويل الإنساني خلال الوباء.

الطفلة اليمنية نُهى التي تعاني من سوء تغذية حاد في الحديدة-أشواق محرم

تعاني نهى، مثل الكثير من الأطفال في اليمن، من مزيج مميت من الآلام. ووفقاً للطبيبة اليمنية أشواق محرم، التي تساعد في علاجها، فهي تعاني من الكساح والتشنجات في الأطراف، بسبب نقص الكالسيوم.

تقول “محرم” لصحيفة ذا إندبندنت من الحديدة، موطن لحوالي 300.000 شخص: “من الواضح أن نهى ليست كباقي الأطفال- فهي طفل يعاني الجوع”.

تظهر جمجمة نهى بوضوح بسبب الجوع، وتكافح من أجل على سريرها في المستشفى، حيث تسعى الممرّضات إلى تزيين سريرها بأغطية ديزني لإبهاجها.

في وقت سابق من هذا الشهر، عندما نُقلت “نهى” إلى مستشفى الثورة في الحديدة، وهي مدينة ساحلية من بين أكثر المناطق تضرراً من أزمة الجوع في اليمن، خشي الأطباء في منطقتها من أنها لن تصل إلى المستشفى قبل موتها. وتقول أسرتها إنّهم اضطروا إلى الانتظار حتى اللحظة الأخيرة لنقلها إلى المستشفى، لأنه لم يكن لديهم المال لدفع تكاليف النقل.

 

“نأكل الخبز”

وقالت والدة نهى: “في الغالب نأكل الخبز، وبعض الأرز يُتبرع به من الأصدقاء أو من مؤسسة خيرية. ويبدو أن والدتها تعاني أيضًا من سوء التغذية والضعف. مضيفة أنهم قد يحصلون على الخضار مثل الطماطم.

تقول الأم، التي طلبت عدم نشر اسمها: “لم يكن لدينا مال بسبب الحرب والقيود المفروضة بسبب فيروس كورونا، لذلك لا يمكننا أن نتناول الطعام”.

جميع أفراد الأسرة يجوعون، لكنهم أصبحوا قلقين بشكل متزايد عندما بدأت نهى تعاني من الإسهال الذي تركها تعاني من الجفاف وسوء التغذية.

وتابعت الأم “تصل تكلفة سلة السلع الأساسية إلى أكثر من 45 دولاراً الآن، وهو راتب شهر لم نحصل عليه منذ سنوات”. وتضيف: “ليس لدينا ما يكفي من المال لإطعام أيٍّ من الأطفال بشكل صحيح”.

تعمل محرم، الطبيبة النسائية، منذ سنوات في عيادة متنقلة للتغذية، حيث تجوب المناطق النائية في الحديدة لمعالجة المرضى.

على الرغم من النقص الحاد في الأدوية والأطباء، يعالج مستشفى الثورة في الحديدة العديد من الحالات الحرجة، حيث كان منذ فترة طويلة الخط الأمامي لحرب اليمن التي استمرّت خمس سنوات. وتعد المدينة من بين المناطق الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن انتشار أمراض مثل الكوليرا، التي تؤدي إلى تفاقم حالات سوء التغذية.

أطفال يتم علاجهم من سوء التغذية- رويترز

وتقول محرم للصحيفة البريطانية “إن الوضع كان سيئاً بالفعل بسبب الحرب، ولكنه تفاقم بسبب كورونا، ما يعني أن العديد من المواطنين فقدوا أعمالهم، الأمر الذي أثّر كثيراً بقدرتهم المعيشية، ويحد من تنقل منظمات الإغاثة”.

قبل أن يصل الوباء إلى شواطئ اليمن، كان أكثر من 15 مليون شخص – أكثر من نصف سكان البلاد – يعتمدون بالفعل على المساعدات الغذائية الإنسانية من أجل البقاء، بحسب الأمم المتحدة.

ومع وصول كورونا الذي أغلق الشركات وعطل خطوط الإمداد، جعل أزمة الجوع هذه أكثر حدة.

أخبرت فانيسا روي، من شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة، صحيفة “ذا إندبندنت” أنّ “عام 2020 قد يكون عاماً سيئاً قياسياً للجوع في اليمن”.

وتقول: “سيكون هذا العام هو الأسوأ من حيث إجمالي السكان المتوقع أنهم بحاجة إلى مساعدات غذائية”.

مجاعة أخرى

دقّت الأمم المتحدة هذا الأسبوع ناقوس الخطر بشأن مجاعة أخرى محتملة.

وفي حديثه أمام مجلس الأمن، قال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارك لوكوك ” إنه من دون المزيد من التمويل والوقف الفوري لإطلاق النار، سيكون هناك زيادة في الجوع وسوء التغذية والكوليرا، إضافة إلى تداعيات أزمة كورونا صحياً واجتماعياً واقتصادياً”.

على الرغم من حقيقة أن البلاد على “حافة الانهيار”، قال إن الأمم المتحدة كانت قادرة فقط على جمع 18 في المائة من الأموال اللازمة لتشغيل برامجها هذا العام بعد فشل حملة التمويل.

لقد اضطرت الأمم المتحدة بالفعل إلى إغلاق البرامج الحيوية، بما في ذلك تلك البرامج التي تعالج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية مثل نهى.

قبل أيام قليلة من تصريح لوكوك، قالت عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة في تقرير مشترك إن 1.2 مليون شخص إضافي في جنوب اليمن الذي تسيطر عليه الحكومة سيعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد بحلول نهاية العام.

 

عاصفة كاملة

يصف التقرير المشترك كيف أن اليمن في عين “عاصفة كاملة” من الصدمات الاقتصادية، والصراعات، والفيضانات، وباء الجراد الصحراوي – والآن فيروس كورونا.

وقالت أنابيل سيمينغتون ، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، لصحيفة ذا إندبندنت “نحن نشهد تدهوراً مزعجاً للغاية ولا نرى أي شيء يسمح لنا بوقف التراجع الحالي”.

وأضاف: نحن بحاجة للعمل الآن، وإلّا فسيكون الأوان قد فات. محذرة من حدوث أسوأ الأزمات الإنسانية على الإطلاق.

ودخلت اليمن في حالة حرب منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.

وقالت الصحيفة البريطانية في التقرير -الذي نقله إلى العربية “يمن مونيتور- بعد مرور خمس سنوات، لا أمل كبير في إنهاء القتال. فإضافة إلى العديد من المشاكل في البلاد، اندلع نزاع ثان داخل التحالف المناهض للحوثيين بين الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات والحكومة اليمنية المعترف بها.

ووسط هذا الإعصار من العنف، كانت البلاد غير مجهزة للتعامل مع وصول فيروس كورونا، الذي أصاب ما لا يقل عن 1700 شخص وقتل ما يقرب من 500 آخرين ، وفقًا للأرقام الرسمية. لكن عدم وجود فحوص للفيروس يعني أن عدد المصابين أكبر بكثير من المعلن.

لكن الخبراء يخشون أنه في حين أن الفيروس القاتل أدى إلى تكثيف الضغط الهائل على نظام الرعاية الصحية المتداعي في اليمن، فإن الجوع قد يظل أكبر تهديد للمدنيين.

في الواقع، تقول منظمة أوكسفام أن عدد الأشخاص في اليمن الذين قد يموتون هذا العام بسبب الجوع المرتبط بفيروس كورونا (كوفيد-19) أكثر من المرض نفسه.

مركز علاج في تعز- يمن مونيتور

ارتفاع الأسعار

وتنتقل الصحيفة البريطانية إلى الحديث عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد وعلاقته بالجوع.

وقالت الصحيفة: لا شكّ في أنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية أحد الأسباب الرئيسية للجوع في اليمن.

وأبلغت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) الصحيفة البريطانية أن تكلفة المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق زادت بنسبة 40 في المائة منذ العام الماضي وحده، بينما تضاعفت تكلفة الغذاء بشكل عام، ثلاث مرات منذ بداية الحرب.

ويعود ذلك جزئياً إلى الانخفاض الحاد في المواد الغذائية والمساعدات القادمة إلى اليمن، وهي دولة تعتمد على الواردات لـ 90 في المائة من إمداداتها.

ولكن هناك عوامل أخرى تراكم الضغط على العائلات. حيث تشير العديد من التقارير التي جرت مشاركتها مع الصحيفة، إلى تدمير القطاع الزراعي في اليمن، الذي يوظّف نصف القوى العاملة في البلاد، وهو مسؤول عن 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن بسبب الحرب انخفضت حصة الزراعة من الناتج المحلي، ما يهدد ملايين الأسر.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة، سيكون إنتاج الحبوب هذا العام عند 365 ألف طن متري فقط، أي أقل من نصف مستويات ما قبل الحرب.

توضح الصورة حجم موت النخيل في محافظة الحديدة خلال الحرب-أشجار النخيل الميتة في الحديدة-Bellingcat- google earth

“تضرر الزراعة”

المحاصيل الأكثر تضررا هي أشجار النخيل في البلاد. ووفقًا لتقارير عامة وصحفيين محليين يحققون في القضية، فقد توفي أكثر من 4 ملايين نخلة في البلاد منذ بداية الحرب.

في الحديدة وحدها، يقدّر المركز الزراعي موت أكثر من مليون نخلة، إضافة إلى فقدان العديد من الأشجار المثمرة على مدى السنوات الخمس الماضية، بحسب رصد قامت به منظمة (Bellingcat) ومنظمة السلام الهولندية من طريق استخدام صور الأقمار الصناعية.

يقول ويم زفينجنبرغ، من المنظمة الهولندية التي شاركت في التقرير “وجدنا أنه في العديد من المواقع الزراعية، اختفت أشجار النخيل على مدى السنوات الثلاث الماضية. في مناطق معينة، يمكن رؤية أكثر من نصف المزارع قد جفت حسب صور الأقمار الصناعية”.

ويوضح أنّ الهجمات على المزارع ومصادر المياه، وكذلك الجفاف ونقص الوقود لتشغيل مضخات المياه، قد دمّرت في مناطق بأكملها”.

وأضاف “يظهر لك ذلك الأثر الثانوي للصراع على الأمن الغذائي. أشجار النخيل هي جانب واحد فقط. هناك خسارة في الغلة الزراعية في جميع أنحاء اليمن على مدى السنوات الخمس الماضية”.

يقول الصحافي اليمني محمد الحكيمي، الذي أجرى بحثاً مكثفاً في هذا الموضوع: “إنّ السكان، وخاصة المزارعين، ضاعوا وسط تبادل إطلاق النار واضطروا إلى التخلي عن مزارعهم بسبب الجفاف والمرض والدمار”.

وأضاف: “مزارع النخيل في أماكن مثل الحديدة معرضة لخطر الانقراض نتيجة الجفاف والتصحر، الذي يبتلع المناطق”.

صحيح أنه لم يُحدَّد بعد الأثر الكامل لهذا الأمر على المجتمعات المحلية بشكل صحيح، لكن تدمير المحاصيل مثل أشجار النخيل، الذي يُعَدّ مصدراً للدخل والغذاء، قد يجعل عائلات مثل عائلة نهى تحت خط الطعام بالفعل.

بالعودة إلى المستشفى، فإن أم نهى ليس لديها أمل كبير في مستقبل أكثر إشراقا.

وتقول، وهي تراقب فتاتها الصغيرة: “ليس لدينا مال، ولا توجد طريقة للحصول عليه، وقد جفت معظم المساعدات بالفعل”.

واختتمت بالقول: “آمل أن تتمكن ابنتي من البقاء على قيد الحياة”.

 

المصدر الرئيس

‘Perfect storm’: 2020 could be worst year yet for hunger in Yemen with millions on brink of famine

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى