اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

اليمنيون يقاطعون صلاة الجمعة بسبب الحوثيين (حصري)

تحقيق راقب صلاة الجمعة في 15 مسجد خلال خمسة أسابيع وفي الأسواق والمراكز التجارية وأكد بما لا يدع مجال للشك أن اليمنيين باتوا يرفضون الصلاة في المساجد بسبب سيطرة الحوثيين على الخطاب الديني، واعتمادهم التحريض. يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ حصري:
تظهر المساجد في معظم أحياء العاصمة اليمنية صنعاء بعدد محدود من المواطنين خلال خطبتي صلاة الجمعة، بعد أن استولى الحوثيون على معظم المساجد و عينوا خطباء وأئمة منتمين للجماعة المسلحة.
وراقب “يمن مونيتور” خلال الخمسة الأسابيع الأخيرة في (15 مسجد) عبر ثلاثة مراقبين يمنيين ساعدوا الشبكة في الوصول إلى النتيجة التي تقول إن معظم المصلين يلحقون ركعتي صلاة الجمعة ويتجنبون حضور الخطبتين في المساجد التي جرى تعيين خطباء حوثيين فيها.
واستقصى المراقبون الثلاثة المساجد طوال الخطبتين وأثناء الخروج من المسجد وحجم المصلين بالإضافة إلى مقارنة ذلك بعدد الذين يتحركون في الشوارع دون دخول المسجد، في الأسواق والمحلات التجارية التي لم تعد تغلق أبوابها أثناء سماع “أذان الصلاة” كما كان قبل وصول الحوثيين.
ويقول صاحب متجر لـ”يمن مونيتور” في حي الحصبة-أبرز أسواق العاصمة-: “شاهد كل هذه المحلات والمتاجر بالذات التي تبيع المواد الغذائية والخضروات لا تغلق وقت صلاة الجمعة ويلحق أصحابها ركعتي الصلاة منذ قرابة عامين”. ويعزوا السبب إلى أن خطيب المسجد المجاور يقوم بشكل متواصل بالتحريض ومهاجمة الجميع: “لم تعد المساجد كما كانت في السابق مكاناً للاعتصام والتوحد”-أضاف الرجل.
وفي أوقات سابقة العام الماضي كان المصلون يخرجون من مساجد العاصمة صنعاء عند صعود خطيب تابع لجماعة الحوثي المسلحة، في إشارة إلى رفض قرار الجماعة تعيين خطيبهم، وتكررت مراراً في بعض المساجد لكن الحوثيين لا يتوقفون في إرسال ذات الخطيب في الجمعة اللاحقة، ومع إصرار الحوثيين أضرب المصلون عن حضور الشعيرة التعبدية الأهم خلال الأسبوع بالنسبة للمسلمين.
وفي السابق كانت المساجد تمتلئ ويصلي المتأخرون في أرصفة الشوارع وعلى الطرقات، فيما كانت معظم المحلات التجارية بما فيها الغذائية والخضروات والفواكة تغلق أبوابها مع أذان الصلاة، لكن “صنعاء لم تعد كما كانت” كما أخبر “يمن مونيتور” إمام مسجد تعرض للسجن ثلاث مرات من قبل الحوثيين خلال العامين.
ويفضل إمام المسجد عدم ذكر هويته، وعن أسباب اعتقاله ثلاث مرات، أجاب: “لاشيء..فقط يقوم الناس برفض خطيب الحوثيين ويقولون إنهم يرغبون بإعادتي للمنبر مجدداً وبعد الصلاة يبحثون عني ثم يختطفوني أطول مدة كانت ثلاثة اشهر”.
 

حملات اختطاف خطباء المساجد
واختطف الحوثيون العشرات من أئمة وخطباء المساجد في العاصمة صنعاء طوال العامين الماضيين، بعضهم يستمر اختطافه لعام وآخرون ما يزالون قيد سجون سرية ورسمية تابعة وخاضعة للجماعة المسلحة. وفي التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري أفاد شهود عيان أن جماعة الحوثي اختطفت عددا من المصلين أثناء خروجهم من صلاة الجمعة بمسجد القادسية؛ وقال الناشط اليمني أحمد الأشول، عبر صفحته على «الفيسبوك»: «إن الحوثيين اختطفوا عمي سمير من وسط المسجد وأمام المصلين، دون احترام لحرمة بيت الله أو التجاوب مع مطالبته بإحضار علاجه من البيت». فيما وأوضح سكان محليون لـ”يمن مونيتور” الأسبوع الماضي أن الحوثيين داهموا عدة مساجد في أحياء النهضة والسنينة وسط العاصمة، واستبدلت خطباءها بآخرين حوثيين، كما اقتحمت مسجد أبي بكر في حي الحصبة، وفرضت خطيباً حوثياً بالقوة.
وبسبب الحملات التي تقودها الجماعة ضد خطباء وأئمة المساجد نزح العشرات منهم إلى المحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية أو إلى خارج البلاد، ونشرت الجماعة بين السكان أنهم مطلوبون كـ”دواعش” أعضاء في تنظيم الدولة!
 
تجييش البيادق
يعتقد إمام المسجد أن كثيرين سيتوقفون عن ارتياد المساجد أثناء خطبتي الجمعة بعد أن حول الحوثيون منابرها إلى مكان للخطب الحربية والتحريضية واستخدام المسجد كقلعة لتجييش البيادق نحو جبهات القتال، وهو ما لم تكن عليه أبداً من قبل ربما منذ ثورة سبتمبر 1962م، عندما كان الأئمة يستخدمونها لتجييش المقاتلين ضد الجمهورية الوليدة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أصدر الحوثيون تعميم لخطباء المساجد في صنعاء يحثوهم فيها على مهاجمة الرئيس اليمني وحكومته والتحالف العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية.
على مقربة من ثلاثة مساجد بين شارعي (هائل) و (16) يتواجد سوق للقات، الذي غالباً ما يكون فارغاً خلال صلاة الجمعة حتى ما قبل سيطرة الحوثيين على السلطة، إلا أنه اليوم يبدو ممتلئاً وبائعي النبتة “المخدرة” يبيعون دون اكتراث لخطباء المساجد الثلاثة الذين يتفاعلون ويصرخون لمهاجمة التحالف العربي والقوات الحكومية ودفع الناس للقتال.
 
صلاة الظهر
ويقول أحد بائعي القات لـ”يمن مونيتور” الناس يرتادون السوق بهذا الشكل منذ أكثر من عام، ونحن نبيع ونعود إلى منازلنا مبكراً، وحول الصلاة قال إنهم يفرشون سجاداتهم داخل المحل ويصلون صلاة الظهر مع زبائنهم، أو يلحقون المسجد القريب أثناء الركعتين.
يعتقد أحد المواطنين أن صلاة الظهر في المنزل أصبحت واجبة الآن في ظل التحريض في المساجد ومن يخشى الافتتان بما يقوله خطباء “أنصار الله”- قالها بحذر كمن يخشى اصطياد مسلحي الجماعة- والاندفاع إلى القتال كما أنه قرر أن يصلي في منزله بعد أن كان مداوماً عليها في المسجد فلا يريد أن يملئ قلبه بالأحقاد والأمراض من خطباء ومحاضرات الحوثيين.
وأشار يمني آخر لـ”يمن مونيتور” مؤيداً لما قاله صديقه مضيفاً: “لاحظ كم عدد الذين خارج المساجد أثناء صلاة الجمعة لم يكن 5 % من هذا العدد متواجداً قبل أقل من عام”؛ مبدياً خشيته من تفلت الناس الديني بسبب سيطرة الحوثيين على المساجد.
 
خشية الاعتقال
يقول ناشط حقوقي واثنين من الصحافيين لـ”يمن مونيتور” إنهم توقفوا عن حضور خطبتي الجمعة في المسجد منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014م، مشيرين إلى أن مسلحي الجماعة يقومون بتفتيش مرتادي المساجد عند الدخول، ويخشون من اعتقالهم مفضلين البقاء في الظلال بالرغم من أن انشطتهم الصحفية والحقوقية شبه متوقفة.
وحسب إحصائية حصل عليها “يمن مونيتور” فإن قرابة (284) من الناشطين الحقوقيين والسياسيين والصحافيين وخطباء المساجد موجودين في سجون الحوثيين الرسمية البالغة (41) فيما يبلغ عدد السجون غير الرسمية المستحدثة من قبل الجماعة (38) وتشمل مدارس ومعاهد ودور قضاء ومشافي وملاعب ونوادي رياضية.
توجه اليمنيين إلى مقاطعة صلاة الجمعة ليس فقط في العاصمة صنعاء بل في كل المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي وحزب الرئيس اليمني السابق؛ فالممارسات والاستحواذ على المساجد مستمر إضافة إلى فرض خطباء بالقوة إلى جانب فرض خُطب الصلاة بالقوة ومحاسبة من يخرج عن محدداتها وموجهاتها.
ستبقى المساجد اليمنية الخاضعة لسلطة الحوثيين تبث الطائفية والمناطقية بشكل مفرط من أجل بقاء الجماعة على رأس سلم هرم السلطة في اليمن، والمساجد تعتبرها مصدراً مهماً وقيماً لتجييش المقاتلين وتدجين السكان المواطنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى