أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

كيف ترى روسيا علاقة إيران بالحوثيين وما الطُرق الممكنة لتدخلها في اليمن؟ (تحليل خاص)

يمن مونيتور/ وحدة التحليلات/ خاص:

خلال السنوات الأولى من الحرب في 2014-2017 أبدت روسيا اهتماماً أقل بجماعة الحوثي في اليمن، على الرغم من احتفاظها بمقر سفارتها في صنعاء حتى مقتل “علي عبدالله صالح” الرئيس اليمني السابق الذي قتله الحوثيون نهاية 2017م.

لكن موسكو التي أبدت غضبها جداً من مقتل “علي عبدالله صالح” وأغلقت سفارتها عقب مقتله، بدأت الاهتمام بشكل أكبر باليمن في محاولة لتحسين صورتها في العالم العربي عقب الصورة السيئة التي ظهرت من خلال دعمها للنظام السوري الذي يقوده بشار الأسد؛ لكنها لم تكن تملك الأجندة ذاتها التي تملكها إيران، بل كانت أقرب إلى دول الخليج العربي في محاولة لتعزيز العلاقات معها.

فضلت موسكو عدم التصويت على القرار (2216) الذي يعترف بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته، كما قَبلت عام 2018 سفيراً عينه “هادي” في موسكو هو الأول منذ عام 2011م.

تمكنت إيران تدريجياً من الضغط على روسيا لاستقبال وفد من الحوثيين لتقديم وجهة نظرهم، ونجحت في ذلك بعد أكثر من عام على رفض موسكو طلبات الحوثيين رغم التنازلات التي كانت تقدمها الجماعة لموسكو من أجل الحصول على مقابلة.

 

العلاقة بالحوثيين

في عام 2018 بعث المجلس السياسي الأعلى (الذي يقوده القيادي الحوثي مهدي المشاط) رسالة إلى الرئيس الروسي طالباً مساعدته “في مواجهة الأمريكان والتوجه الغربي في البلاد”. ينطلق الحوثيون في رسالتهم من فرضية أن موسكو إلى جانب طهران تواجهان المد الغربي في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبرون ذلك نقطة جيدة لعودة الروس إلى اليمن.

حسب مصدر دبلوماسي بارز تحدث لـ”يمن مونيتور”: فإن الحوثيين وعدوا روسيا بالسماح لها ببناء قاعدة بحرية عسكرية في البحر الأحمر، كان علي عبدالله صالح وعدهم بها قبل مقتله.

في أغسطس/آب2016م تحدث صالح إلى قناة “روسيا 24” التابعة للحكومة الروسية “في معركتنا ضد الإرهاب سنقدم كافة التسهيلات ونحن على استعداد لتقديم مطاراتنا وموانئنا للاتحاد الروسي”.

لم يكن مثيراً للروس في تلك الفترة تقديم وعود بقاعدة عسكرية بسبب حالة الغرق الدائمة في سوريا، لكن لاحقاً مع استتباب الأمر للنظام السوري وبدء دعوات عربية لعودته إلى جامعة الدول العربية يبدو أن موسكو تبحث ذلك في محورين: الأول علاقتها بالإمارات حيث تلقت وعوداً من أبوظبي بقاعدة عسكرية في سقطرى وهو حُلم روسي قديم. والثاني عبر الحوثيين.

رؤية روسيا لعلاقة الحوثيين بإيران

قد يفسر ذلك العودة الروسية الأخيرة في مجلس الأمن ومطالبتها بقرار جديد يراجع القرار (2216) باعتبار أن وقائع الأرض أصبحت متغيّرة عمّا كان عليه الوضع بداية 2015م، وهو أمرٌ في الحقيقة لم يعد وجهة نظر روسية وحدها بل حتى أوروبية وامريكية وحتى من قِبل بعثة الأمم المتحدة في اليمن.

من هذا المنطلق ترى روسيا علاقة إيران بالحوثيين، أن الحوثيين ليسوا تابعين تماماً لإيران.

وأشار الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيميونوف، في تصريح لصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا“، إلى وجوب عدم المبالغة في تقدير المساعدة الإيرانية للحوثيين، فقال: “طهران لم تشارك في نشوء منظمة الحوثيين، فهذه المنظمة ذات جذور يمنية بحتة.. وهي، طبعا، تبنت تقنيات إعلامية تميز إيران وحزب الله، لكن القاعدة الإيديولوجية للحوثيين خاصة بهم”.

والحوثيون، بحسب سيمونوف، أكثر أهمية للإيرانيين من أهمية طهران للحوثيين. بينما الجمهورية الإسلامية تلعب ببساطة على تحالفها مع الحوثيين وتحاول تقديم انتصاراتهم العسكرية على أنها انتصاراتها.

وتابع: “طهران، تحاول بأي وسيلة، إظهار “أثرها” في نجاحات الحوثيين. لكن هؤلاء، على ما يبدو، كان بإمكانهم تحقيق هذه الانتصارات دون مشاركة إيرانية”.

على العكس من ذلك يؤكد التحالف العربي والحكومة اليمنية أن الحوثيين لم يكونوا ليستمروا بهذه القوة لولا الدعم الكبير الذي تقدمه إيران بالأسلحة والتدريب العسكري بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وهو ما يشير إليه تقرير الأمم المتحدة الأخير الذي يشير إلى أن ميناء “جاسك” الإيراني قاعدة رئيسية لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين.

 

الوجود عبر الإمارات

ويشير معهد “جلف ستيت نيوزليتر” الذي ينشر تحليلات ومعلومات مخابراتية عن الخليج العربي، إلى أن هناك معلومات حول اهتمام موسكو بتأسيس موقع عسكري في اليمن، بالرغم من أن روسيا واحدة من الجهات الدولية القليلة التي انخرطت مع جميع أطراف النزاع وتجنبت الارتباط بأي جماعة أو كيان معين.

ولفت إلى موسكو استقبلت عام2021 وفداً من المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي ووفد آخر برئاسة أحمد بن مبارك وزير الخارجية اليمني.

وبحسب المعلومات، فإن علاقة موسكو والإمارات المتزايدة شجعت على توثيق العلاقات مع المجلس الانتقالي الجنوبي و (طارق صالح) ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ومن المرجح أن تدفع روسيا بقوة نحو تأسيس وجود لها في جنوب اليمن في حال كان هناك احتمال بالانفصال.

كما يشير مركز أبعاد للدراسات والبحوث (يمني مستقل) في دراسة مطلع 2020 إلى أن أبوظبي تعتقد أن بإمكان روسيا دعمها لتثبيت وجودها في اليمن، ومساعدة حلفائها المحليين بالحصول على اعتراف “شبه رسمي” دولي. والضغط لتمثيل القوى التابعة لها في أي مشاورات قادمة ترعاها الأمم المتحدة مثل “المجلس الانتقالي الجنوبي” و”عائلة صالح”.

ولفت المركز إلى أن روسيا ظلت تدعم طرف “علي عبدالله صالح” الحليف للإمارات في اليمن حيث يقيم ابنه “أحمد علي عبدالله صالح” في أبوظبي منذ 2014، حيث فرض قرار مجلس الأمن عقوباتٍ عليه. حيث تفضل الإمارات “عائلة صالح” لاستعادة السلطة في اليمن -شمال اليمن على وجه التحديد- بدلاً من القوى التي أفرزها الربيع العربي بعد 2011م.

ويبدو أن مشوار تضمين المجلس الانتقالي وعائلة صالح في المفاوضات، بدأ يتحقق بالفعل حسب ما يشير الدبلوماسي الذي تحدث لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته: يقود المبعوث الأممي الجديد هانز غروندبرغ جهوداً لتقديم مبادرة جديدة تضم بقية الأطراف مثل المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية (يقودها طارق صالح) في أي مفاوضات قادمة.

ويبدو أن ذلك وراء دعوة موسكو للتراجع عن القرار (2216).

لكن في كل الحالات يتبيّن أن موسكو تتحرك من أجل مصالحها، ولا ترى الحوثيين كأداة إيرانية كما يراها التحالف العربي، أو كما تراه إيران.

 

المبادرة الروسية للأمن الجماعي

كما يمكن لروسيا أن تتحرك في اليمن من وجهة نظر مبادرتها للأمن الجماعي، حيث قال نائب روسي إن بلاده مستعدة للمساعدة في حل “إشكالية اليمن” في إطار المفهوم الروسي للأمن الجماعي في الخليج.

وقال ليونيد سلوتسكي، رئيس اللجنة الدولية لمجلس الدوما الروسي (مجلس النواب): “نحن ندعم جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحد ، ولا سيما المبعوث الخاص لليمن هانز جروندبرج ، الذي زار موسكو مؤخرًا”.

وأضاف حسب ما نقلت وكالة (تاس) الروسية يوم الجمعة: نؤيد مبادرة السعودية بشأن حل الأزمة الهادفة إلى استقرار الوضع في المنطقة وضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب الذي له أهمية كبيرة للتجارة العالمية.

وأكد سلوتسكي أنه “بموجب المفهوم الروسي للأمن الجماعي في الخليج، فإن روسيا مستعدة للمساعدة في حل هذه المشكلة”. وأضاف “ولهذه الغايات نشدد على أهمية الحوار بين السعودية وإيران بما يساعد على إزالة التناقضات التي طال أمدها وتحسين الأوضاع في المنطقة بشكل عام”.

وتمكن رؤية الأمن الجماعي في الخليج: “روسيا من التواجد بشكل دائم في المنطقة، وأيضاً التأثير على خطوط الملاحة الدولية المهمة”-حسب ما تشير دراسة مركز أبعاد (اليمني).

وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.

ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.

وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من377ألف يمني خلال السنوات السبع. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى