مجتمع

مخيمات صنعاء… مواطنون يخشون على أطفالهم من مناهج الحوثيين

يمن مونيتور/العربي الجديد

كثيراً ما يلجأ الأهل إلى تسجيل أبنائهم في مخيّمات ومراكز صيفيّة لتمضية الوقت صيفاً بعد انتهاء العام الدراسي. لكن هذا العام، تشكو بعض العائلات من سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على هذه المخيمات، واستغلالها بما يتلاءم وأهدافها. وسعى الحوثيون إلى تدشين المراكز الصيفية في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية الخاضعة لنفوذها. وكثّفت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين مطلع يونيو/ حزيران الجاري، من دعواتها لأولياء الأمور وقيادات في المجتمع لإلحاق التلاميذ في المخيمات الصيفية. ومن بين الأهداف التي وضعها الحوثيون “صقل مهارات الطلاب وإعداد جيل متسلح بالثقافة القرآنية والهوية الإيمانية التي حاول الأعداء طمسها في إطار مساعيهم لتمزيق المجتمع اليمني وتحصينهم من الثقافات المغلوطة”. في المقابل، أطلق ناشطون حملة إلكترونية مضادة تدعو أولياء الأمور إلى عدم تسجيل أبنائهم في مراكز وصفوها بـ “معسكرات تهدف لإعداد جيل مؤدلج طائفياً وتحويل الأطفال إلى مشاريع موت”. وفي وقت سابق، أعلن وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثيين، محمد المؤيدي، أن وزارته أعدّت خطة لاستهداف  600 ألف تلميذ وتلميذة في الدورات الصيفية، وتم توزيعهم على 6 آلاف مدرسة في مختلف المحافظات. كما تم اعتماد أكثر من 24 ألف معلم ومعلمة موزعين على مختلف المدارس.

بالإضافة إلى المدارس، استغلت المساجد لتكون مواقع إضافية للدورات الصيفية، وخصوصاً في العاصمة صنعاء، التي تضم أكثر من 25 ألف تلميذ وتلميذة. ويضمّ جامع ميدان السبعين في صنعاء أكثر من 700 تلميذ، يقسمون في مجموعات لدراسة القرآن الكريم والعلوم الشرعية ومهارات الخطابة، فضلاً عن مئات التلاميذ في الجامع الكبير في صنعاء القديمة وجامع بدر.

وسعى الحوثيّون إلى جذب الأهالي من خلال الحديث عن أنشطة وبرامج تعليميّة تهدف إلى تعميق الولاء والانتماء وتعزيز الهوية الإيمانية، لا سيما في ما يتعلق بحفظ القرآن الكريم وعلومه والأنشطة العلمية والثقافية والرياضية والفنية. ويركّز الحوثيّون بدرجة أساسية على تعزيز “الهوية الإيمانية”. إلّا أنّ البعض يخشى تكريس أفكار وممارسات من قبيل الفصل بين الجنسين في المدارس والجامعات، وتجريم الحفلات وعمل المرأة، ومهاجمة الديمقراطية والتعددية الحزبية.

مساعدات اليمن… بيئة معقدة وقيود تفاقم الأزمة

يقول بعض الأهالي إنّ الدورات التي نظّمها الحوثيون والتي شارك فيها أطفالهم خلال العام الجاري كانت تركز على التعبئة القتالية لمن هم فوق سن العشر سنوات، وخصوصاً أنّ العنوان الرئيسي للمخيمات يحمل اسم “علم وجهاد”.

ويقول محمد قاسم، وهو من سكان مديرية معين في صنعاء، لـ “العربي الجديد”: “لا وجود لأية أنشطة ثقافية وفنية كما يزعمون. هناك منهاج موحد يقومون بتلقينه للأطفال، ولا هدف لهم سوى غسل أدمغة التلاميذ بالأفكار الهدامة والمتطرفة التي تُحرّض على القتل وتعميق الشرخ الاجتماعي وتصوير كافة المناهضين لمشروع الجماعة بأنهم عملاء لأميركا وإسرائيل”.

في المقابل، يقول مسؤولون حوثيون إنّ المخيّمات الصيفية هدفها “تعزيز دور الناشئين والشباب وحمايتهم من الأفكار الهدامة التي تخدم العدوان الأميركي السعودي”. ويوضحون أنهم يعملون على “إيجاد جيل متسلح بالثقافة القرآنية والهوية الإيمانية التي حاول الأعداء طمسها في إطار مساعيهم لتمزيق المجتمع اليمني”.

وتوضح اللجنة الفرعية المشرفة على المخيّمات، في بيان، أنّ المراكز الصيفية هذا العام تتميز بتنوع أنشطتها وبرامجها الدينية والتربوية ودروس التقوية في اللغتين العربية والإنكليزية، بالإضافة إلى تعزيز الهوية والانتماء. كما تحفل بأنشطة رياضية تشمل كرة القدم والكرة الطائرة وألعابا بدنية ومباريات وتنمية المواهب في الشعر والمسرح والرسم والألعاب الرياضية وغيرها من خلال المسابقات والحلقات الثقافية والدينية والفعاليات التوعوية والزيارات الميدانية.

وبحسب تربويين وناشطين، تنحصر كافة الأنشطة في المخيمات، سواء أكانت ثقافية أو دينية أو فنية في “غرس ثقافة الموت بالإضافة تكريس أفكار طائفية”.

إلى ذلك، تقول معلّمة في صنعاء رفضت الكشف عن اسمها لـ “العربي الجديد”، إن برنامج المخيمات الصيفية يعتمد بدرجة أساسية على المناهج القرآنية، وتشمل كتيبات خاصة بالحوثيين ألفها مؤسس الجماعة حسين الحوثي وتُعرف بالملازم. وتنفي أن يكون التدريس في المخيمات الصيفية إجبارياً لكافة تلاميذ صنعاء، لافتة إلى أن غالبية المنخرطين في هذه المخيمات هم أطفال جماعة الحوثيين أو من يواليهم فقط. تضيف: “قدموا عروضاً للمعلمين من أجل التدريس في المخيمات. ومع رفض الغالبية، لجأوا إلى المتطوعين والمتطوعات، منهم تلميذات في المرحلة الثانوية اللواتي أوكل إليهن تدريس الفئات العمرية الأصغر”.

وفي ظل اقتصار المخيمات على معلمين ومعلمات موالين للحوثيين، تزداد مخاوف أولياء الأمور من طبيعة الدروس المقدمة للتلاميذ. وحذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أهالي صنعاء من الزج بأطفالهم في معسكرات الحوثيين تحت مسمى “المراكز الصيفية”، كما جاء على لسان وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني. ويصف ما تقوم به الجماعة بأنه “مخطط خطير يهدف إلى غسل عقول مئات الآلاف من الأطفال وإعداد جيل من الإرهابيين والمتطرفين المؤدلجين بالشعارات العدائية وثقافة الموت والكراهية للآخر‏، وتحويلهم الى أدوات للقتل ونشر العنف والفوضى والإرهاب في اليمن والمنطقة والعالم”. وخلال يونيو/ حزيران الجاري، حذّر الوزير أولياء الأمور من مخاطر تهدد السلم الأهلي في اليمن وقيم العيش المشترك بين اليمنيين. يشار إلى أن تقارير حقوقية كانت قد اتهمت جماعة أنصار الله الحوثيين بتجنيد أكثر من 9 آلاف طفل منذ عام 2014، فيما أحصت منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان اليمنية  تجنيد الحوثيين 1900 طفل خلال الفترة الممتدة من 2018 وحتى 2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى