كتابات خاصة

مصلحة مشتركة للحكومة والحوثي

د.حسن منصور

التفاهمات الأمريكية الإيرانية بدأت قبل سنوات طويلة، وبلغت ذروتها بتسليم العراق للهيمنة الإيرانية، وإطلاق يد طهران في سوريا ولبنان على نحو غير مسبوق، وانتهاء بانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً في اليمن. التفاهمات الأمريكية الإيرانية بدأت قبل سنوات طويلة، وبلغت ذروتها بتسليم العراق للهيمنة الإيرانية، وإطلاق يد طهران في سوريا ولبنان على نحو غير مسبوق، وانتهاء بانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً في اليمن.
قد يكون من حسن الحظ أن اليمن ليست ذات أولوية أمريكية مقارنة بالملفات الأخرى، وأن الأزمة اليمنية ذات أهمية أكبر لدى المحيط الخليجي وتحديدا المملكة العربية السعودية.

بطبيعة الحال لا يعني ذلك أن واشنطن تركت الملف اليمني بشكل كامل للرياض أو للتحالف العربي، ولا يعني أيضا أن التنسيق الإيراني الأمريكي يحمل رؤية متطابقة لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل اليمن.

تعقيدات التأثير القوي للأطراف الدولية على مجريات الأحداث في اليمن، يحمل دلالات كثيرة قد يكون بعضها مداعاة للتفاؤل بعدم تكرار السيناريوهات العراقية والسورية والليبية في اليمن، وبعضها دلالات ملتبسة قد تتغير في أي لحظة وفقا لتطورات الملفات الأخرى وانعكاساتها على الملف اليمني، في كل الأحوال فإن الدلالة الأكثر وضوحا لكل ذلك هو فشل النخبة السياسية اليمنية في توظيف التأثير الخارجي لصالح منع الانهيار الكبير الذي حدث في البلد.

تدرك السعودية ومعها التحالف العربي أن عدم نزع السلاح الثقيل من الحركة الحوثية يعني – ببساطة – فشل عاصفة الحزم وإعادة الأمل، ويعني أيضا الاستعداد لدورة جديدة من الصراع لم تعد المنطقة تحتملها.

كان قرار انطلاق (الحزم والأمل) قرارا غير مسبوق من دولة معروفة بالسياسة الهادئة وعدم اتخاذ قرارات مفاجئة، وكان استصدار قرار 2216 من مجلس الأمن انجازا عربيا مهما يصعب تكراره في ظل المواقف المتحركة للأطراف الدولية بسبب التطورات المتلاحقة في المنطقة.

منطقة الشرق الأوسط تمر بمخاض عسير لإعادة رسم الخارطة تحاول كل الأطراف الدولية ضمان مصالحها في أي ترتيبات مستقبلية، وتبدو السعودية وتركيا أكثر الدول المستهدفة وربما المعيقة لإعادة رسم الخارطة الجديدة للمنطقة.

تقدم إيران نفسها بإصرار كداعية فتنة طائفية، وجد فيها الغرب بغيته كمطرقة ضخمة تساعده في إحداث الفوضى الخلاقة التي يخطط لها منذ فترة طويلة في المنطقة.

ستتحقق أهداف إيران في تكريس هيمنة الأقليات، وستتحقق أهداف الغرب في إعادة رسم الخارطة الشرق الأوسطية إذا لم تبادر القوى الفاعلة في المنطقة وخاصة (السعودية وتركيا ومصر)  إلى تقديم نفسها بقوة باعتبارها المستفيد الأكبر أو الخاسر الأكبر مما سيحدث في المنطقة.

مصلحتنا في اليمن تكمن في الاقتراب من أشقائنا في السعودية والخليج العربي، وبناء شراكة استراتيجية تؤكد على المصير المشترك الذي تمليه حقائق التاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد، وليس الأمر مقتصرا على الحكومة الشرعية، وإنما المصلحة تشمل أيضا حتى الحركة الحوثية التي أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بقراءة تلك الحقائق، بعد أن أصبح واضحا للعيان أن انقلاب 21 سبتمبر لم يجلب لليمن سوى الدمار والخراب ، وأن الأقلية لا يمكن أن تستمر في الهيمنة المطلقة على دولة بحجم اليمن حتى لو امتلكت كل أسباب القوة العسكرية.

مطلوب من الحركة الحوثية تقديم مراجعات حقيقية تبدأ بالقبول باحتكار الدولة للسلاح، والتخلي عن نهج المؤامرة والانقلاب والتحالفات المشبوهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى