كتابات خاصة

مظلومية (الإصلاح) والهم الوطني

د.حسن منصور

هل ينبغي معاتبة الخطاب الإصلاحي الذي فشل في تعريف العالم بمظلوميته، أم تشجيعه على الالتحام بالهم الوطني الأكبر، الذي يأتي على رأس أولوياته إنقاذ اليمن من خطر المشروع الإمامي؟! ما حدث في اليمن خلال السنوات الخمس الماضية هو نتيجة طبيعية لمقدمات كثيرة اشترك الجميع في صناعتها بنسب متفاوتة، وتتحمل النخبة السياسية اليمنية مسؤولية الجزء الأكبر من الفشل والانهيار الكبير، لكننا لا نستطيع توزيع المسؤولية (بالتساوي) بين الشخصيات والأحزاب والمؤسسات المختلفة.
الخراب الكبير الذي حدث في اليمن مؤخراً يتحمل وزره الأكبر الرئيس المخلوع صالح وحليفه الحوثي، لذلك سنجد أكثر المتحمسين للتوزيع المتساوي للمسؤولية هم أنصار صالح والحوثي، لأن هذا الشكل من التوزيع يوفر لهم إمكانية الاختباء والهروب من تبعات الجرائم التي ارتكبوها منذ انقلاب 21 سبتمبر 2014م تحديدا، وسيوزع المسؤولية بين الجميع وتنتهي المسألة كما اعتاد اليمنيون إلى فتح صفحة جيدة نبدأ فيها من الصفر، ونمنح القتلة واللصوص فرصة جديدة لممارسة دورة جديدة في الحلقة ذاتها، التي لا بداية لها ولا نهاية.
ولذلك فإن الخلاص الوطني من هذه الدائرة المغلقة تقتضي التوافق على صفحة جديدة في مسار مختلف بضمانات صارمة تكفل التأسيس لدولة جديدة ترتكز على العدل والمساواة والاحتكام للقانون، ولا يمكن الوصول لهذه الغاية الوطنية إلا بإغلاق الباب في وجوه المشروع الإمامي وتحقيق الانتقال السياسي الحقيقي إلى مرحلة ما بعد نظام علي عبدالله صالح.
وكما أن التوزيع غير متساوٍ في (المسؤولية) فهو أيضاً غير متساوٍ في (المظلومية)، ومع ذلك لا يمكن الوصول إلى الغاية الوطنية السالفة الذكر إذا انشغلت القوى الوطنية المساندة للشرعية بتوزيع نسب (المظلومية) بين مكوناتها، وافتعال معارك جانبية لا تخدم إلا القوى الانقلابية.
فالتجمع اليمني الإصلاح تحمل القسط الأكبر من الخسائر بين صفوفه وقياداته وأفراده، لأنه المكون الأكبر بين قوى المقاومة الشعبية المساندة للشرعية، ولو كان أي فصيل سياسي بحجم الإصلاح لتعرض لقدر مماثل من الخسائر، وربما أكثر.
والسؤال: هل مطلوب من الإصلاح أن يتفرغ لتعريف العالم بمظلوميته أم يستمر في الذوبان في إطار الشرعية ليتحمل الخسائر دون مقابل؟!
إذا كان المقابل هو خلاص اليمن من المشروع الإمامي المتحالف مع بقايا نظام علي عبدالله صالح فهو ثمن يستحق الخسارة، بما فيها خسارة لافتة سياسية اسمها (التجمع اليمني للإصلاح).
وعندما يعبر عبدالملك المخلافي ونجيب غلاب وسام الغباري وعبدالمجيد قباطي وعزالدين الأصبحي عن ذات الأجندة السياسية والإعلامية التي يتبناها تجمع الإصلاح، فهو نجاح إصلاحي، حتى لو اعتبره البعض مجرد (صدفة)!
هل ينبغي معاتبة الخطاب الإصلاحي الذي فشل في تعريف العالم بمظلوميته، أم تشجيعه على الالتحام بالهم الوطني الأكبر، الذي يأتي على رأس أولوياته إنقاذ اليمن من خطر المشروع الإمامي؟!    
الإجابة في تقديري: أن (الأخ الأكبر) عندما يتحمل الجزء الأكبر من الضرر في سبيل الوطن، فإنه يستحق منا الإشادة والتقدير وليس التقريع والإدانة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى