الأخبار الرئيسيةغير مصنفكتابات خاصة

قصص من إب (3)

فكرية شحرة

 شوارع مدينة إب وقت الذروة في الزحام كفيلة بملأ روحك كآبة وهمّ فوق همومك .
 شوارع مدينة إب وقت الذروة في الزحام كفيلة بملأ روحك كآبة وهمّ فوق همومك .
إنك ترى شقاء هذا الشعب جلياً وقت ذروته أيضاً .
فأبناء هذا الوطن ترتسم معاناتهم على ملامح وجوههم حسرة عجيبة ونظرة زائغة تنكسر كلما صادفها ما يذكرها بهذا الحال .
عمال البناء على الأرصفة كأنهم حطام سفينة غارقة تتشبث بمعدات عمل تآكلها الصدأ لقلة الأشغال, العودة للبيت بلا أجرة عمل منتظرة منذ أيام وشهور كابوس يلاحقهم كل يوم فتظل نظراتهم البائسة تلاحق الذاهبين والآيبين في أمل بلا أمل .
البطالة عبثت بالعقول وأطلقت المخاوف عبر النظرات و زرعت التكالب على كل شيء, إنه رعب الجوع وعجز الفاقة و خشية الحاجة الذي يذل الكرام لدى اللئام .
الأرصفة ذاتها تمتلئ بأجساد المتسولين التي صارت تزاحم السيارات وتجري خلفها في استجداء موجع غير عابئة بمشروع حادث .
التسول كان متفشيا في فئة معينة هم المهمشين أو من يعانون إعاقة تعجزهم عن كل شيء .. لكنه الآن صار عملا رسميا لشريحة هائلة من أبناء هذا الوطن .
الباعة المتجولين مجرد صورة لائقة لمتسول يتعفف لكنه يتوسلك بنظراته أن تشتري من بضاعته الرديئة التي قد تكون علب المناديل الورقية أو لعبة طفل أو حتى صورة للزعيم وأبنه المدلل قد كتب عليها بتاريخ أسود “حماة الوطن ” وأي وطن !!!!
أحيانا أقول في نفسي شعب يؤمن أن علي صالح قد بنى وطناً حتى يقوم بحمايته هو شعب جدير أن يسور عليه ويعامل كمحمية حيوانية للقوارض مثلا ..
الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يحصل على الرحمة والتعاطف هو الجهل الذي يضرب أطنابه في عقول البسطاء من الناس, قد يحصل أن تصادف شخصا يتعثر في فقره وحاجته فيرق قلبك له ويقطر دمعك لحاله فإذا بدأ بالتحليل السياسي و الدعاء لمفسد البلاد وقف شعر رأسك غيظا وحنقاً وأدركت أن هذا الحال بما كسبت عقولنا من المعارف و الشعوذات.
كمية الشقاء أصبحت مضاعفة بوجود المليشيا العنصرية التي تعامل مدينة إب كمزرعة للمجاهدين والكعك وقدور المرق .
حال الناس وأشغالهم المتوقفة انعكست في رثاثة مظاهرهم وتفكيرهم وهزالهم الروحي والجسدي حتى برزت علامات الشيخوخة على وجوه الشباب في مقتبل أعمارهم .
الأطفال بنظراتهم المنكسرة وهم يجوبون الشوارع في طلب قوت أسرهم بدلا من طلب العلم لهي أشد على القلب من طعنات الرماح .
كل هذه المعاناة  و تجد الرضا قابع خلف ملامح الشقاء  فكل شيء يمكن أن تبتلعه هذه المدينة إلا حربا مدمرة, حتى أنها ابتلعت في جوفها الكتل السرطانية من المليشيا بصبر جميل كما ابتلعت سابقا فساداً إداريِ ومالي لا يوصف لقيادات المحافظة حولها من مدينة سياحية جميلة إلى مقاطعة خصبة لمن يدفع أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى