أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

الجوع يستعد لالتهام المزيد من اليمنيين.. جديد جنون أسعار الأغذية يضرب المدن والقرى شمالي البلاد (تقرير حصري)

يمن مونيتور /وحدة التقارير/ خاص:

عادة ما إن يقترب شهر رمضان، تتزيّن الأسواق في صنعاء وباقي المحافظات لاستقبال الزبائن والشهر الفضيل، إلا أن موجة غلاء مفزعة تضرب المنتجات في البلاد التي تدخل عامها الثامن في الحرب وأفقر بلدان العالم العربي، ومعظم سكانه يحتاجون إلى المساعدات الغذائية. ما يعني تغيراً في رمضان هذا العام بالنسبة للمدن والقرى اليمنية.

وصعدت الأسعار في مناطق الحوثيين إلى أعلى مستوى لها على مستوى شهري، حسب رصد “يمن مونيتور”، في مارس/آذار حيث ارتفعت بنسبة 32% بالمائة في صنعاء وفي القرى بنسبة 53% مقارنة بالشهر الماضي.

ولم تتغير قيمة العُملة اليمنية وبقت قيمة الدولار عند (600 ريال يمني)، على الرغم من أن انهيار الريال اليمني هو الأساس في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد. لكن عوامل أخرى مثل الحرب الروسية-الأوكرانية وانخفاض مخزون الحبوب سبباً وراء ارتفاع أسعار القمح.

وقال عدد من التجار التجزئة والجملة في صنعاء لـ”يمن مونيتور”: إن شهر مارس/آذار الحالي شهد قفزات في أسعار المواد الأساسية بشكل سريع واختفاء عدد من السلع في الأسواق جراء الاقبال الكبير من قبل المواطنين قبيل شهر رمضان واحتكار بعض السلع من قبل ضعاف النفوس من جانب آخر.

في أحد المخازن التجارية في صنعاء- ارشيفية يمن مونيتور

صنعاء ارتفاع غير منطقي في الأسعار

وقال حمود علي الصنعاني (50 عاماً) لـ”يمن مونيتور” إنه لا يستطيع إطعام عائلته هذا الشهر: ارتفع كل شيء، كل يوم ترتفع السلع أكثر.

وأضاف الصنعاني وهو أب لسبعة أطفال أنه سينتظر “اتسلم راتب حارس أمن في شركة أمنية بصنعاء براتب 55 ألف ريال (أقل من 100 دولار) اشتري احتياجات المنزل باليومية وبالكيلو بما في ذلك القمح والدقيق”.

أما عمر محمد (42 عاماً) وهو وكيل مدرسة حكومية وتوقف قبل عام عن الذهاب إليها ويعمل في مدرسة خاصة أن راتبه لا يكفي لإطعام ابناءه الخمسة لمدة أسبوع واحد.

ويضيف “لا اعتقد أننا سننجو في رمضان، صوم وجوع وبدون إفطار إنه مجاعة كاملة”.

ووفقاً لرصد “يمن مونيتور” لأسعار المواد الغذائية في أسواق صنعاء، فقد ارتفع سعر جالون الزيت فئة 20 لترا إلى 30 ألف ريال، بعد أن كان يباع في شهر فبراير الماضي 22 ألف بزيادة ثمانية ألف ريال عن السعر الذي كان يباع في الشهر الماضي.

وارتفع دقيق السنابل أبيض 50 كيلو  إلى 20500 الف والذي كان يباع في شهر فبراير الماضي بمبلغ من 15000ألف ريال، فيما أرتفع سعر الأرز 10 كيلو من 8 الف إلى 9 الف. أما سعر الدقيق (50 كيلو) فقد وصل سعره إلى 18000 الف ريال بعد ان كان يباع 13000 الف ريال، أما كرتون الزبادي فقد اختفى تدريجياً من أكثر الأسواق المحلية.

وقال تاجر قمح في صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن هناك طلب متزايد على السلع الأساسية، وحالة هلع من نهاية مخزون القمح والمواد الأخرى مما رفع الأسعار بسرعة.

وقال تجار وسكان في صنعاء إن بقية المواد الغذائية والسلع ارتفعت قيمته بين 25-40% بما في ذلك البيض، والزبادي، والحقين، والأجبان..الخ.

انهاك رغيف الخبز

بزيارة المخابز في صنعاء يتبين حجم الكارثة في البلاد، حيث يبيع مخبز في حي هائل (وهو سوق تجاري) ثلاثة أرغفة أصغر من كف اليد بقيمة (100 ريال). فيما مخبز مجاور يبيع مخزن مجاور رغيف واحد -أكبر حجماً- بقيمة 100 ريال.

يتفق العُمال في المخبز إن ارتفاع قيمة الدقيق سبب ارتفاع الأسعار، كما أن زيادة اعتماد السكان على الحطب مع انعدام غاز الطهي رفع قيمته لمستوى قياسي.

وقال محمد الشرعبي الذي يعمل في المخبز لـ” يمن مونيتور”: كثير من الناس قلصوا عدد الأرغفة التي يحتاجونها، ما زالوا يشترون بنفس المبلغ اليومي رغم إن عدد الأرغفة انخفض الثلث.

وأضاف: اعتقد أنهم يأكلون فقط نصف ما يحتاجونه، احياناً نقدم المساعدة لكننا عُمال فقط ولا نستطيع تقديم المزيد.

 

في القرى مجاعة محققة

الوضع أكثر سوءاً في القرى بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث بلغت نسبة ارتفاع الأسعار 53 بالمائة، وهو ما يثير مخاوف من مجاعة محققة.

وقال عدد من التجار في قرى بمحافظة إب، وذمار، وعمران إن الأسعار ارتفعت كثيراً مقارنة بفبراير/ شباط الماضي، حيث ارتفعت الأسعار بسبب ارتفاع الأسعار في صنعاء بشكل كبير وتكاليف النقل حيث تنعدم المشتقات النفطية. وبدلاً من 11 ألفاً لصفيحة البنزين 20 لتراً أصبحت قيمتها في السوق السوداء بين (26-30 ألفاً)

وقام “يمن مونيتور” بحساب متوسط الأسعار في القرى حيث بلغت نسبة الارتفاع للزيت 20 لتراً (36%) مقارنة بالشهر الماضي عند 30 ألف يمني. فيما الدقيق (50كجم) ارتفع من 13000 ريال إلى (23000ألف ريال) بنسبة (78%) والقمح 50كجم من 15700ريال إلى 25000 ريال بنسبة (59%). والأرز 10 كجم من 8000 ريال إلى 12000 بنسبة (50%).

وارتفعت النسبة في المواد الأخرى بين (40-50%) في القرى بما في ذلك البقوليات والبيض والزبادي ومعلبات: التونة والبقوليات ومعظم المواد الأخرى.

مخبز في العاصمة صنعاء- يمن مونيتور

استخدام الحوثيين في التجنيد

وأصيب محمد أحمد من “مديرية عتمة” في ذمار بالذهول من ارتفاع الأسعار بهذه السرعة، وقال لـ”يمن مونيتور”: هذه جريمة أفضل الموت في جبهات القتال على أن أرى أطفالي يموتون جوعى.

يرفض كثير من سكان القُرى القِتال في صفوف الحوثيين، لكنهم يدفعون أنفسهم لصفوف الجماعة بسبب الحوافز التي يقدمونها: راتب دائم، وسلة غذائية من مواد الإغاثة المقدمة من المنظمات الدولية التي يستولي عليها الحوثيون.

تبلغ قيمة السلة الغذائية في القُرى التي يقدمها الحوثيون للمقاتل أكثر من (82 ألف ريال يمني) في وقت يبلغ متوسط الرواتب 50 ألف ريال يمني.

ويضيف محمد أحمد (39 عاماً) والذي يعمل ممرضاً في مستوصف محلي إنه لا يتلقى راتباً منذ سنوات، لكنه كان يحصل على معونة من شقيقه المغترب في السعودية، حالياً “أصيب شقيقي بمرض بالمملكة مع ارتفاع الأسعار ولا يستطيع العمل منذ ثلاثة أشهر، أنا أُعيل عائلتي من زوجة وثلاثة أطفال ووالدي المسنين وثلاث شقيقات”.

يشير سامي صالح من محافظة حجة إلى أنه يعمل في زراعة القات مع أشقاءه الخمسة وكل منهم يملك عائلة “حتى قبل شهر كانت مزرعتنا الصغيرة قادرة على تغطية احتياجاتنا بعد أن توقفنا عن العمل، لكن خلال الأسابيع الماضية أصبح الأمر صعباً لا نستطيع الحصول على المياه إلا بمبالغ كبيرة، وتكاليف نقل القات إلى السوق المركزي حيث نبيعه أصبح باهظاً ومع ارتفاع الأسعار لن نستطيع تغطية التكاليف”.

كان سامي وأشقاءه يعملون في وظائف حكومية في مركز المديرية وفي مدينة حجة لكنهم عادوا إلى القرية في السنين الأخيرة بسبب توقف الرواتب: نذهب للدوام مرة أو مرتين في الأسبوع، ولم نحصل على رواتب منذ سنوات. ارتفاع الأسعار يدفعنا إلى خيارات سيئة ومؤلمة وتجويع دائم.

يُحمل كثير ممن أجرى “يمن مونيتور” مقابلات معهم الحوثيين المسؤولية الكاملة عن ارتفاع الأسعار، من يعيشون في صنعاء يقولون إن الحوثيين احتجزوا ناقلات النفط في مداخل صنعاء حتى ترتفع أسعار المشتقات النفطية.

يبرر الحوثيون ارتفاع المشتقات بأن التحالف يمنع وصول السُفن إلى ميناء الحديدة، وارتفاع تكاليف النقل من عدن إلى صنعاء. لكن معظم من تحدثنا معهم يسخرون من الحوثيين ويعتقدون أنهم يختلقون مبررات لرفع الأسعار لإثراء قيادات الجماعة.

مخاوف دولية

وتستورد اليمن معظم احتياجاتها من الخارج، وتستورد القمح من روسيا وأوكرانيا بنسبة 30%.

وتواجه البلاد انخفاضا حادا في إمدادات القمح الحيوية بسبب الحرب الروسية المتواصلة على أوكرانيا وبعد أيام من تعهد الدول المانحة بتقديم أقل من ثلث مبلغ 4.2 مليارات دولار الذي طلبته الأمم المتحدة في المساعدات الإنسانية لليمن العام المقبل، حذرت منظمات وجمعيات خيرية من “كارثة محتملة” في ظل المخاوف من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على مساعي توريد القمح.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن من صنعاء، بشير الصلوي، قوله إن “اليمن يستورد 95% من احتياجاته من الخارج بما في ذلك القمح والسلع الغذائية الأخرى. ومنذ اندلاع الصراع في أوكرانيا، شهدنا ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية بأكثر من 150% ولا تعرف ملايين الأسر اليمنية السبيل للحصول على وجبتها التالية”.

وعبر مدير الحملات والإعلام في منظمة أوكسفام اليمن، عبد الواسع محمد، عن “قلقه العميق” من الوضع الراهن، قائلا إن “توقعات الجوع -حتى قبل اندلاع الصراع في أوكرانيا- تنبأت بأن يقع المزيد من الناس ضحية لجوع متفاقم في عام 2022، والآن استنفد الناس كل الموارد وسبل التكيف، ونشهد المزيد والمزيد من حالات سوء التغذية بين الأشخاص الذين نساعدهم”.

وأكدت هيئات تابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى مساعدات غذائية في حين قد يرتفع هذا العدد إلى 19 مليونا في النصف الثاني من العام، في حين يرجح وصول عدد من يعانون مستويات طارئة من الجوع إلى 7.3 ملايين بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وعلى صعيد متصل أعلنت الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء عن مبادرة من أعضاء الغرفة التي تضم كذلك ضمن أعضائها معظم مستوردي القمح، بعدم رفع الأسعار خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ إبريل، واللذين يشكلان فترة الموسم التجاري السنوي الأكثر نشاطاً في البلاد إلا ان الواقع يشهد ارتفاعات متواصلة.

وقال حسن الكبوس رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء، ومتعاملون في الأسواق المحلية أن اليمن يتخوف من نقص خطير في المعروض من القمح والغذاء وارتفاع كبير في أسعارهما.

وأشار رئيس الغرفة التجارية إلى أن الحرب في أوكرانيا وما تلاها من تبعات أفضت إلى تعميق اضطراب الأسواق المحلية في اليمن، التي تعاني في الأساس من تأثيرات حرب داخلية ومعاناة في شح العملة الصعبة وأرتفاع في أجور الشحن التي تضاعفت بنسبة 700 في المائة.

وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.

ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.

وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من377ألف يمني خلال السنوات السبع. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى