كتابات خاصة

فبراير ثورة شعب متطلع للتغيير

قدر ثورة 11 فبراير، جاءت لشعب منقسم على ذاته، نصفه ذاق ويلات الاضطهاد والاستبداد، وقرر التحرر، والنصف الاخر ذاق ملذات الطاعة العمياء، واستلذ بدور الرعايا والاتباع والموالي، بل عبيد للسلطة وزعيمها .

فكاد مخاضها بين تطلع للحرية والمواطنة، ووطن يستوعب كل أبنائه بمختلف أطيافهم وأعراقهم وأفكارهم، وبين آخر مستسلم لواقعه لازال متوجس من الاخر، متشكك من التغيير، يرفض التحرر من عبودية الزعيم، يريد البقاء في حظيرة ذلك الزعيم، يتغذى على بقايا ولائم الفساد.

فكلما صرخ ثور فبراير برحيل المستبد والطاغية الفاسد، المنادين بالمساواة والحقوق والواجبات، رافضين التمايز، يصرخ الطرف الاخر بروح بالدم نفديك يا زعيم .

والثورة لا تحقق أهدافها الا بالتفاف شعبي، ودعم جماهيري منقطع النظير، ولن تستطيع إرساء قيمها وأخلاقياتها، ما لم تفلح في استئصال الدولة العميقة، المسيطرة على مفاصل سلطة الزعيم .

أربع سنوات من زخم الثورة قبل الانقلاب عليها في 21 سبتمبر 2015م المشؤوم، كادت ان تنتصر على الدولة العميقة و الرعاع، وتكون في رحم تلك الثورة مولود اكثر تعافي، يلبي تطلعات الناس في تغيير حقيق وتحول منشود لمستقبل، برزت ملامحه في مخرجات حوار وطني شامل .

هذا المولد هدد مطامع ومطامح الخارج، ودمر أركان عملائهم في الداخل، وبدأت المؤامرة لإسقاط ذلك المولود، مستفيدة من أطماع بعض أطراف قوى الثورة، وأهدافها الخفية، في دولة طائفية، ودولة مناطقية، كان من السهل شراء ذممهم، واستثمارهم في دعم الدولة العميقة، وتوحدوا في ثورة مضادة تحاول خنق ثورة فبراير وإسقاط مولودها، في حرب لم تبقي ولم تذر، ولازالت قائمة بين حلف الثورة وحلف الثورة المضادة .

ثورة تريد دولة اتحادية، تستوعب الجميع، ضامنة للمواطنة، منضبطة بمشروع مخرجات الحوار الوطني الشامل، وثورة مضادة مدعومة خارجيا، تريد ان يعود نظام ما قبل الثورة، يتم ترسيخ دولته العميقة، وترمم أركانها .

دعم منقطع النظير، عسكري وسياسي، مادي ولوجستي، لعودة الدولة العميقة لنظام ما قبل الثورة، بكل شوائبه من قوى نفعية، وتركيبة مناطقية وطائفية، وتحالف مصلحي يهدف لإبقاء اليمن تحت الوصاية والأطماع الإقليمية والدولية، تقسيمه بينهما، والمؤسف في ذلك تمكن هذا الدعم من إغراء عدد من قوى الثورة، والشخصيات التي كان يرهن عليها الناس، واتضح انها اضعف من ان تقاوم إغراء السلطة والثروة .

وفي المقابل ظهر تكتل وطني، فرضته المرحلة ليدافع عن السيادة والإرادة، كان للثورة الفضل في تشكله، من كل مكونات الطيف السياسي والاجتماعي، يرفض المساس بسيادة الأرض وكرامة الشعب، ويدعو لوطن حر ومواطن كريم عزيز على ارضه، ويرفض الوصاية بكل اشكالها، ويدعو لوقف الحرب، والتحاور على وطن يستوعب الجميع، ونظام وقانون يضبط إيقاع العلاقات والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويتيح الفرصة لإرادة الناس تترسخ على الأرض، في تسوية الملعب  انتخابات واستفتاء شفاف ونزيه، تتحقق من خلاله إرادة حقيقية لشعب متطلع للتغيير والتحول لمستقبل أفضل، والتحرر من الوصاية والتبعية للخارج .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى