كتابات خاصة

مجتمع دولي ناجح في حصر الموتى! 

إفتخار عبده   

جاء الشتاء يحمل بلاءه للنازحين والمجتمع الدولي سيكتفي فقط بحصر عدد الموتى بسبب البرد. 

سبع سنوات من الحرب والنزوح يعاني منها الشعب اليمني، وفي هذه السبع السنوات كم من النازحين قد غادروا منازلهم بحثًا عن الأمان فخرجوا منها خوفًا من الحرب إلى حرب أخرى ومعاناة وموت جديد. 

ها قد بدأ فصل الشتاء وبدأ البرد القارس ينشر شره في الأوساط، ويبث سمومه معلنًا موسم المعاناة والأمراض موسم الأتعاب والأثقال الكثيرة، موسم اشتداد الجوع مع هذا الفقر المدقع والغلاء القاتل. 

في فصل الشتاء يعلن السكان حالة طوارئ وإذا ما جاء تبدأ حكاية جديدة  وهي شراء الملابس الثقيلة وغيرها من الأمور التي تعين على تحمل البرد هذا بالنسبة لمن يمتلكون مأوى، أما الشتاء في مخيمات النازحين  فله حكاية أخرى تختلف تمامًا عنها في أماكن غيرها، هناك حيث المخيمات المهترئة والناس الذي يفترشون التربة ويلتحفون الرياح القاسية، الذين ينامون تحت وطئة البرد القارس والجوع الذي يشتد قساوة مع هذا البرد الذي لا يرحم ولا يعي أن هؤلاء النازحين لا مأوى لهم ولا دفاء، لا يعي أنهم تمضي عليهم الأيام والأشهر وهم يعيشون على فتات  من الزاد القليل الذي لا يكفي لسد الجوع، هذا البرد الذي لا يعلم كم يقاسي الأطفال  بوجوده كم ترتعش أجسادهم  إثره وكم ينادون آباءهم وأمهاتهم أن يقوهم شره وأن ينقذوهم منه، وهم لا يعلمون أن آباءهم  لا يملكون شيئا بل يكتفون بضمهم إلى أحضانهم ليشعروا بقليل من الدفء ووقتها تلتقي الأجساد الخاوية  فتواسي بعضها بعضًا وتنادي الله أن يكون خير معين لها في هذا الواقع الذي لا يرحم. 

هذا العام بالتحديد كثر فيه النازحون في عدد من محافظات الجمهورية التي تعيش الحرب الضروس ضد مليشيات الحوثي، فكثيرون هم الذين أصبحوا يعيشون في المخيمات هذا العام وقد كانوا قبله في بيوتهم آمنين، كيف سنقضي أشهر البرد ونحن هنا؟، هذا هو لسان حالهم يقول كيف سيقضون أشهر البر القارس  وهم في هذه المخيمات المهترئة التي لا تقيهم حرارة الشمس ولا قسوة البرد ولا ترد عليهم الرياح العاتية التي تأخذ أجزاء من مخيماتهم كلما جاءت وأشتد عودها. 

كيف لهم أن  يعيشوا فيها وهي لا تقي من أي بلاء وخصوصًا بلاء هذا الفصل المحمل بالأتعاب. 

عشرات  الآلاف من الأسر من هجرت ونزحت من منازلها جراء الحرب ستقضي  أشهر البرد هذا العام في مخيمات النزوح وتحت الأشجار تلوك البرد والحرمان تجرع الجوع والمرض، وعين المجتمع الدولي سترى ذلك وقد تكتفي بالتعبير عن قلقها الكبير إزاء ذلك ومن ثم ستقوم بحصر أعداد الموتى الذين ماتوا إثر البرد الشديد نشر ذلك عبر وسائل الإعلام فهذا هو ما يُقدر عليه وسترون ذلك في قابل الأيام  فانتظروا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى