أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

المرأة الريفية اليمنية.. تحمل أعباء العائلة فيما الرجال يشاركون في الحرب (تقرير خاص)

يمن مونيتور- وحدة التقارير/ من مختار شداد

لم تكن الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات وحدها سببا في معاناة المرأة الريفية في اليمن، بل جاءت لتضاعف من معاناتهن المريرة في ظل سطوة العادات والتقاليد المجتمعية التي سلبتهن أبسط حقوقهن في الحياة، وأصبحن يتجرعن قساوة الظروف المعيشية الصعبة وويلات الحرب إلى جانب العادات والتقاليد التي جعلتها تعيش تحت وطأة العُرف القبلي الذي حرمها حتى من حقها في التعليم.

تقول “هند” (23عاماً) -التي تعيش في ريف مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية- في حديثها لـ”يمن مونيتور” إن والدها لم يسمح لها بمواصلة تعليمها المدرسي بعد أن وصلت إلى مرحلة التعليم الثانوي والسبب وراء ذلك أنها قد كبرت وأصبحت تقرأ وتكتب وهذا يكفي في نظر والدها، كما تقول.

 

الانفاق على العائلة

وبسبب النظرة الذكورية وثقافة العيب لم يسمح والد “هند” لشقيقتها التي تصغرها بعامين مواصلة تعليمها الأساسي- حد قول “هند”.

وتقوم “سلمى” و”ريهام” وهن شقيقتين تعيشان في مديرية “الحيمة” العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بالعمل في مهنة “نقش الحناء، وتزيين النساء” كمصدر دخل أساسي لعائلاتها المكونة من خمسة أخوات ووالديهما.

وتقول سلمى (25 عاماً) إنها وعائلتها كانت تعيش في العاصمة صنعاء وتخرجت من جامعتها قبل ثلاثة أعوام من كلية التجارة، لكن ارتفاع الإيجارات وتوقف مرتب والدها الذي كان يعمل في مؤسسة حكومية أجبر العائلة على العودة إلى القرية.

وتوقف الحوثيون عن دفع رواتب موظفي القطاع العام في صنعاء منذ 2016م.

وتضيف سلمى لـ”يمن مونيتور”: “أعمل مع شقيقتي ريهام (22 عاماً) في تزيين النساء خاصة في الأفراح والمناسبات الخاصة، وما نتحصله يتم انفاقه في حاجة المنزل”.

تشير سلمى أنها تعمل في ذلك منذ ثلاث سنوات-بعد أن تعلمت في صنعاء كل ذلك- وتضيف: النساء من القرى المجاورة يأتين من أجل التزيين في منزلنا، نملك الآن شهرة واسعة، ولا يعارض والدي عملنا.

ويحتفي العالم بيوم المرأة الريفية في 15 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، في وقت تعيش النساء اليمنيات في الريف وضعاً سيئاً وأعباءً مضاعفة.

 

 أعباء مضاعفة

أدى الصراع في اليمن إلى زيادة نسبة الفقر. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من عشرين مليون يمني -من أصل 30 مليوناً- باتوا تحت خط الفقر وهم بحاجة ماسة إلى تدخلات عاجلة، بالإضافة انقطاع الرواتب وتسريح الكثير من الموظفين من أعمالهم. كما أن انخراط الشباب في الحرب ألقي على كاهل النساء الريفيات في تحمل أعباء مضاعفة في ظل الظروف القاسية.

تشير “مها عون” المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل في حديثها لـ”يمن مونيتور” إلى أن ظروف الحياة بشكل عام منها الاقتصادية والسياسية أثرت على المرأة بشكل كبير وبخاصة المرأة الريفية.

وتضيف “عون”: الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع الأسعار وتقلب سعر الصرف جعل المرأة تتحمل أعباء كبيرة في البحث عن لقمة العيش وتوفير المال ولم تسمح لها بالعيش في كرامة وفي بيئة ملائمة لها.

في المجتمعات الريفية يُعتمد على المرأة بشكل كبير في تربية المواشي وزراعة الأرض بالإضافة إلى جلب الماء والحطب من أماكن بعيدة الأمر الذي يدفع بالآباء إلى حرمان بناتهم من التعليم لحاجتهم لهن في تحسين الظروف المعيشية للأسرة.

في مديرية بني مطر، غربي صنعاء، تقول سيدة (40 عاماً) وتعول خمسة أطفال إن زوجها قُتل في الحرب إلى جانب الحوثيين “لدينا أغنام، وبقرة، وأرض زراعية (زراعة اللوز)، أقوم بتربية المواشية وتفقد الزراعة وبيعها في السوق للإنفاق على العائلة”.

وتضيف لـ”يمن مونيتور”: عائلتي لا تقصر في شيء، إلا أنّ دخل عائلتي تعتمد على دخلي من الزراعة وتربية الماشية، ويساعدني ابني الأكبر (18 عاماً) في القيام بالمهام، وأبنائي في الرعيّ.

تقول سيدة إن أبنائها يرتادون المدرسة الحكومية الوحيدة، وتخطط لإرسال الابن الأكبر للجامعة في صنعاء “لن ينفعهم سوى المدرسة حتى لو كانت سيئة”.

ومن جهتها تقول الصحفية “لمياء الشرعبي” في تصريحها لـ”يمن مونيتور”: “ضاعفت الحرب معاناة المرأة اليمنية بشكل عام، أما المرأة الريفية فإلى جانب أعمالها ضاعف انعدام الخدمات العبء عليها إذا أصبحت مشقتها أكثر مما كانت عليه”.

وتضيف “لمياء” قولها:” تتحمل المرأة الريفية مشقات كبيرة منها جلب الماء من البئر ونقل الحطب والرعي في الوديان إضافة لأعمالها المنزلية التي تكلف بها كونها أم وربة أسرة”.

وفي السياق تشير الناشطة الحقوقية “إشراق المقطري” إلى أن الظروف الاقتصادية كانت الضربة الأقوى في إرهاق المرأة الريفية وزياد معاناتها، فهي ترى نفسها مسئولة عن توفير الغذاء والماء واضطرت للعودة للطرق القديمة في تأمين أسرتها معيشيا، عند حد تعبيرها.

 

أدوار محددة

ينظر غالبية اليمنيين -قبل الحرب- للمرأة الريفية أنها “ربة بيت” لها دور محدد يقتصر على تربية الأبناء وممارسة الأعمال المنزلية إلى جانب مساعدة الذكور في الزراعة وحراثة الأرض، بهذه الأعمال تعيش المرأة الريفية حبيسة العادات والتقاليد المجتمعية القاسية.

بهذا الخصوص تقول “مها عون” إن العادات والتقاليد في المناطق الريفية حددت للمرأة الريفية دور معين فدور المرأة يقتصر على المطبخ وتربية الأولاد وإعانة الزوج فقط.

وتردف “مها عون” قائلة: ” وعند فقدان المعيل تتحمل المرأة الريفية مسؤوليات أكبر من التي حددتها لها العادات والتقاليد وهذا يؤثر على حياتها كثيرًا، وقد يدفعها للبحث عن عمل خارج المنزل لتوفير لقمة العيش، وبالتالي هذا يشكل صعوبة كبيرة للمرأة الريفية في ظل انتشار الجهل وانعدام القدرات المؤهلة للمرأة كي تعمل”.

ويذكر أن معدل الأمية بين النساء يبلغ 65% مقابل 30% لدى الرجال في اليمن، فيما تتذيل اليمن على مدى ست سنوات متتالية قوائم المؤشرات الدولية بين الدول العربية من ناحية الفجوة الموجودة على مستوى التنوّع الاجتماعي.

 

غياب وتهميش

تعد المرأة الريفية مورد بشري فعال، ولكن في ظل غياب خطط ومشاريع التنمية في المناطق الريفية أُقصى دور المرأة في مجال التنمية وأصبحت تعيش على الهامش، الأمر الذي فاقم معاناتها كثيرًا.

تقول “إشراق المقطري” إن المنظمات والمجتمع المدني والتعاونيات ساهمت خلال القرن الماضي بتعزيز مشاركة المرأة في المجتمع الريفي.

من جهتها تقول “مها عون”: ” منظمات المجتمع المدني برأي الشخصي لم تعزز مشاركة المرأة في المجتمع الريفي لأن المنظمات عملها محدود ونسبة تعزيز مشاركة المرأة لا يتجاوز الـ1% وما نلتمسه يقتصر على توعية المرأة في الصحة الإنجابية أو سوء التغذية”.

وتشدد “عون” على ضرورة وجود جهود وتوجهات كبيرة في مشاريع التمكين الاقتصادي وبناء القدرات.

تكابد المرأة الريفية في اليمن ظروفًا معيشية قاسية تحكمها العادات والتقاليد، وضاعفها الصراع المسلح كثيرًا، فالمرأة هي الضحية الأولى في هذا الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى