كتابات خاصة

حكايات من قلب المقاومة (4)

أحمد عثمان

حضرت جماعة الحوثي وصالح الى مديرية (مشرعة وحدنان) بصبر بأنواع الأسلحة، ومعهم دبابة تمركزت أسفل القرية، لتبدأ بالضرب على المدينة وكانت الدبابة مصدر رعب حقيقي على سكان المدينة، فموقع المديرية في غاية الأهمية، فالسيطرة عليها يعني السيطرة على المدينة عملياً. (سلمية) التعزية  
حضرت جماعة الحوثي وصالح الى مديرية (مشرعة وحدنان) بصبر بأنواع الأسلحة، ومعهم دبابة تمركزت أسفل القرية، لتبدأ بالضرب على المدينة وكانت الدبابة مصدر رعب حقيقي على سكان المدينة، فموقع المديرية في غاية الأهمية، فالسيطرة عليها يعني السيطرة على المدينة عملياً. 
–  الفضيحة أنها تقصف المدينة، وتقتل أهلنا من بيوتنا، قالها أحد المواطنين بحرقة …بينما يتمتم (الفقي) عبده بما يحفظ من الحكم والأشعار التي تعبر عن الذهول والمرارة! وغالباً ما تسمعه يردد متحسراً شطر من بيت شعر شهيرة:
ماكنت أعلم أن يمتد بي زمني…
استمر الحوثيون بالقصف على أحياء المدينة، وتهديد سكان القرية بالقتل وتفجير البيوت بينما أخذ المتحوثون يقنعون سكان القرية بالانضمام إلى الجماعة الغازية، لكنهم كانوا يصدمون برفض كاسح.
 أخذت (سلمى) قريبة أحد المتحوثين توجه اللوم لقريبها: (ما فيش رجال يجلبون النار إلى عقرهم والعار إلى بيوتهم غير أنتم؛ يا غبني عليكم.. كشفتونا بين خلق الله ربي يكشفكم دنيا وآخره).
منذ دخول الحوثيين القرية وهي مستيقظة لا تعرف النوم، وكأنها واقفة على رجل واحدة …هناك قهر وجرح عميق وشعور بالعار طالما والجماعة تقصف وتقتل المدينة من القرية التي تفتخر بأنها من مفجري ثورة فبراير.
–نحن لا نعرف كيف نتصرف بدون سلاح؟ قال أحد قادة القرية الشباب مضيفاً لكن لابد أن
نفعل شيئاً، حتى يأتي السلاح والذخيرة لا يمكن أن نبقى متفرجين! 
— قال الأستاذ أحمد ساخراً: (ثورة سلمية) .. نواجههم بثورة سلمية!، لكن السخرية تحولت إلى فكرة قابلة للتطبيق، فالقرية تكاد تنفجر من القهر!
وصل أحد المتحوثين سريعاً إلى قائد الحوثيين في الموقع المدعو (أبو أحمد) يخبره أن القرية ستنظم مظاهرة تطالب برحيل الدبابة والموقع.
– هههههههه ضحك (أبو أحمد) حتى كاد يسقط على قفاه.. ضحكتني يا ذاك، قلهم يأتون يفجرون الدبابة ويحرقونها بحقهم سلمية أحسن …اسمع اسمع: (سلمية التعزية) هذه كيف هي طويلة، نحيفة، حالية وإلا شوعه.. حالية مه؟
في اليوم التالي قرر (أبو احمد) نقل الدبابة والموقع التي تضرب المدينة من موقعها أسفل القرية إلى تبة أعلى القرية.
تحركت الدبابة صعوداً ومع حركتها تحركت الثورة في النفوس، ولأن القرية مستفزة فقد خرجت كلها تتفرج للدبابة وهي صاعدة غصبا عنهم وكانت تسير على روؤسهم ..
وفي لحظة انفجار شعبي صرخ أحدهم: ارحل .. ارحل.. ليرتد الصدى ارحل كبيييرة بحجم القرية، بحجم تعز .. بحجم اليمن، وبحجم الكرامة، والقهر المجروح…
وكأن (ارحل) فتحت نافورة البركان وبوابة الطوفان، و(ارحل) هذه ليست غريبة عنهم فهم كمديرية من رواد ثورة فبراير، وبينهم وبين ارحل علاقة دم وحلم ما زالت يتشكل.
أصيب (أبو أحمد) قائد الموقع بالذهول، فقد تحولت السلمية أو (سلمية التعزية) كما سماها (أبو احمد) ساخراً، إلى رعب حقيقي، وقد حاول أن يحافظ على ثباته، ورباطة جأشه وهو يقول: نحن نحترمكم خلاص خلوهم (ينفهوا) عبروا …نعطيكم ساعة لكي  تعبروا سلمياً؟
صاح الشباب: نحن الذي نعطيك ساعة للرحيل.. (ارحل). 
ابتسم (أبو أحمد): ارحل يرحل من؟ وكيف ارحل؟ قالها ساخراً، وهو يلتفت إلى موقعه المتروس بالمسلحين والسلاح الموجه تجاه الجمهور العزل (ارحل.. مَنْ برحل)؟!
– مافيش ؛ ارحل الآن ورجلك برقبتك …قالها أحد الشباب وبحركة سريعة يتجه (جمال سلطان) نحو( دبة) بترول يأخذها وهو يقول لمن حوله: (سأصل إلى الدبابة لو استشهدت كملوا أنتم المشوار.. أشعلوا الدبابة وستنفجر وبانفجارها سيندحرون ويبدأ العد التنازلي لغطرستهم) …. اتجه (جمال) مسرعاً نحو الدبابة، لكن رصاصة القتلة كانت أسرع فيسقط شهيداً، كما توقع وأراد!! …لم يفر الناس ولم يتوقفوا، بل اشتعلوا ثورة تنفذ وصية الشهيد …. وصلوا إلى الدبابة … صبوا البترول وسط رصاص مرتعش ومرعوب.
وتحت تصفيق وهتافات القرية وغضبها وذهول (أبو أحمد) وجماعته تحترق الدبابة وتشتعل لتراها المدينة دخانا يتصاعد، حينها خرجت المدينة تضرب (تعظيم سلام) للمقاومة ومديرية مشرعة وحدنان.
— ما هذا يا جن؟ قالها (أبو أحمد) وهو يرى (سلمية التعزية) تفجر دبابة بواسطة دبة بترول وقطرة دم لشهيد قرر أن يكون فدائياً يقص شريط المجد والحرية بدمه..
 تبخرت غطرستهم وفروا من الموقع تاركين وراءهم السلاح وطقم فورد ورشاش وغطرسة معفرة بالتراب.
… ومعنويات لأبناء القرية تعانق النجوم!
أثناء الفرار قال أحد مرافقي (أبو أحمد) وهو يلهث” (مش قلتم يا أبو أحمد أن هذه القرية مغلق لـ”أنصار الله”؟!
– (مغلقه لأمك اسكه قا هي بالنخر …لكن سهل با نعود نحرق هذولا الدواعش وقريتهم حريق).
كانت الصفعة كبيرة للغزاة ومفاجئة.. أما أصحاب القرية فاعتبروها إعلاناً لبدء المعركة وهم يعرفون أنهم سيعودون بحملة أكثر حقداً.
عاد كل واحد يتحسس سلاحه، وما تيسر من الرصاص، يحفرون خنادق ويضعون المتارس ويشد بعضهم بعضاً، والمهم أن المقاومة كانت قد تمكنت من التواصل وترتيب جبهة مقاومة وطريق للإمداد بما أمكن من ذخيرة وسلاح، لتضع السلمية حجر الأساس للمقاومة المسلحة وكسر الغزاة في المنطقة الأهم بتعز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى