كتابات خاصة

مصارع المحبين

فكرية شحرة

نأتي إلى الحب فنشعر أنه شجرة وارفة نبتت حولها أشواك الغيرة والاستئثار فهي ترتوي من جذور هذه الشجرة وتذود عنها شعور الاهمال والهجر.

ونأتي إلى الحب فنشعر أنه شجرة وارفة نبتت حولها أشواك الغيرة والاستئثار فهي ترتوي من جذور هذه الشجرة وتذود عنها شعور الاهمال والهجر.
ونحن لا نكره وخز تلك الأشواك كلما اعتنقنا الحب لأدراكنا أنه لولا الحب ما كانت ولولا وهجها الدافئ لماتت بردا قصص كانت يانعة.
إن أفعالنا هي اللغة الفصحى التي تعبر عن الحب بأعمق من أقوالنا وأصدق.
وأجمل هذه الأفعال التي أثمرها الحب هو الاهتمام وأقساها الغيرة؛
وبين فقدان الاهتمام وسعار الغيرة قد تموت مئات المشاعر بنزاع مؤلم.
إنما لا يحرق شجرة الحب الوارفة وينكل بها كانعدام الثقة والشك..
وشتان بين الغيرة والشك..
ولعل أتعس العشاق من تمكن داء الشك من قلبه فصار الحب علته ومرضه بدلاً من جنته ونعيمه.
وأتعس منه من وقع قلبه في هوى من لا يثق به؛
 يظل عمره تحت طائلة الشك في خيانة محتملة لكنها واقعة رغما عنه في ذهن ذلك المحبوب المعتل قلبه رغما عنه.
هذا الحب المنكوب يظل متقداً حتى يحرق أفئدة المحب والمحبوب، فالشك نار وقودها الحب.
ولعل أسوأ شعور يتملك المرء أنه قبل الحب كان حياً فلما أتى الحب أزهق روحه.
ومن هنا صار الحب عند أناس نفحة من الجنة وعند آخرين لفحة من الجحيم.
ولا أجد دواء قد يخفف من اعتلال القلوب بداء الشك إلا المصارحة والصدق؛
رغم أنه لا يعدو أن يكون إلا مسكن يخفف الوجع كي لا ينفق الحب في أول منزلق.
وإلا فإن عله الشك وعدم الثقة ستقتله لا محالة طال الوقت أو قصر.
إنها تلك المواجهة التي تنتهي بعناق كلما انتصر الحب على البعد.
أو تنتهي ببتر لجزء من القلب.. ولعل في البتر الشفاء.
والمصارحة خير من تراكم سوء الظن والشك حتى يستحيلا حبلا غليظا مفتولاً بالصمت والكبرياء يشنق به براءة الحب مهما كان كبيرا وعظيما.
لقد انقذ انكشاف الأرواح المتقاربة لبعضها كثير من الهنات التي غزلت شباك الافتراق على غفلة من حسن الظن والثقة.
كما استسلمت أرواحا لفقد شطرها لمجرد التمسك بأذيال الكبرياء والترفع عن ذلّ السؤال والاستفسار عن هنّة قد تصدر من المحبوب فكانت رصاصة الشقاء التي أصابت قلبين بعنادٍ لواحد منهما.
وأقول ذلّ السؤال لأن الكبرياء الفارغة من مضمون الحب تراه ذلاً..
وإلا فإن الحب تمام الخضوع والرحمة به ترتفع الحواجز لتصبح الأرواح أنصافاً تلتصق فلا تدري أيهما هو المحب وأيهما الحبيب؟!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى