كتابات خاصة

عن بلاهاتهم اللاحضارية

فتحي أبو النصر

أرجوكم لا تشتموا عائشة ولاتشتموا فاطمة. أ رجوكم لا تشتموا عائشة ولاتشتموا فاطمة.
لا تمعنوا في شتم ذواتكم بهذه الطريقة اللامعقولة المشحونة بانفعالات عاطفة هوجاء متعصبة  تنفصل تماماً عن الانسانية والعقل.
لقد طفحنا من الإساءة لليمن التي لا يعنيها كل هذا التاريخ المخجل من الشتم العبثي فيما بينكم.
خمسة عشر قرناً من الصراع الدموي وغير الدموي، هي رحلة الوعي الاسلاموي الرث.
ولقد تم خلالها نقل إرث الأحقاد القرشية إلى اليمن في متوالية من ثارات عجيبة يحاجج كل طرف بانها هي جوهر الدين.
هكذا حولتم كل وطن إلى خرابة وليس اليمن فقط كما اشغلتم العالم وهو يصلح بينكم ومع ذلك تستمرون في قناعتكم السطحية  بان العالم الطامع في ثرواتكم غايته شق صفكم..
بينما أنتم آفة بعضكم أساساً.
وأما بسبب بلاهتكم اللاحضارية فقد جعلتمونا مجرد امة خائبة واتكالية تدعو للشفقة وتعجز عن صناعة ابسط اساسيات الحياة المعاصرة .. امة انفصامية تعيش في الماضي وتخشى المستقبل ولا تخجل من حاضرها الموبوء.
برأيي أن خلافات قريش كانت سياسية بحتة كما لا قداسة لكل الاسماء التي مرت في التاريخ الاسلامي إلا في أوهامكم  فقط.
ولنتجاوز ذلك يجب نقد اليقينيات المزورة والتحرر من فكي كماشتها على ان نستوعب اولا ان تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون..
ثم قولوا لنا بماذا تتباهون الآن بالضبط؟
أبكل هذا التطرف السني والتطرف الشيعي البغيض!
أي شرف احرزتموه من خلال صراع  مخجل كهذا جعلكم في الدرك الاسفل بين الامم؟
للأسف انه الصراع الذي استغل الدين سياسياً وبشكل تحشيدي عشائري أيضاً، كان ومازال هو البيئة الخصبة للدول الاستبدادية في أسوأ  نموذجها التاريخي: دول التنصل من التنوير والتحديث والتعايش وكافة استحقاقات مشاريع الإصلاح الفكري والسياسي و الديني   والاقتصادي والاجتماعي..  إلخ
فقط كونوا مواطنين وكفى..
ولتحترموا الحقوق والحريات والواجبات المتساوية وصولاً الى وضع حد معتبر لهذا التلذذ الرهيب بكمية التخلف المكدسة منذ قرون.
أساساً لن نتطور جميعاً إلا بتنقية الدين من الشوائب الهائلة التي تريد اقناعنا بانها هي روحانية الدين.
لكن ذلك لن يتحقق دون سعينا المتسق لإقامة وتحقيق دولة تهب جميع مواطنيها الكرامة والديمقراطية وتحميهم من بعضهم بالقانون العادل مع فرضها عليهم جميعاً احترام المشاعر والقيم العقدية والدينية السلمية لبعضهم البعض، في ظل منظومة دستورية وطنية جامعة يٌجّرم كل من يتعالى عليها عرقياً او قبلياً او مناطقياً او مذهبياً إلخ.
مالم فإن من حقنا أن نعترض ونصرخ ونقول:
عيال فاطمة وعيال عائشة ماخلوا لعيال بلقيس وأروى ولميس حاجة.
بل انهم قد جعلوا قضية عائشة وفاطمة تتنافس مع قضية علي ومعاوية حتى تكون احداهن هي قضية اليمن الحضارية الاولى وكل ذلك لايمت بصلة فاعلة لعملية توازن المجتمع المنشودة  وطنياً.
يعززهم للأسف في هذا المسعى الارتدادي، شعورهم العبيط الذي يدأب على محو تاريخ اليمن من وجدان اليمنيين الذين غايتهم “دولة المدنية والمواطنة المتساوية للجميع” ثم تحويلهم عبر الاصولية الاستشراسية الممنهجة في لؤمها خلال الوقت الحالي “خمينياً ووهابياً” لمجرد بيادق وطوائف ممسوخة ومستلبة ومضادة للتقدم ، وصولاً الى التجريف الكلي لهويتهم الوطنية العليا التي لا تملك إزاءاضطرامات الشعورالمركب بالحيرة والضياع والتبخيس والتدمير الثقافي  سوى ازدراء كل من يزدريها، وكذا الصدام مع كل من يتصادم معها بالمحصلة!
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى