اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

الحوثيون كأقلية.. قراءة في “بعث” الهويات الفرعية (تحليل)

تحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمس الخميس، أن جماعة الحوثي “أقلية” وهو أيضاً ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ومن شأن ذلك أن يفتح باباً لا يمكن إغلاقه عن التعامل مع مصطلح جديد في اليمن يدعى “الأقليات”، في بعث للهويات الفرعية للحصول على مكاسب. يمن مونيتور/ وحدة التحليل/ خاص
تحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمس الخميس، أن جماعة الحوثي “أقلية” وهو أيضاً ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ومن شأن ذلك أن يفتح باباً لا يمكن إغلاقه عن التعامل مع مصطلح جديد في اليمن يدعى “الأقليات”، في بعث للهويات الفرعية للحصول على مكاسب.
في يوليو/تموز الماضي قال محمد عبدالسلام في مقابلة مع تلفزيون الميادين إن تخليهم عن السلاح يعني “تطهير عرقي” لجماعتهم، والابادة العرقية في العادة تحدث للأقليات التي تحظى بانتباه المجتمع الدولي والعالم، دون اعتبار للأعداد الهائلة من الأغلبية التي تلقى مصير الموت والتعذيب والسحل في سجون ما يتم توصيفهم بالأقليات.
على ما يبدو أن الحملة الإيرانية بوصف الحوثيين أقلية تحتاج الحماية وأنها قامت بإسقاط الدولة اليمنية لحماية نفسها، يجد صدى في أذان الدبلوماسية الغربية المُشبعة بالكثير من غرائز التطهير العرقي في بلدانها، ولذلك جاء الحديث عن الحوثيين كـ”أقلية” في اليمن، سوى من منظور معرفة حجمهم كما أراد أن يوصف “الجبير” الحوثيين، لكنه في كل الأحوال يؤصل لموقف ثابت عن كون “الحوثية” أقلية “عرقية” أو “دينية”.
تهدف “إيران” و”الحوثيين” من خلال توصيفهم كأقلية الحصول على الكثير من المكاسب السياسية في البلاد، باسم “أقليتهم” وكممثلين لمجموعاتهم، كمقاعد مخصصة في مجلس النواب، وحقائب وزارية (معينة)، ما يعني إعطاء الجماعة باسم الأقلية ما لايمكن أن تحوزه في انتخابات ديمقراطية في بلد جمهوري، وهذا النموذج يقترب إلى نموذج الدولة اللبنانية التي فشلت للمرة 43 في انتخاب رئيس للجمهورية، للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق الطائف 1989م، والذي تعامل مع المأساة اللبنانية بتقسيمات طائفية وعرقية، حاز “حزب الله” اللبناني على الثلث المُعطل.
تُعطى الأقليات حقاً في الحفاظ على أمنها ببقاء الأسلحة بيدها، ومن شأن ذلك أن يعطي توصيفاً وتفسيراً، لحديث محمد عبدالسلام برفض تسليم السلاح، خوفاً من التطهير العرقي؛ لتبقى قوة خارج الدولة، مسيطرة بشكل مفزع على القرار السياسي الداخلي والخارجي.
اعتبار الحوثيين “أقلية” من شأن ذلك دخول اليمن في بحر من الصرعات والمصالح لكل عرقية وجماعة دينية “البُهرة” و “السنة” و”السلفيين” و”البهائية” وحتى “الصوفية”، ومناطقية “القضية المأربية” “القضية التهامية” “السّادة” و”القبائل”.. الخ من التوصيفات التي ستطالب بحصتها كما “الحوثية” ليدخل المجتمع اليمني في حروب مأساوية تحت رايات جديدة من الهويات الفرعية.
في أكتوبر سنة 1998 أصدر الكونجرس الأمريكي «قانون الحريات الدينية في العالم»، وهو القانون الذي أعطت به أمريكا نفسها حق مراقبة الحريات الدينية في العالم، وإصدار الأحكام الأمريكية على الدول والأمم والحضارات بل وتوقيع العقوبات.
يبدو أن الولايات المتحدة تريد الإمعان في التجارب الأمريكية بدعم الأقليات وتكوينها لتقاتل بدلاً عنها، وظهرت تلك التجربة بشكل أعمق في سوريا والعراق حيث تدعم الولايات المتحدة إلى جانب إيران الهويات الفرعية “الأقليات” لمواجهة ما يطلق عليها “التنظيمات الإرهابية”، ما دّمر الدولة وهيمنتها وعمل على إحياء النعرات الهوياتية لتصبح الدولة الوطنية والهوية الوطنية غريبة؛ غير مكترثة بالتجربة الأوغندية ومحاولة تكريسها في اليمن بتقسيم الأوغنديين إلى أقليات سرعان ما تناحرت وتبدلت ولاءتها لصالح رؤساء هوياتهم الفرعية، ما عزز تدهور الأمن والسلم في بلدان وسط أفريقيا.
الحوثيون هم جزء من نسيج المجتمع اليمني وليسوا أقلية، لهم حقوقهم ككل اليمنيين بالترشح والانتخاب ولا يوجد فرز هوياتي بحقهم، فدائماً ما تعاملت معهم الدولة والأنسجة اليمنية وفق “الهوية الوطنية” الجامعة، حتى من خلال تمرداتهم، وسيطرتهم على أجهزة الدولة، فدائماً ما كانوا جزء من السلطة كـ”يمنيين” فشقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي عضو في البرلمان باسم حزب “المؤتمر الشعبي العام” الذي كان حاكماً طوال العقود السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى