اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

ميثاق علماء اليمن لتوحيد الصف الوطني أم مشروع بديل للدولة المدنية (تقرير)

أثار اعلان توقيع مجموعة من علماء ودعاة اليمن على ميثاق عمل “دعوي” موجة كبيرة من الانتقادات، ودخلت النخبة السياسية اليمنية في حالة من المد والجزر بين من يؤيد الخطوة ومن يحذر من تداعياتها.

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
أثار اعلان توقيع مجموعة من علماء ودعاة اليمن على ميثاق عمل “دعوي” موجة كبيرة من الانتقادات، ودخلت النخبة السياسية اليمنية في حالة من المد والجزر بين من يؤيد الخطوة ومن يحذر من تداعياتها.
وعلى الرغم من ان الميثاق الذي وقعه 70 من علماء ودعاة اليمن الذين يمثلون تيارات دعوية متعددة في مختلف المناطق اليمنية، يهدف الى جمع المدارس الفقهية والمكونات الدعوية وتوحيد خطاب الدعاة بعيدا عن الخلافات بحسب القائمين على “برنامج التواصل مع علماء اليمن “، الا أن كثيرين من قادة الفكر والسياسة اعتبروا الخطوة منافية لمشروع الدولة المدنية وأبدو تخوفهم من ارهاصاته الطائفية.
الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي من جانبه التقى بعدد من المشايخ والدعاة والعلماء بعد يومين من توقيعهم الميثاق، وقال إن اليمن لا تعترف بالمذهبية ولا التمايز بين ابنائها، على مدى تاريخها؛ وشدد هادي على حاجة البلاد إلى الدعوات الصادقة الرامية الى الخير والتعاضد ووحدة الصف ونبذ التعصب الأعمى المناطق والفئوي حد قوله.
وحيا هادي ما أسماها جهود طَي صفحة الخلافات بين علماء اليمن والوقوف صفا واحدا مع الشرعية الدستورية” في اشارة الى الميثاق؛ وقال إن “اليمن ظل وعلى مدار تاريخه في تعايش وأمان بين مذهبيه الزيدية والشافعي دون تمايز أو فروق أو تباين أو تناحر”.
 
الغاء المادة 30 لم يوقف سيل الانتقادات..
وحظيت المادة 30 من الميثاق والتي نصت على ” مودة آل بيت رسول الله المتبعين لسنته والموالين لأصحابه وزوجاته دون تثريب عليهم بأعمال من يبغي على الأمة باسمهم “؛ حظيت هذه المادة بالنصيب الأكبر من سيل الانتقادات ما دفع بتنسيقية “علماء اليمن ” الى حذفها بعد نقاش مستفيض درئا للخلاف بحسب التنسيقية.
ورأى مراقبون أن نص مثل هذه المواد المتفق عليها بين المسلمين قد يثير الواقع الاجتماعي في اليمن، الذي يعيش تشظ كبير بسبب إثارة الحوثيين للورقة المذهبية باسم الدفاع عن ” آل البيت ” وهو ما وافقه كثير من علماء ودعاة اليمن حتى اولئك الذين ينتمون الى آل بيت رسول الله الذين أكدوا تشويه الحوثيين ل ” آل البيت ” ما ادى الى ترسخ صورة سوداء لدى اليمنيين.
لم يتوقف سيل الانتقادات عند هذا الحد حيث هاجمت الناشطة اليمنية توكل كرمان والحائزة على جائزة نوبل للسلام عددا من بنود هذا الميثاق؛ ووصفت الموقعين عليه بأنهم ينتمون الى حقبة قديمة من التاريخ ويجب وضعهم في متاحف اثرية بحسب منشور لها على صفحتها الشخصية في فيسبوك.
وتركز هجوم “كرمان” على مشاركة عدد من علماء وقيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تنتمي اليه، واعتبرت ان الوثيقة هي بمثابة اعلان فشل التوجه المدني لحزب الإصلاح، وعلى الرغم من ان حضور محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا داخل حزب الإصلاح بصفته مستشارا للرئيس اليمني بحسب وكالة الأنباء الرسمية سبأ؛ الا ان كرمان انتقدت هذا الحضور وشددت على أنه لا يملك حق اصدار مثل هذا الاعلان نيابة عن الحزب.
 
هل يتصادم الميثاق مع مشروع الدولة المدنية؟
وأعتبر الكاتب والناشط السياسي محمد المقبلي أن الميثاق مضاد في عدد من بنوده لمخرجات الحوار الوطني والنظام الجمهوري، منتقدا البند 18 و27 والخلط بين العمل السياسي والدعوي وأضاف:”هناك نص في الحوار يمنع تشكيل الكيانات والخطاب على اساس ديني او مذهبي، وقال ان الميثاق يتعارض رؤية الحوار الوطني الخاصة بحرية الانتماءات وعقيدة التعليم الذي أكد ان يكون معززا للهوية الوطنية.
وأضاف “المقبلي في حديث خاص ل “يمن مونيتور ” أن مضمون مصطلح اهل السنة والجماعة الذي جاء بالميثاق مؤشر يدفع نحو الصراع الطائفي، وشدد على ان حضور العمل الدعوي في الشأن السياسي يعني تحجيم دور الحزب السياسي والجمهوري لمصلحة الدعوي الذي لا يبني الدولة، مشيرا الى ان مشاكل اليمن تحتاج الى ميثاق تنموي وليس ميثاق دعوي حد قوله.
ويتضمن الميثاق الذي أطلعت “يمن مونيتور” على النسخة الإلكترونية المعدلة منه على 62 بندا من المبادئ والأصول، تهدف الى تشكيل منهج للدعوة في اليمن والمنطلقات الأساسية للدعاة وضرورة التعاون على وحدة الصف والعمل الدعوي والتحذير من الخلاف والإسهام في بناء الإنسان علمياً ومعرفياً والاستفادة من الأخطاء السابقة.
وبحسب الاهداف التي وضعتها تنسيقية العلماء فان الميثاق ينص على الحفاظ على توحيد الصف، واجتماع الكلمة، وتنسيقِ الجهود لحماية الدعوة من التصدعات الداخلية والمؤامرات الخارجية، ووضع آلية للتعامل الشرعي مع مسائل الخلاف، وتحقيق التعاون، وترسيخ مبدأ التناصح والتحاور بالتي هي أحسن.
 
تأطير للأصولية الدينية..
ويرى الكاتب والصحفي “سليم خالد” أن الأصولية الدينية، وسلطة الدين السياسية، ظاهرة كبيرة في واقعنا العربي وهي أكثر انتشاراً وقوة في مجتمعنا اليمني المحافظ، وهي ظاهرة مثيرة للجدل الحاد، وذريعة كثير من النزاعات والصراعات، ولا يمكن تجاوزها او التعاطي معها بخفة.
ويضيف أن تأطير هذه الظاهرة بمواثيق ومعاهدات والتزامات اخلاقية، يمكّن من التعاطي معها بإيجابية، والاستفادة من نقاط قوتها، ووضع حدود منضبطة لتداعياتها السلبية، وتوظيف آثارها الايجابية، وإيجاد مساحة أكبر للالتقاء معها على المصالح العامة للناس.
ويؤكد سليم خالد في معرض حديثه ل “يمن مونيتور ” أن يتفق مع تأطير أي ظاهرة بمواثيق ومعاهدات، فذلك أفضل من بقائها سائبة تتفاقم وتتضاعف بعيداً عن أي ضوابط أو محددات.
 
ميثاق شرف.. وليس وثيقة بديلة عن الحوار الوطني.
ويستشهد “سليم ” بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على ما فيه من الثغرات التي تتعارض مع الاعلان نفسه، وتبرر للعنصرية والانتهاكات التي يمارسها واضعوا الاعلان، بطريقة أو بأخرى، الا أنه يمثل إنجازاً كبيراً ومرجعاً يمكن من خلاله الحد من انتهاكات حقوق الانسان ومحاسبة قوى الهيمنة التي دفعت لوضع هذا الاعلان وبنفس الوقت هي وحدها من يمارس كل التجاوزات في حقوق الانسان.
ويعتبر سليم ان الميثاق لا يتعارض مع مخرجات الحوار الوطني، وان تعارضت فهي ليست وثيقة بديلة لمخرجات الحوار؛ وليست ملزمة لاحد الا لفئة العلماء والدعاة فقط الذين تبنوها كفكرة ووقعوا عليها؛ وهي لا تختلف عن ميثاق شرف بين فئة من المهنيين على سبيل المثال.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى