كتابات خاصة

تهنئة

محمود الحافظي

هذه أوقات مختلطة، مرج فيها الحزن والفرح، وتلاشى البرزخ بينهما فهما في كل عيد يبغيان!

هذه أوقات مختلطة، مرج فيها الحزن والفرح، وتلاشى البرزخ بينهما فهما في كل عيد يبغيان!
ويا لغرابة المشهد: هذا عذب فرات، وهذا عذب فرات!! تحمل الحياة في سلتها الكثير، وتأتي بعض اللحظات المميزة لتكتنز خلاصة هذه الحياة: جريان الأدمع الحرى على ضفاف الابتسامة الواثقة.. ومن بيده أن يحول دون هذا اللقاء؟ من له أن يوزع المشاعر بالقسطاس المبين؟
للحياة حتمها الذي يجري لمستقر له، عاصفة حد التماهي، مثقلة حد الامتزاج، ودائرية حد خيانة البدء للانتهاء وخديعة الوصول للانطلاق.. من يدرك من أين ابتدأ هبوب الفلك ومن يخمن موعدا لجودي الختام؟! من يستكنه لذعة الحزن ولا يجد فيه لمعة الفرح؟! ومن لا يزال بمقدوره استخدام اللونين لشرح بساطة الحياة؟ “يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل”، “وفيك انطوى العالم الأكبر”..
هو ذا موعد إلهي للاستفتاح في خضم الانتهاء.. وللفرح في رابعة الوداع.. وللزينة في مطلع فجر الغروب.. هو ذا ضحك يقهقه بالغصة، وختام يحمل خميرة العودة الأخرى الممهورة بالتغير والامتلاء.. في عالم المتقابلات التي تفرقت لتزداد وصلا، واتصلت لنزداد فعلا، حضر ذاتك لتعيش في غمرة الالتباس، وتحسس مواقع خطوك كي لا تضل إحداهما فتعلق مع الحقيقة في “لا مساس”.. ومن ضل بين المنزلتين استحق اليقين يوم يبعثون.
يا هائما بلوغ يقين المنزل؛ أنت الرحلة والراحلة والارتحال والسبيل.. فكن خالقا في كل وصول بذرة سفر، وفي كل رحلة دعاء ختام.. وكن حاملا في صلب حبك إصرارا يحض وارتياحا يؤوي.. وكن أملا يلد حضورا وحقيقة تستعذب الآمال.. وكن على حافة كل إرهاق منزلا تبرك فيه نياق جهدك، ومحطة تغادر منها إلى منتهى الابتغاء.. ومن ظن أنه يملك خيارات اليقين ضمن كل هذا الركام، فأنى له كل هذا الترف الهنيئ!!
هذه النقطة الملقاة عند التقاطع أو الالتقاء هي ذاتها لحظة استلقاء المكان في حضن الزمان وسريان الزمان في عروق المكان.. وهي ذاتها لحظة توغل الكفر في فضاءات الإيمان ولحظة تسلل الإيمان إلى غياهب جب الكفر.. ولقد قال جلال الدين الرومي يوما: “ما صورة الصنم هذه؟.. وهو بيت للكعبة.. وما نور الله هذا؟.. وهو دير للمجوس..”، وللبسطامي رأيه: “غب عن الطريق تصل إليه”، “من قال أن الأضداد لا تلتقي؟”، إنها تحتل ذات المساحة فمكثر ومقل، “فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق”..
عيدكم مبارك،
كل لحظاتكم بخير،،،
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى