“جعالة العيد” في زمن الحرب… لمن استطاع إليها سبيلا! (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ من إفتخار عبده
يطلق اليمنيون على عيد الفطر المبارك مصطلع (عيد الجعالة)؛ وذلك لأنهم يعتادون فيه على شراء الزبيب والكثير من المكسرات بأنواعها في هذه المناسبة، كما يطلقون على عيد الأضحى مصطلح (عيد اللحمة)؛ لذبح الأضاحي فيه.
والجعالة هي: الزبيب وملحقاته من المكسرات الأخرى والحلويات، ويبدو أن عيدهم هذا العام سيكون بدونها نظرا لارتفاع أسعارها في الأسواق، في الوقت الذي يعيش فيه المواطنون أزمة كبيرة.
ويعزف الكثير من اليمنيين عن شراء مكسرات العيد؛ لأن هناك ما هو أهم منها كلقمة العيش وملابس العيد التي أعاقت الكثير عن شرائها.
ويقول المواطن، محمد حمود “لم أستطع شراء ربع كيلو من الزبيب والمكسرات لهذا العيد
جعالة لأطفالي؛ بل إن هذا الأمر لم يعد من أوليات العيد كما كان في السابق فهناك أمور لم نستطع توفيرها وهي أهم من هذا بكثير”.
ويسكن أبو علي (40 عاما) بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن ويعمل في الأجر اليومي بمهنة نقل الأحجار، ويتقاضى بيومه الواحد ثمانية آلاف ريال بالعملة الجديدة.
وتشهد أسعار الزبيب والمكسرات قبيل العيد ارتفاعا ملحوظا في الأسواق؛ إذ بات سعر الكيلو الواحد من الزبيب متوسط الجودة 10000ريال، وسعر الكيلو الواحد من الشكلاته 5000 ريال ناهيك عن المسكرات الأخرى.
وبسبب هذا الغلاء يشكو العديد من المواطنين عدم قدرتهم على توفير جعالة العيد لأطفالهم، عوضا عن الملابس التي لم يستطيعوا شراءها هذا العام.
رسم البسمة حلم صعب
ويواصل محمد حديثه ل “يمن مونيتور” في السابق كنت أشتري جعالة العيد لأطفالي إلى جانب الملابس لكن هذا العام والعام الذي قبله ارتفعت فيهما أسعار الزبيب والمكسرات بشكل أكبر؛ الأمر الذي جعلني عاجزا أمام شرائها “.
وأضاف” أمتلك أربعة أطفال والعام الماضي كسيتهم من أسواق الملابس المستعملة، وهذا العام بالكاد استطعت توفير جزء من ملابسهم وما عادت تهمني الأمور الأخرى، أطفالي يعلمون أني لا أستطيع شراء المكسرات؛ لكني كنت أتمنى أن أرسم البسمة على وجوههم بها “.
وتابع” واجهت العديد من الصعوبات في البحث عن العمل، وكنت أعثر عليه لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع ثم تنتهي المدة المتاحة لي، ومنذ شعبان إلى اليوم لم أجد أية فرصة عمل “.
وأشار إلى أن” الكثير من المواطنين يلقون صعوبة كبيرة في شراء الزبيب والمكسرات جراء قلة الأعمال والأشغال هذا العام “.
ومضى قائلا:” كل ما أتمناه هو سعادة أطفالي ورسم البسمة على شفاههم، وأن أوفر لهم كافة مطالبهم “.
ويعد محمد واحدا من آلاف اليمنيين الذين لم يستطيعوا شراء المكسرات لأطفالهم ورسم البسمة على وجوههم عوضا عن الملابس الغالية.
تجارة غير مربحة
ويرى تجار أن الزبيب والمسكرات لم تعد تجارة مربحة في السنوات الأخيرة من زمن الحرب؛ نتيجة لارتفاع أسعارها من ناحية وقلة نسبة الإقبال عليها من المواطنين من ناحية أخرى.
ويقول علي ناصر (صاحب بسطة زبيب ومكسرات في الباب الكبير وسط مدينة تعز) “التجارة بالزبيب والمكسرات كانت مربحة قبل الحرب وفي السنوات الأولى من الحرب لكنها في الوقت الحالي لم تعد مربحة وخاصة هذا العام”.
وأضاف ناصر ل يمن مونيتور “نسبة الإقبال علينا قليلة جدا، ومن يأتون للشراء يأخذون كميات قليلة جدا، ومن الأنواع الرديئة أو المتوسطة وأما الأنواع عالية الجودة لا أحد يبحث عنها على الإطلاق”.
وتابع “اضطررنا أن نضع أكياسا صغيرة سعة ربع كيلو أو أقل حتى يتمكن المواطن من شرائها بأقل التكاليف، ووفرنا أنواعا من الشكولاتة رخيصة الثمن لكن على الرغم من هذا تبقى نسبة الإقبال قليلة جدا”.
وواصل “المواطنون اليوم ما عادوا ينظرون للكماليات بقدر ما يركزون على الأساسيات أن استطاعوا توفيرها”.
واختتم قائلا “نتمنى أن تنتهي الحرب ونعود لأعمالنا بكل شغف، نحن ومن يقبلون علينا من المواطنين”.
بدورها تقول حياة هاشم (زوجة شهيد) “ما عادت المكسرات بالنسبة لنا- أسر الشهداء- في قائمة اهتماماتنا على الإطلاق، نحن لا نلتفت لها ولا نفكر حتى بشرائها فبالكاد نحصل على ملابس العيد للأطفال”.
وأضافت هاشم ل “يمن مونيتور” لدي خمسة أطفال تثقلني كسوتهم كثيرا، فأنا أحاول أن أجمع بملغ من المال من قبل العيد بأشهر ولكن المبلغ الذي جمعته هذا العام لم يكن كافيا “.
وتابعت” قلت المساعدات التي كانت تأتي لأسر الشهداء كل عام في شهر رمضان، وقد كنا هذا العام نتعشم فيها خيرا لكنها تراجعت بنسبة كبير في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار “.
وواصلت” سأكتفي يوم العيد بإعطاء أطفالي مبلغا صغيرا من المال- إن وجد- ليذهبوا به للبقالة ويشترون بعض الحلوى أو بعض المثلجات حتى لا يشعروا باليتم من نواح عدة “.
وتشهد الأسواق المحلية اليمنية موجة غلاء كبيرة في زمن الحرب، ترتفع كل عام، وتزيد في التضييق على المواطنين الذين أصبحوا اليوم يعزفون عن شراء الكثير من الكماليات ويكتفون فقط بالأمور الضرورية ومنهم من لا يحصل على الضروريات.