أخبار محليةاخترنا لكمالأخبار الرئيسيةتقارير

طلاب الأرياف في جامعة تعز.. معاناة ومخاطر مضاعفة تواجه طموحهم الدراسي

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من أسامة كُربش

يضطر “حسام” للذهاب والعودة يومياً من قريته إلى جامعة تعز وسط المدينة المحاصرة من الحوثيين منذ سنوات. في رحلة تستغرق ساعتين ونصف أهلكته وعائلته.

ويمر الطالب الجامعي بشكل عام خلال أيام دراسته بصعوبات وعوائق شتىٰ إلا أن هناك فئة طلابية أخذت النصيب الأكبر من المُعاناة والمُعوقات، الطلاب القادمين من الريف لا تمضِ أيامهم الدراسية بسهولة ويخوضون يومياً رحلات مضنية ويُكافحون بكل تعب وجهد من أجل رسم مستقبلهم المنشود.

يقول محمد الوجيه طالب في قسم الاعلام جامعة تعز من مديرية مشرعة وحدنان لـ”يمن مونيتور” بأنها ليست معاناة بل مجموعة من المعاناة التي يتجرعها بشكل يومي لكي يصل الى الجامعة.

 

معاناة الطريق

وأضاف أن أهم معاناة وأكثرها “مسافة الطريق غير الآمنة والتي نشهد فيها حوادث مراراً وتكراراً كونها طريق غير معبدة ومتعرجة وتشهد انقطاعات عديدة بسبب الأمطار الغزيرة في فصل الصيف وأحياناً نضطر أنا وبقية الطلاب من أبناء القرية إلى مواصلة المشوار سيراً على الأقدام إلى منطقة صينة”.

يضيف محمد أن الإمكانيات والتكاليف التي ننفقها في الذهاب والرجوع إلى القرية قد ارتفعت بنسبة أكثر من 100% خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع أسعار المواد البترولية حيث كنت في مستوى أول أدفع ألف ريال للذهاب والعودة أما الآن أدفع 3500 ريال.

ويؤكد محمد بأن ارتفاع التكاليف من أبرز الأمور التي تحطم آمال مواصلة التعليم العالي لكثير من الزملاء وأنه يعرف طلاب أوقفوا الدراسة وذهبوا للعمل حتى يتمكنوا في الأعوام المقبلة من مواصلة الدراسة.

ويضيف محمد أن من أبرز المشاكل التي تواجه طلاب الجبل أو القرية هو تقلبات الطقس في فصل الشتاء في الصباح الباكر حيث نفيق على جو شديد البرودة وعند العودة تكون الأجواء حارة ومشمسة وهذا يسبب انكماش في جسم الطالب واعتقد أنه لا يوجد منا من لم يصاب بالتهابات رئوية أو أنفية.

يقول الوجيه أنه رغم معاناة الطريق الدائمة لا يتفهم أعضاء هيئة التدريس معاناتهم، وأن الإجابة الدائمة في حال تأخر الطالب أو تغيّب تكون “لا دخل لي مثلك مثل باقي الطلاب، وهنا أسأل هل معاناتي مثل معاناة طالب في وسط المدينة يكلفه الأمر خمس إلى عشر دقائق للوصول باكراً إلى الجامعة”.

وأضاف: هنا أشعر بالإحباط.

طلاب في تعز أثناء اختبارات -فيسبوك

فتيات الريف في جامعة تعز

تتشارك معاناة الوجيه مع كثير من الطلاب القادمين من الأرياف إلى جامعة تعز، لكن الفتيات يعانين بشكل أكبر إضافة إلى معاناتهن وسط مجموعة مزدحمة من المآسي.

تقول إيناس السبئي طالبة في قسم الانجليزي من مديرية المسراخ لـ”يمن مونيتور” إن طالبة الريف تتعرض لاضطرابات وصعوبات في كافة الأصعدة الاقتصادية والنفسية والصحية.

وأضافت: من الناحية الاقتصادية تواجه المرأة الريفية أزمة اقتصادية بارزة إثر نفقات السفر اليومي بين القرية والمدينة طيلة أيام العام الدراسي الجامعي، وبالرغم من أن التقشف قد أصبح هو السائد لدى الطالبات إلا أن بعض الأُسر قد تجد صعوبة بالغة في توفير نفقات السفر ومستلزمات التعليم الأساسية مما يستدعي التغيب عن الدوام أو التوقف نهائياً بعد رحلة عناء طويلة.

أما عن الوضع الصحي والنفسي المضطرب تقول إيناس بأنه حصيلة الظروف القاسية التي تعيشها المرأة الريفية والثمن الباهظ الذي تدفعه طالبة الريف بأن تكون شريكة في التنمية، “ومن هذه الاضطرابات الصدمات النفسية التي تتعرض لها الكثيرات إثر الحوادث المرورية أو ظروف الحرب الراهنة كوضع الطرق وغيرها والتي من شأنها غرس الذعر والفزع في نفوس المسافرين وخاصة القطاع النسائي، وكل هذه عوامل يترتب عليها إجهاد جسدي ونفسي يفوق حمل المرء الطبيعي”.

 

مشكلة السكن

ومن أبرز المعوقات التي تواجه طلاب الريف هي صعوبة إيجاد سكن في أيام الدراسة، حسام عبده طالب في كلية العلوم الادارية جامعة تعز من مديرية جبل حبشي يقول لـ”يمن مونيتور” إنه استأجر شقة سكنية في وسط مدينة تعز عندما كان في مستوى أول بقيمة 20 ألف ريال ولكنه تركها بعد توقف الدراسة بسبب جائحة كورونا واضطر للعودة الى القرية.

وعندما تم استئناف الدراسة لم يستطع “حسام” العثور على شقة سكنية في المدينة وحتى وإن وجد فإن أقل قيمة هي 40 ألف ريال ناهيك عن متطلبات العيش من أكل وشرب وأثاث التي ارتفعت أسعارها بمبالغ خيالية بسبب انهيار العملة اليمنية. -الدولار يساوي 990 ريالاً.

واضطر حسام للذهاب للجامعة والعودة للقرية يومياً في رحلة تستغرق الساعتين والنصف وبتكلفة الثلاثة ألاف ريال.

أما محمود علي الطالب في قسم اللغة العربية من مديرية المسراخ يقول “لا شك أن الريف منبع الثقافة وأغلب العلماء والأدباء والعباقرة  من الريف لكن ريف اليوم تنكر له أهله وأُهمل من الخدمات الأساسية التي أهمها التعليم وعزف الكثير من البنين والبنات عن التعليم لما يجدونه من صعوبة المواصلة للتعليم ومعاناة الدراسة”.

وأضاف علي لـ”يمن مونيتور”: إن أصر البعض من طلاب الريف مواصلة تعليمه لا بد أن يتحمل الصعاب ويعاني الويلات في مسيرته العلمية سواءً كانوا بنين أو بنات، يتحمل البرد في الشتاء والحر في الصيف مسافراً، يغدوا خماصاً ليلحق المحاضرات ويعود خماصاً، منهكاً متعباً من السفر، وربما عاد جائعاً ليوفر أجرة المواصلات، يُضيع وقته ذهاباً وإياباً فلا هو استمع للمحاضرة بوعي ولا هو تمكن من المذاكرة بعد عودته من رحلته الشاقة المرهقة.

ودعا محمود علي مسئولي البلد والجامعة خصوصاً أن يكون لهم لفتة حانية لطالب الريف والتخفيف من معاناته وتوفير أدنى ما يمكن كالمواصلات والسكن الجامعي.

طلاب جامعة تعز خلال فعاليات -ارشيفية

لا تمييز بين طلاب الريف والمدينة

من جانبه تحدث ل”يمن مونيتور” الدكتور رياض العقاب نائب رئيس جامعة تعز القائم بأعمال الجامعة أن جامعة تعز تتعامل مع جميع الطلاب بدون تمييز ومن المؤكد والبديهي أن طلاب الريف هم من يُعانون ولا يوجد لوائح أو بنود تُميز بين طالب المدينة وطالب الريف.

وأضاف العقاب: لكن هناك أولويات في إدارة الخدمات الطُلابية ومن ضمن الخدمات التي تأتي من فاعلين الخير توزيع الوجبات الغذائية للعُزب الطلابية من خلال دراسات ميدانية لنيابة شؤون الطلاب أما بالنسبة للطالبات فقد وفرت الجامعة سكن يستفيد منه 200 طالبة سنوياً.

وأضاف العقاب أن الجامعة بدأت بالاهتمام بالمناطق النائية كالوازعية وموزع “حيث وجدنا ندرة في عدد الطلاب من هذه المناطق وقد أفردنا مقاعد خاصة تنافسية لهم وخصصنا 30 مقعد لمديريات الساحل”.

واختتم العُقاب حديثه أن جامعة تعز تقدم أولاً وأخيراً خدمة تعليمية “وليس من مفهومها الضمان والمساعدة إلا في حدود إمكانياتنا ونساعد في الرسوم وأكد العقاب أن جامعة تعز ستكون سنداً لجميع طلاب الريف وتُحاول جاهدةً مساعدتهم في التغلب على معاناتهم وهذا ما يميز تعز مدينة العلم والثقافة الاستمرار في طلب العلم رغم الصعوبات والعراقيل الكثيرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى